جاءنا التحذير، ولم نصدق، ترك السواح الإسرائيليون سيناء، وعادوا إلى إسرائيل، ولم نصدق، وقلنا: ليس من المعقول أن يقتل مسلم مسلماً فى وقت الإفطار! ولم نصدق! وكأن من قتل السادات لم يكن مسلماً، وكأن من قتل الإمام على بن أبى طالب لم يكن مسلماً، وكان اسمه عبدالرحمن بن ملجم. لماذا لا نصدق؟! ليس عندى تفسير سوى أننا لا نصدق لأنن
ا نكذب، وهذا معناه أن شكوكنا فى غيرنا تنبع من معرفتنا بأنفسنا.
كتب الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة الأسبق، كيف أن هنرى كوريل المصرى الجنسية، اليهودى الديانة، تم طرده بواسطة جمال عبدالناصر، هذا الرجل استطاع الحصول على نسخة من وثيقة الخطة الكاملة للهجوم الثلاثى على مصر ١٩٥٦، وسلمها إلى عبدالرحمن صادق، الملحق الإعلامى المصرى فى السفارة المصرية فى باريس، ولكن عبدالناصر لم يصدق هذه الوثيقة، وتم العدوان الثلاثى تماماً، كما جاء فى الوثيقة، وبعد خروج الأعداء الثلاثة بشروط سرية، أهمها فتح خليج العقبة لإسرائيل، الذى كان سبباً فى حرب ١٩٦٧، حين أمر عبدالناصر بإغلاقه، خرجوا بعد ضمان أمريكا لعبدالناصر، حين قال وزير خارجيتها جون فوستر دالاس: !Naser is my boy أى عبدالناصر.. ولدى! يقول د. ثروت عكاشة فى مذكراته: «بعد أن ثبت لنا وطنية هنرى كوريل وحبه الشديد لمصر بالرغم من ترحيله وحصوله على الجنسية الفرنسية، طلبت من جمال عبدالناصر أن يرد الجنسية المصرية لهنرى كوريل، الذى كانت مصر عنده قبل إسرائيل، وقبل دينه اليهودى، وقبل فرنسا وطنه الثانى، ولكن عبدالناصر رفض ذلك تماماً»!! يسطر لنا د. ثروت فى مذكراته: انضم هنرى كوريل إلى حركة التحرير فى الجزائر، وبعد استقلال الجزائر، تبرع هنرى كوريل ببيته فى الزمالك ليصبح مقراً للسفارة الجزائرية فى القاهرة حتى الآن!
لقد فقد الإخوان شعبيتهم، لأنهم يكذبون، كذبوا فى النسبة العددية لمجلسى الشعب والشورى، كذبوا فى موضوع الترشح للرئاسة، حتى رموزهم يكذبون.. حازم صلاح أبوإسماعيل وجنسية والدته الأمريكية، «البلكيمى» والبلاغ الكاذب بالاعتداء عليه وسرقة مائة ألف جنيه، ويتضح أنها عملية تجميل لأنفه، «ونيس» عضو مجلس الشعب السابق، والفعل العلنى الفاضح، والكذب أمام أجهزة التحقيق، الكذب بخصوص انقطاع التيار الكهربائى، وأن السبب هو كثرة الاستهلاك، بينما السبب هو: السولار لغزة قبل مصر! الكذب فى احترام الدستور بقسم أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم نسف هيبتها فى لحظة!
يقول جيمس هنرى برستد معلقاً على الوصايا العشر فى التوراة وخلوها من: «لا تكذب».. يقول: إن القانون الأخلاقى فى مصر القديمة أسمى بكثير من الوصايا العشر، لأن القانون الأخلاقى الذى ليس فيه لا تكذب.. إنما هو قانون أخلاقى ناقص «جيمس هنرى برستد - فجر الضمير ص ١٠».
نحن دائماً نكذب.. الهزيمة نكسة، والكوليرا إسهال صيفى، وصلاح الدين الأيوبى كان بطلاً «على ياسين - ٢٥٠٠ سنة احتلال - الاحتلال الأيوبى المملوكى لمصر - دار ومكتبة الحرية»، حتى تاريخنا.. انتقائى ومزيف، والحقيقى منه مُغيب، قال لى أحدهم: كيف يقتل مسلم مسلماً؟ قلت بل قل: كيف يقتل إنسان إنساناً؟! كانت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد تطالب دائماً بإعادة كتابة التاريخ صحيحاً خالياً من الأكاذيب.. فلو عرفنا تاريخنا على حقيقته لما طالبنا بالخلافة. سألت طفلة بريطانية: ماذا تريدين أن تكونى حين تكبرين؟ قالت: «آن بولين» حتى أقتل هنرى الثامن قبل أن يقتلنى! قلت لنفسى: هؤلاء قوم لا يزيفون التاريخ حتى إن كان هنرى الثامن مؤسس كنيسة إنجلترا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق