المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 27 مارس 2012

الثورة هى الطرف الثالث لوائل قنديل بالشروق


حتى لا ننسى: لولا دعم الإخوان لما مرت صفقة تنصيب كمال الجنزورى رئيسا للحكومة، فى تحد واضح لكل مطالب ومبادئ الثورة، فالرجل هبط على كرسى رئيس الوزراء بإرادة المجلس العسكرى، وعلى متن قارب إخوانى شق أمواج التحرير.

أضف إلى ذلك أن القوى الثورية ذهبت إلى البرلمان ووضعت تحت يدى الأغلبية البرلمانية الإخوانية مبادرة جماعية تحمل مطلبا عاجلا بأن يشكل أصحاب الأغلبية فى البرلمان حكومة تعفى مصر من أخطاء وجرائم من يديرون البلاد، كان ذلك قبل أكثر من شهرين، غير أن المبادرة فسرت للأسف على أنها فخ للإخوان، ومحاولة خبيثة لتعكير صفو التحالف بينهم وبين العسكرى، وبالتالى دفنوها فى الأدراج.

ولذلك يصعب كثيرا أن يصدق أحد أن ما يجرى تصويره على أنه معركة بين الإخوان والعسكرى الآن هو صراع على تشكيل حكومة إخوانية بديلة لحكومة الجنزورى، فالظروف كانت مواتية أمام الإخوان للقيام بخطوة كهذه ولم يفعلوها.

والحاصل أننا أمام احتمالين لا ثالث لهما فى هذه اللحظة، فإما أن الحليفين الاستراتيجيين اختلفا فعلا نتيجة تجاوز مساحة الدور المسموح به للجماعة، فقرر الطرف الأقوى إعادتهم إلى حجمهم والانفراد بالمسرح كله.. وإما أن ما نراه أشبه بمعركة بلاى ستيشن يراد للجمهور أن يصدقها ويتفاعل معها على أنها معركة حقيقية، بعد أن لاح فى الأفق أن طبخة جديدة تتم تسويتها، بحيث تكون الهيمنة على تأسيسية الدستور مقابل بقاء حكومة الجنزورى.

وفى كلا الاحتمالين تجد القوى الوطنية والثورية نفسها أمام اختبار صعب، يعيد إلى الأذهان محنة 1954 عندما التحم الأفيال فى صدام عنيف، انتهى بالعسكرة على حساب الديمقراطية، ودفعت القوى المدنية ثمنا فادحا، تماما كما يحدث للأرانب والكائنات الوديعة عندما يتصارع الأفيال.

وبما أنه من المفترض أن يكون الجميع قد تعلموا من درس الماضى، البعيد والقريب، فإنه سيكون شكلا من أشكال الانتحار لو ابتهجت القوى المدنية باستدارة العسكر ضد الإخوان، أو انحازت للإخوان ضد العسكر.. والأجدر والأصح أن تتعالى قوى الثورة على هذه المعادلة، وتحتشد كبديل ثالث، يناضل بشكل جاد ومحترم وفق أجندة الثورة، ويكون المعيار الوحيد الذى يحكم حركتها وعلاقاتها، هو مدى انتماء هذا الطرف أو ذاك لأهداف ومبادئ الثورة فى أنصع صورها ومعانيها، كما تجلت فى مرحلة فجر الثورة.

إننا باختصار فى حاجة ماسة إلى الطرف الثالث، بالمعنى الحقيقى والمحترم، وليس بذلك المعنى المبتذل الذى جرى تسويقه واستخدامه طوال الفترة الماضية فى ارتكاب جرائم ضد الثورة.

فلتكن الثورة هى القوة الثالثة والبديل الذى تحتاجه مصر، ولا تركن القوى الثورية إلى لعبة الاستقطاب والاستدراج، من قبل غريمين، كانا شريكين ضدها فى البداية ثم اختلفا.

لقد كانت مصر رهينة ثنائية «الوطنى» و«الإخوان» قبل الثورة، ولا يتصور أن يكون هذا مآلها مرة أخرى بعد كل هذه التضحيات من الشهداء والمصابين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق