المشاركات الشائعة

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

لماذا لا نجرب؟


  بقلم   محمد سلماوى       المصرى اليوم
أتفق تماماً مع الرأى الذى يروّج له أتباع الإسلام السياسى رداً على تخوف المواطنين من سيطرة الإخوان والسلفيين على الحياة السياسية، والذى يدعو لتجربة الحكم الدينى، بعد أن قضت مصر تاريخها الحديث كله تحت مختلف الأنظمة المدنية.
لماذا لا نجرب قطع الأيدى ورجم الأحياء؟ لماذا لا نجرب فرض النقاب على كل النساء كما يحدث فى أفغانستان؟ أو فى بعض الدول الشقيقة التى يطوف فيها أعضاء جمعية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فيضربون النساء إذا ظهرت بعض خصلات من شعورهن ويصيحون فى كل منهن: «غطى شعرك يا حرمة»!!
ولماذا لا نغلق الشواطئ والفنادق والمنتجعات، ونلقى القبض على السائحات اللاتى يرتدين «المايوه» كما صرح الشيخ الجليل حازم صلاح أبوإسماعيل الذى يعتبر خير متحدث باسم الإسلام الصحيح، وسفير الإسلام الذى نفخر به أمام العالم؟
لماذا لا نجرب تحريم الموسيقى وإغلاق مدارس الفتيات؟ صحيح أن الرسول استقبل عند دخول المدينة المنورة بالموسيقى والغناء، لكن ربما أنه لم يرد أن يكسف مستقبليه، لذلك لم ينههم عن تلك الرذيلة الكبرى، وكان ينتظر أن يأتى من يدعون اتباعهم للإسلام بعد ذلك بأكثر من ألف سنة كى يحرموا ما لم يحرمه.
لماذا لا نجرب حظر قيادة النساء للسيارات ولا نسمح لهن باستخدام الإنترنت إلا فى وجود محرم كما دعا أحد الشيوخ العارفين بأصول الدين؟
لماذا لا نصادر أعمال نجيب محفوظ التى تتضمن بعض الشخصيات التى لا تتبع السلوك القويم كما دعا شيخ آخر من شيوخ السلفية الأجلاء؟ صحيح أن الكتب السماوية جميعاً تتضمن بعض الشخصيات ذات السلوك غير القويم مثل إبليس، كما أن بها أيضاً أحاديث عمن يرتكبون الرذيلة وعن الكافرين بالله وبرسله، لكنها كلها مقبولة فى الكتب السماوية مرفوضة فى أعمال نجيب محفوظ.
إن العالم يحتفل هذا العام بالذكرى المئوية الأولى لميلاد أديب العربية الأكبر الحائز على أهم جائزة أدبية فى العالم، وقد دعيت لتركيا وإيطاليا وفرنسا واليابان للمشاركة فى احتفالات بهذه المناسبة، لكن ظروفى لم تسمح إلا بزيارة تركيا، فلماذا لا يكون احتفالنا هنا مختلفاً عن احتفالات الصليبيين الكفار فى الخارج؟ لماذا لا ننتهز هذه المناسبة لمصادرة روايات نجيب محفوظ التى قاربت على الـ٤٠ رواية وقصصه القصيرة التى تزيد على الـ٣٥٠ قصة ومسرحياته الخمس القصيرة، فنقدم بذلك مثالاً فريداً على سماحة الإسلام الذى قدم للعالم واحدة من أعظم حضاراته؟ لماذا لا نصادر «ألف ليلة وليلة» وروايات إحسان عبدالقدوس وقصص يوسف إدريس؟
لماذا لا نحطم تلك الأصنام القبيحة التى تركها لنا المصريون القدماء التى سهى على سلفنا الصالح عمرو بن العاص أن يحطمها حين فتح مصر؟ صحيح أن العالم كله يقف أمامها مشدوهاً ويأتى من أركان الدنيا الأربعة كى يشاهدها ويكتب الكتب التى تتغنى بروعتها ويعدها ضمن عجائب الدنيا، لكنها فى الواقع أصنام قبيحة يخشى على المؤمنين من فتنتها وترك الإسلام لعبادتها.
إن التجربة ليست عيباً وهناك دول تجرب طريقاً فإذا لم يفلح جربت آخر، وها هى إيران تجرب طريق الدولة الدينية تحت حكم الملالى منذ سبعينيات القرن الماضى دون أن تخرج من التجربة، وقد تبعتها أفغانستان تحت حكم طالبان ولم تخرج هى الأخرى، فالملاحظ أن تجربة الدولة الدينية عادة ما تأخذ عشرات السنوات أو أكثر، ولا يمكن الخروج منها بسهولة، وأن العائشين فى ظلها يبدون فى غاية السعادة، ثم إن مصر ما هى إلا حقل للتجارب، فلماذا لا نجرب؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق