المشاركات الشائعة

الخميس، 1 ديسمبر 2011

عرس الديمقراطية أم فرح (العسكرى)؟ لوائل قنديل - الشروق

مرة أخرى يثبت الشعب المصرى أنه وقود التغيير وعتاده، ويؤكد مرة أخرى أنه البطل فى كل ما يعرض علينا من أعمال.

إن أجمل ما فى المرحلة الأولى للانتخابات هذا الحضور الكثيف للمصريين، وهذا التحدى الكبير أمام سيناريوهات الرعب والفزع والدم، وبالتالى يمكن اعتبار ما جرى عرسا انتخابيا، حتى وإن أراد البعض تحويل العرس الشعبى إلى «فرح العمدة» والعمدة هنا هو العسكرى، حيث لا يرى البعض فى هذا المشهد الشعبى بامتياز إلا مناسبة سعيدة لكيل المديح لـ«العسكرى» والتغزل فى ديمقراطيته الوارفة.

لقد خرج المصريون بهذا التدفق لأنهم جوعى للانتخابات وعطشى لممارسة سياسية حقيقية منذ عقود طويلة، وراغبون حقا فى أن تنتقل السلطة إلى حكومة مدنية، وليس مجاملة للعمدة فى فرحه، تماما مثلما خرجوا فى الاستفتاء الشهير حول التعديلات الدستورية، ثم فوجئنا جميعا بمن يقول إن الاستفتاء لم يكن على الدستور، بل كان على تفويض العسكر بحكم مصر، فى واحدة من أوضح عمليات الغش السياسى التى تمت بمعاونة أناس يعتبرون أنفسهم الإسلام، على الرغم من أن رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام يقول «من غشنا فليس منا».

والمفارقة المدهشة فى هذا المشهد كله أن المجلس العسكرى الذى يتحدث عن «عرس الديمقراطية» هو ذاته الذى يفرض على المصريين حكومة يتولاها رئيس حكومات حسنى مبارك بالرغم من رفض الميادين لها، بل ولا يمانع فى أن يطلق عليها «حكومة إنقاذ وطنى».

ولأنها التجربة الأولى لأجيال من المصريين فى ممارسة الانتخابات بشكل حقيقى، فإنها لم تخل من ارتباكات وتعثرات أية تجربة أولى، خصوصا أنهم أخذوا إلى الصناديق على حين غرة، فلم تتوفر المساحة الكافية للتعرف على برامج الأحزاب والمرشحين المستقلين، فضلا عن لوغاريتمات النظام الانتخابى ونظام تقسم الدوائر الذى يجعل من تحديد الاختيار عملية صعبة حتى على المتخصص فى العلوم السياسية.

وفى مناخ كهذا لا يمكن أن تلوم الشعب أو أن تتهمه بالقصور فى ممارسة حقه الانتخابى، فلقد فعلت الجماهير ما عليها وخرجت إلى الصناديق بمعدلات غير مسبوقة، لكن المشكلة كانت فى متاهة التصويت، وهى متاهة مصنوعة بعناية، وضعت الناخب فى مأزق دفع بالبعض إلى استغلال هذه الحيرة فى التشويش على القرار حتى اللحظات الأخيرة، والروايات عديدة عن اختراقات شديدة لحاجز أصول وأخلاقيات الدعاية الانتخابية، وانتهاكات أكثر لقواعد التصويت، سواء ما تعلق بما يعرف بالورقة الدوارة أو بشراء بطاقات الرقم القومى، غير أن الأخطر من كل ذلك كان استخدام الدين فى التأثير على قرار الناخب.

وكل ذلك لا ينفى أن الشعب المصرى ضرب مثلا جديدا فى الرغبة فى المشاركة الإيجابية، وممارسة حقه فى الاختيار، لكن السؤال المهم هنا: هل يمكن اعتبار ما ستسفر عنه هذه الانتتخابات برلمان الثورة؟ أشك فى ذلك كثيرا لأن الثورة لم تكتمل بعد ومن ثم لا مجال للحديث عن تزويجها قسرا بمن لم تختره بإرادتها الحرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق