المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 28 فبراير 2012

حمدى أحمد: الإسلاميون يتعاملون مع البرلمان كأنه خطبة الجمعة


- المصرى اليوم  كتب   محمد طه        
حمدى أحمد
اعتذر حمدى أحمد عن عدم المشاركة فى بطولة مسلسل «باب الخلق» الذى يجرى تصويره حالياً، وكان من المفترض أن يجسد من خلاله شخصية محامى الجماعات الإسلامية. وكشف حمدى عن أسباب الخلاف وقال: المسلسل تم تفصيله لمحمود عبدالعزيز وأولاده لأنه المنتج و«مش عايز حد يبقى أحسن منه»، وهذه ليست دراما، كما أن مؤلف العمل محمد سليمان شوه صورة المحامين، حيث قدم شاباً خريج كلية الحقوق فى دور قواد، كما اتهم بعض المحامين بأنهم متواطئين مع جهاز مباحث أمن الدولة.
 وأضاف: المؤلف يتبنى أيضا وجهة النظر الأمريكية التى تزعم بأن الأفغان إرهابيين وخلال أحدث المسلسل يأتى أحدهم إلى مصر لقتل محمود عبدالعزيز، وأنا لا أقبل هذا الكلام، وفى المقابل رفض المؤلف والمخرج النقاش فى الأمر، وهذه ليست حقيقة الشعب الأفغانى لأنه يدافع عن بلده من الغزو الأمريكى الذى يرغب فى السيطرة عليه وعلى موارده من البترول، «وأنا مش على آخر الزمن هتبنى وجهة النظر الأمريكية».
وأكد أن من أسباب اعتذاره أيضا خوف محمود عبدالعزيز من أدائه لدور محامى الجماعات الإسلامية، موضحا أنه لم يحدث خلاف على الأجر أو بسبب وصوله إلى التصوير متأخراً كما قال البعض. وأشار حمدى أحمد إلى أن هناك تراجعاً فى مستوى المؤلفين، خاصة أن كثير من الأعمال يتم تقديمها من خلال مؤلفين يجلسون على «الطبلية» وهم من يطلق عليهم ترزية الدراما، مؤكداً أنهم ظهروا مع بداية تراجع التليفزيون عن إنتاج الأعمال الفنية الضخمة التى تحترم عقل الممثل والمشاهد.
وقال: لست الممثل الببغاء الذى يقول ما هو مكتوب فقط، فسبق أن ناقشت نجيب محفوظ فى شخصية محجوب عبدالدايم التى جسدتها فى فيلم «القاهرة ٣٠» خاصة أن هناك اختلافاً بين الرواية والفيلم.
وأوضح أنه يستعد للمشاركة فى بطولة مسلسل «فى غمضة عين» تأليف فداء الشندويلى، وإخراج سميح النقاش، مشيراً إلى أنه يجسد شخصية عم أنغام التى تخوض أولى تجاربها كممثلة.
وعن مذبحة بورسعيد قال: ما حدث بعد مباراة الأهلى والمصرى مؤامرة ووزارة الداخلية تتحمل المسؤولية، ويجب محاسبة المقصرين وتطهير الوزارة بشكل كامل. وأضاف: المجلس العسكرى «مش هيمشى» لأنه مستفيد من وجوده فى السلطة، ومجلس الشعب صامت على ذلك لأن أغلبيته من الإسلاميين الذين فتحت لهم الأبواب للدخول إلى البرلمان، وسبق أن أطلقت على هذا المجلس بأنه مجلس قندهار لأن ما يحدث تحت القبة أقرب إلى خناقة فى الباطنية، كما أن الإسلاميين يتعاملون مع البرلمان كأنه خطبة الجمعة.

الاثنين، 27 فبراير 2012

تقرير سرى عن مرشح توافقى لعلاء الأسوانى بالمصرى اليوم

سرى جداً (لا يُفتح إلا بمعرفة السيد مدير الجهاز)
السيد اللواء (......)
تحية طيبة وبعد،،،
تنفيذاً لما تقرر فى الاجتماع الذى عقدناه مع السيد المرشح التوافقى للرئاسة، بحضور سيادتكم وزملائى السادة الضباط فى الجهاز، حيث إنكم أكدتم أن السيد (.....) هو المرشح الذى سندعمه فى انتخابات الرئاسة، واستجابة لتعليمات سيادتكم أتقدم فيما يلى بعدة اقتراحات بهذا الشأن، وأرجو أن تنال موافقتكم:
أولاً: قبل البدء فى دعم مرشحنا التوافقى يجب التأكد من ولائه الكامل لنا وقدرتنا على السيطرة التامة عليه الآن وفى المستقبل. سيادة اللواء (.....) إن الظرف الدقيق الذى تمر به مصر يستوجب منا الحرص الكامل. إن هذا المرشح الذى نصنع منه رئيساً لمصر الآن يجب أن ينفذ كل ما نطلبه منه خصوصاً فى القضايا الجوهرية التى تؤثر فى مصير الوطن. يجب ألا نسمح لهذا الرئيس القادم بأن ينقلب علينا ويستسلم للمحرضين والمخربين. قبل بدء الحملة الانتخابية أقترح تحقيق السيطرة الكاملة على المرشح بالطريقتين السياسية والشخصية: من الناحية السياسية، يجب التفكير فى طريقة قانونية لإبطال الانتخابات الرئاسية لا نعلن عنها ويمكن استعمالها فى أى وقت إذا أردنا التخلص منه.. بالنسبة للجانب الشخصى، سوف تجد سيادتكم فى ملاحق هذا التقرير سيرة ذاتية مفصلة للمرشح، وبياناً كاملاً بعلاقاته النسائية وعاداته والأماكن التى يتردد عليها. لدينا سيديهات وفيديوهات وصور عن حياته الخاصة ستشكل فضائح تقضى على سمعته فى أى لحظة. فى انتظار تعليمات سيادتك بهذا الخصوص.
ثانياً: من أجل تحقيق النتيجة المرجوة فى الانتخابات يجب الاستمرار فى الضغط على المواطنين فى حياتهم اليومية. سوف نستمر فى تنفيذ الخطط المعتادة: سيستمر ارتفاع الأسعار وسوف تتفاقم أزمات المواد التموينية.. سيستمر النقص فى البنزين وأنابيب البوتاجاز والخبز المدعوم، فى الوقت نفسه سوف ندفع بالمسجلين خطراً للاعتداء على المواطنين الواقفين فى الطوابير. يجب إشاعة الفوضى فى كل مكان. يجب أن يفهم المصريون أن ما سموها (ثورة) لم تكن سوى (نكبة) جلبت عليهم الفوضى (تماماً كما تنبأ سيادة الرئيس مبارك فى خطابه الأخير).. يجب الدفع بعناصرنا من أجل تصعيد المظاهرات الفئوية وإضرابات الموظفين فى كل هيئات الدولة.. يجب دفعهم إلى حشد المتظاهرين من أجل قطع الطرق السريعة وإيقاف حركة القطارات.. فى الأسبوع الماضى دفعنا بمجموعات من البلطجية إلى ركوب أتوبيسات شركة غرب الدلتا ثم افتعلوا مشاجرات مع السائقين وضربوهم وقد استمرت الاعتداءات على السائقين لعدة أيام متوالية حتى أعلن السائقون الإضراب وتم إغلاق خطوط النقل كلها..
لابد أن يتزايد الانفلات الأمنى ويتخذ شكلاً أكثر اتساعا وخطورة (أشيد هنا بضرب عضوين من اللجنة الحقيرة التى أوصت بنقل سيادة الرئيس مبارك إلى مستشفى السجن).. سوف ينسق الضباط مع رجال الأعمال من أجل التمويل وسوف يزداد نشاط البلطجية فى الفترة المقبلة.. يجب الاستمرار فى السطو المسلح وإطلاق النار ليلاً فى الشوارع. بالنسبة للهجوم على البنوك يستحسن أن يتم فى وضح النهار حتى يتأكد للمواطنين انعدام الأمن.
 السطو على البنوك يحقق غرضين مهمين: ترويع المواطنين وخوفهم على مدخراتهم مما سيدفعهم لسحبها ويزيد من حدة الأزمة الاقتصادية.. فى الوقت نفسه يجب أن يستمر البلطجية المسلحون فى اعتراض المواطنين والاستيلاء على سياراتهم فى الطرق السريعة (مثل الطريق الدائرى وطريق وادى النطرون).. يجب دفع المسجلين خطراً للهجوم على مدارس البنات والأطفال، مما يؤدى إلى إشاعة الذعر بين أولياء الأمور. يجب أن يستمر البلطجية فى الهجوم اليومى على المستشفيات والاعتداء على الأطباء والممرضات. أقترح أن تكون الاعتداءات محسوبة بدقة بحيث تؤدى إلى إشاعة الذعر ولا تترك قتلى بقدر الإمكان.. (لأن ازدياد عدد القتلى قد يؤدى إلى تأثير عكسى ويدفع المواطنين إلى التمرد)..
 فى الوقت نفسه يجب أن تقدم وسائل الإعلام هذه الأزمات بطريقة مبالغ فيها مع ربطها بأحداث 25 يناير. يجب التركيز على أن الفوضى صارت شاملة وأن مصر على وشك الإفلاس حتى يكره المواطنون أحداث يناير ويعرفوا أنها السبب فى كل هذه المصائب.. استمرار الضغط بالأزمات والانفلات الأمنى سوف يضع المواطنين فى الحالة النفسية المطلوبة.. الغرض هنا أن يقبل المواطن أى شىء من أجل استعادة أمنه وحياته الطبيعية مما يجعله ينتخب المرشح الذى ندعمه، وفى الوقت نفسه سوف يتغاضى عن أى تجاوزات تحدث فى العملية الانتخابية لأنه يريد الاستقرار بأى ثمن.
ثالثاً: بالنسبة للإعلام الرسمى فقد استعدنا سيطرتنا على العناصر المتعاونة معنا وتم تجنيد عناصر جديدة (صحفيين ومذيعين ومعدين للبرامج)، أما القنوات الخاصة فقد تم الضغط على أصحابها من رجال الأعمال وتهديدهم بفتح ملفات تجاوزاتهم المالية مما دفعهم إلى التخلص من الإعلاميين المحرضين باستثناء قناة تليفزيونية واحدة لم تستجب لنا فتم دفع مجموعة من البلطجية للاعتداء عليها كإجراء أولى حتى نصل إلى حل نهائى ونتمكن من إغلاقها. تم ترتيب حملة إعلامية ضخمة ستبدأ خلال أيام لتصوير الانتخابات الرئاسية أمام الرأى العام باعتبارها إنجازاً وطنياً تاريخياً عظيماً يجعل العالم كله مبهوراً بالديمقراطية المصرية.. وبالتالى فإن كل من يشكك فى نزاهة الانتخابات سيبدو أمام الناس خائناً ومأجوراً لإفساد العرس الوطنى الديمقراطى.
رابعاً: المحرضون على التخريب الآن هم أنفسهم الذين قادوا أحداث يناير عام 2011، هؤلاء معروفون بالاسم وهم ينتمون إلى تيارات سياسية مختلفة: ليبراليين ويساريين وإسلاميين واشتراكيين ثوريين وشخصيات عامة مستقلة (أسماء قياداتهم موجودة فى ملاحق التقرير).. هؤلاء المحرضون يجب أن يتعرضوا إلى حملة شاملة فى كل وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت حتى يترسخ فى أذهان الناس أنهم عملاء وممولون من الخارج.. فى الوقت نفسه يجب استنزاف طاقتهم ببلاغات متكررة يقدمها مواطنون شرفاء إلى النائب العام يتهمونهم فيها بالتخريب وإثارة البلبلة وتكدير السلم الاجتماعى والحض على كراهية النظام وتلقى التمويل من مؤسسات أجنبية.. التحقيقات يجب أن تستغرق وقتاً طويلاً مع تغطية إعلامية كثيفة حتى يستقر فى أذهان الناس أن المحرضين كلهم ممولون وخونة.. فى الأسبوع الماضى تم تركيب فيديو لإحدى الناشطات وهى تحتسى البيرة وتم نشر الفيديو على الإنترنت. وفى عملية أخرى تم الدفع ببعض البلطجية للاعتداء على أحد قيادات المحرضين وهو يلقى كلمة فى مؤتمر شعبى فى إمبابة ثم تم توزيع الفيديو كدليل على أن الشعب يرفضه لأنه عميل ومأجور.
خامساً: كما تعلمون سيادتكم فإن التيار الإسلامى ليس كتلة واحدة وإنما اتجاهات مختلفة، ولذلك تستحيل السيطرة عليه (مرفق فى الملاحق بيان بالأحزاب والجماعات الإسلامية) هناك بين الإسلاميين قليلون متعاونون معنا، لكن القطاع الأكبر منحاز لما يسمونه ثورة وله علاقات وطيدة بالمخربين من التيارات غير الإسلامية، وخلال العام الماضى خالف الشبان الإسلاميون تعليمات شيوخهم وانضموا للمظاهرات المليونية مع المخربين. سيادة اللواء لقد أسعدنى جداً إعلان سيادتك فى الاجتماع أنه تم الاتفاق مع الجماعة المعروفة لدعم مرشحنا.. إنهم منظمون جداً وأعضاؤهم يقسمون على السمع والطاعة لرئيسهم، كما أن لديهم خبرة طويلة وتنظيماً دقيقاً ويستعملون أساليب فعالة للفوز بالانتخابات بدءاً من توزيع الزيت والسكر واللحوم مجاناً على الفقراء والتأثير على الناخبين داخل اللجان وخارجها، كما أن لهم فى كل منطقة انتخابية أتباعاً نستطيع أن نعينهم كمشرفين فى اللجان الانتخابية كما فعلنا فى انتخابات مجلس الشعب. إننا بتحالفنا مع هذه الجماعة سنضمن كتلة تصويتية كبيرة لمرشحنا.
سادساً: لابد من الدفع ببعض المرشحين المغمورين الذين يسمع عنهم الناس لأول مرة، وذلك لتحقيق هدفين: أولاً تصوير الانتخابات على أنها منافسة حقيقية وليست صورية. وثانياً عندما يكثر عدد المرشحين المغمورين للرئاسة سيزداد تمسك الناس بمرشحنا. فى وسط الفوضى والانفلات الأمنى والأزمات المتلاحقة لا يمكن للمواطن أن يختار شخصا مجهولاً كرئيس للجمهورية، وهو بالتأكيد سيطمئن إلى مرشحنا الذى تولى مناصب رفيعة لسنوات طويلة.
سابعاً: لابد أن يستعمل مرشحنا خطاباً دينياً قوياً من أجل تقوية صورته كمسلم ملتزم (كما تعلمون فهو أبعد ما يكون عن الالتزام).. يجب أن يعلن مرشحنا أنه سوف يطبق الشريعة الإسلامية فور وصوله إلى الحكم، ويجب أيضاً أن يطالب بمنع الخمور فورا ومنع النساء من ارتداء المايوهات البكينى.. هذا الخطاب مفيد لأنه يستقطب الناخبين البسطاء خصوصا فى المناطق الريفية والأحياء الشعبية.. لدينا اتصال قوى بعدد كبير من خطباء المساجد وسوف نعطيهم تعليمات واضحة بدعم مرشحنا. يجب أن يؤكدوا فى خطب الجمعة أن مرشحنا رجل دولة وهو الوحيد القادر على تطبيق الشريعة وتخليص مصر من آثار العلمانية والإباحية والإلحاد. ستعتمد الدعاية الانتخابية على عدة أسئلة يتم طرحها على الناس: هل أنت مسلم..
هل تحب للإسلام أن ينتصر على العلمانية الكافرة؟ إذن يجب أن تعطى صوتك للمرشح التوافقى.. هنا يجب تكوين صورة عكسية للمرشحين المنافسين.. يجب تصويرهم على أنهم عملاء للكنيسة وممولون من الولايات المتحدة وهدفهم إزالة الطابع الإسلامى عن مصر وتحويلها لدولة علمانية ومنع المآذن فيها كما حدث فى سويسرا. يجب أن يعرف البسطاء أن المرشحين المنافسين يريدون نشر الانحلال وتمكين الشواذ من الزواج من بعضهم البعض..أما المرشحون الإسلاميون الذين ينافسون مرشحنا فيجب تصويرهم كإرهابيين أو متطرفين غير قادرين على تحمل مسؤولية الرئاسة وإذا كانوا يتمتعون بشعبية يجب ضربهم بحسم (أسجل هنا أن عملية ضرب المرشح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح كانت نموذجاً للتخطيط الدقيق والأداء الناجح).
ثامناً: الطرق التقليدية فى تغيير نتائج الانتخابات من الممكن استعمالها عند اللزوم.. فى ملاحق التقرير بيان بطرق تغيير النتائج (التغيير فى فرز الأصوات والجمع ــ البطاقة الدوارة ــ استخراج أكثر من رقم قومى للناخبين، وغيرها). هذه الطرق لو تم اكتشافها فلن يؤدى ذلك إلى إلغاء الانتخابات، إذ إن اللجنة العليا التى تراقب الانتخابات قراراتها نهائية ومحصنة ولا يمكن الطعن عليها أو حتى التظلم منها.
سيادة اللواء.. هذه مقترحاتى لدعم المرشح التوافقى.. فى انتظار التعليمات.
تقبلوا فائق الاحترام
مقدمه لسيادتكم:
المقدم (........)
(طبق الأصل)
الديمقراطية هى الحل

منافقون برخصة! إبراهيم عيسى - التحرير

كان إذا أراد أحدهم أن يؤكد أن فلانة عاهرة وصفها بأنها عاهرة برخصة، أى أنها حاصلة بالفعل على رخصة رسمية لمزاولة البغاء، فقد كانت مصر وقتها تسمح رسميا بالبغاء، فكانت هناك بيوت بغاء مفتوحة بموافقة الدولة، وغانيات وعاهرات يحملن رخصا حكومية من مكاتب الصحة، بخلوهن من الأمراض، بما يسمح لهن بممارسة البغاء فى أحياء وأماكن مشهورة ومعلومة، مثل حى كلوت بك مثلا، واندلعت الحرب العالمية وكانت مصر مسرحها الساخن، حيث جنود الإنجليز ومعهم جنسيات من أستراليا والهند وغيرهما كانوا فى معسكرات منتشرة فى أرجاء الوطن، والجنود بشر فى أزمة ومحتاجين «ترفيه» والترفيه يعنى الذهاب إلى دور البغاء. المفاجأة جاءت من هنا، أن الداعرات والعاهرات فى مصر رفضن بكل إباء وشمم وكبرياء وطنى صميم عظيم أن يفتحن سيقانهن للجنود المحتلين والأجانب، وكانت ظاهرة بكل المقاييس أن العاهرات المصريات لا يسمحن للأجانب بممارسة البغاء فى بيوتهن ولا معهن، مما دفع قوات الاحتلال الإنجليزى لاستيراد عاهرات أجنبيات مخصوصات إلى مصر بالتعاون مع غانيات أجنبيات مقيمات أصلا فى القاهرة والإسكندرية وقضّوها كده. المدهش كذلك (مرجعى فى هذه المعلومات كتب الدكتور عبد الوهاب بكر عن تاريخ العالم السرى والبغاء فى مصر) أن الرجال المصريين من باب الوطنية ورفض الاحتلال والأجانب لم يقتربوا من العاهرات الأجنبيات، ولم يفضلنهن أبدا، فكانت دور البغاء وطنية وصناعة محلية يرفض الزبون والعاهرة أن يدخل بينهما أجنبى محتل غادر، ومن الجائز أن تسمع ساعتها عاهرة تعلن بكل عزم: «إلا المال الحرام بتاع الخواجات، آخد فلوسى وعرق جبينى من رجالة مصر، وحد الله بينا وبين الغرب (الاستعمارى الصليبى)». لماذا تلح على دماغى هذه الأحداث التاريخية عندما أتابع وطنية بعض الموجودين على الساحة السياسية فأجدها أقرب إلى وطنية بيوت البغاء وعاهرات مصر فى الحرب العالمية؟
هناك شخصيات تجدها زاعقة بالصوت العالى ضد تمويل الغرب جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان فى مصر والزعم أن هذا اختراق للوطن (والعجيب أن هذا الغرب نفسه هو الذى يموِّل الجيش المصرى والحكومة ووزاراتها). صناديق التصويت البلاستيك شديدة الأناقة التى شهدناها فى لجان انتخابات مجلس الشورى، وكذلك الحبر الفسفورى، وكذلك الستائر المحيطة بمكان إدلاء الناخب بصوته داخل اللجنة.. كلها بفلوس وتمويل منظمة أمريكية رفيقة وشقيقة للمنظمات الأمريكية التى بدأنا فى محاكمتها أمس!
ما رأيك؟ يعنى الحكومة ذات نفسها أخذت مِنحا وهدايا وتمويلا من منظمة أمريكية حقوقية، بينما إذا حصلت منظمة حقوق إنسان على منحة من بلد هنا ولّا هنا نفرت العروق وهات يا اتهامات بالعمالة أو الخيانة للآخرين. هناك وطنية عاهرات ترفض أى لقاء أمريكى أو أوروبى مع شخصيات أو تيارات سياسية فى مصر وكأن أى معارض مصرى هو خائن بالضرورة لو التقى مسؤولا أمريكيا أو أوروبيا، أو أن أى سياسى مصرى هو مشروع عميل طالما قعد أو سافر أو قابل أحدا من حكومات الغرب، كأن الوطنية حكر على المسؤولين وموزعى أختام الوطنية من الجالسين على مقاعد الحكم والجالسين على حِجر الجالسين على مقاعد الحكم، وكأن لواءات أمن الدولة وجنرالات الجيش هم وحدهم أصحاب الوطنية الغرّاء والذين يملكون حصانة مواجهة الغرب والأجانب دون أن يتحولوا إلى عملاء أو جواسيس مثلا، بينما المعارضون لنظام مبارك أو لحكم العسكر هم وحدهم مؤهلون لأن يكونوا عملاء للأمريكان!
العجيب أن دفعات بالمئات من ضباط الداخلية وبالذات فى فرع مكافحة الشغب ومواجهة الإرهاب وكذلك من جهاز أمن الدولة كانت تسافر للتدريب فى أمريكا سنويا، كذلك هناك مئتان من ضباط الجيش المصرى يتدربون فى بعثات سنوية تستمر عدة شهور فى الولايات المتحدة بالتعاون مع البنتاجون.
لماذا يبدو هؤلاء أشرف من الشرف بينما حين يسافر شباب للتدريب على نشر الوعى السياسى والتنظيم الحزبى وبناء قواعد جماهيرية وتنظيم المظاهرات يبقوا ولاد كلب عملاء؟!
يعنى أمريكى يعلِّم الضابط المصرى كيف يضرب قنابل الغاز ويفض بها المظاهرة، وأمريكى يدرّب الضابط المصرى على قنص الإرهابى من فوق جبل واستخدام أشعة الليزر فى توجيه الضربات القاتلة، وأمريكى يعلِّم الضابط المصرى أساليب الحرب النفسية فى استجواب المعتقلين ونزع الاعترافات منهم، وأمريكى يدرِّب الضابط المصرى على التعامل مع حرب العصابات فى المناطق الجغرافية الوعرة، وحكومة أمريكية تستضيف هؤلاء الضباط فى فنادقها ومقراتها وعلى حسابها وتعطيهم دورات سياسية وتنظِّم لهم جولات فى المجتمع الأمريكى.. كل هذا من وجهة نظر تيار وطنية العاهرات حلال مصفّى ومية مية ولا خوف على هؤلاء أبدا من العمالة والخيانة وهلمّ جرا!
أما حين يدرِّب أمريكى الشاب المصرى على تحديد أهداف الحملة السياسية، وتنظيم مؤتمر ومخاطبة الجمهور واستمالة المتفرجين إلى قضيته وكيفية إعداد الدعاية الناجحة لفكرته والأسلوب الأمثل لكسب ود الناس بخصوص الموضوع الذى يروج له وأفضل طرق تسويق فكرة أو شخص فى المجتمع سياسيا.. هنا يبقى الشاب فى رأى تيار وطنية العاهرات مضحوكا عليه وعميلا يخدم الأهداف الأمريكية ويريد تخريب مصر!
أما آن للعاهرات أن يتُبْن.. وأن يحصل المنافقون على رخصة كلوت بك؟!

الأحد، 26 فبراير 2012

ضى القناديل - عبد الحليم حافظ - جوده عاليه وتصوير حديث

خطاب مفتوح إلى جماعة الإخوان المسلمين بقلم د. محمد أبوالغار بالمصرى اليوم


     ٢٦/ ٢/ ٢٠١٢
أعتقد أن الوقت قد حان لتوجيه خطاب مفتوح إلى جماعة الإخوان المسلمين وجناحها السياسى حزب الحرية والعدالة، فبعد أن حققت الجماعة انتصاراً كبيراً فى انتخابات مجلس الشعب أثبت أن للجماعة شعبية كبيرة بين جموع المصريين، خاصة فى الريف وفى الأحياء الفقيرة، وأثبتت الجماعة أنها الأكثر تنظيماً فى مصر وأنها استطاعت الحفاظ على قواعدها منظمة بالرغم من ملاحقة نظام مبارك لها سنوات طويلة، واستطاعت أن تقود المعركة الانتخابية بحرفية عالية المستوى ولم تتوان عن استخدام طرق غير مشروعة فى الدعاية الانتخابية داخل وخارج اللجان، وأيضاً لم تفكر للحظة واحدة إذا كان اتهام المنافسين بالباطل والحصول على أصوات بطرق غير قانونية يعد عملاً غير أخلاقى، وذلك يعنى أن جماعة الإخوان هى جماعة شديدة البراجماتية وفى سبيل الحصول على مكاسب ليس من المهم أن تسلك الطريق القانونى والأخلاقى ومن السهل أن يقوم البعض بإقناع نفسه والآخرين بأنهم يبغون رفعة الإسلام بنجاحهم، ولذا فإن التصرفات التى تعتبر غير أخلاقية وغير قانونية فى الانتخابات لا تؤرق ضميرهم.
الآن الإخوان أصبحوا يحكمون مصر جزئياً وفى الطريق إلى حكم مصر بالكامل، وهناك مخاطر كبيرة على مصر الدولة الكبيرة القديمة إذا لم يلتزم الإخوان بقواعد القانون أولاً وقواعد الأخلاق ثانياً.
أول مشكلة كتبت فيها منذ ثلاثة شهور وقدمت نائبة الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى عن جنوب أسيوط، الأستاذة سناء السعيد، بخصوصها استجواباً فى البرلمان: الآن ما هو الوضع القانونى لجماعة الإخوان المسلمين؟
لقد كانت جماعة رسمية كجمعية أهلية حتى تم حل الجماعة فى نهاية الأربعينيات بعد أحداث العنف المتبادل بينها وبين الداخلية. الآن لم تعد هناك مشكلة فى أن تقوم الجماعة بتسجيل نفسها كجمعية أهلية وتعلن مواردها وميزانياتها وتقدم لوزارة التضامن تقريرها السنوى وتقبل التفتيش عليها من الوزارة كأى جمعية فى مصر، وعليها أن تتقبل القانون المصرى الذى ينص على أن الجمعيات الأهلية ممنوع عليها القيام بعمل سياسى.
إذا لم تفعل جماعة الإخوان ذلك الآن فلن تتوقف الاستجوابات فى البرلمان والمقالات فى الصحف، وإذا أصرت الجماعة على الرفض، وهى تمثل الأغلبية فى البرلمان والحكومة القادمة، فيعنى ذلك تصريحاً واضحاً من السلطة والحكومة لكل مصرى أن ينشئ ما يراه من الجمعيات ولا يسجلها ولا يعلن مصادر تمويلها، وعلى الإخوان المطالبة فوراً بوقف قضية جمعيات حقوق الإنسان المثارة حالياً لأنها إذا كانت لم تعمل بتصريح فالإخوان أيضاً لا يعملون بتصريح. أن يصبح الإخوان فوق القانون فيعنى ذلك بداية الفوضى وأن حكم الإخوان أصبح ديكتاتورياً من اللحظة الأولى ولن يسكت المصريون على ذلك، فهم لم يتخلصوا من مبارك ليأتيهم نظام ديكتاتورى أو فاشى آخر.
أمر آخر، قرأنا فى الصحف أن وزارة الداخلية تدرس تخصيص أماكن للإخوان المسلمين لدخول كلية الشرطة، وهذه أكبر كارثة ممكن أن تحدث فى مصر، أن يحصل الإخوان على جزء من طلبة الشرطة والسلفيين على جزء آخر وحزب الوفد على مجموعة أخرى! مصر لن تصبح دولة بهذه الطريقة. المطلوب أن تكون كلية الشرطة عادلة فى قبول الطلاب وتخصص معايير واضحة للقبول، لا يُرفض الطالب لأنه إسلامى أو أنه سلفى أو قبطى أو ليبرالى أو أنه يأتى من أسرة فقيرة أو دون واسطة، بل يدخل جميع الطلبة كليات الشرطة والحربية على أن يتعهدوا بأن يكونوا محايدين، لأن خريجى هذه الكليات يجب أن يقفوا على مسافة واحدة بين الجميع ويكونوا منحازين إلى جموع الشعب المصرى وليس لحكومة بعينها ولا حزب بعينه ولا لأفراد لهم انتماء معين، فحتى أيام مبارك لم يكن طلبة الحربية والشرطة ينتمون للحزب الوطنى.
وبالنسبة لمجلس الشعب فأنا أعتقد أن د. الكتاتنى، رئيس المجلس، والأستاذ حسين إبراهيم، رئيس الهيئة البرلمانية للحرية والعدالة، يقومان بدور معقول وإلى حد كبير متوازن وأرجو أن يستمر ذلك ولا تتحول الأغلبية الكبيرة بمرور الوقت إلى أدوار فتحى سرور وكمال الشاذلى مصحوبة بموافقة سريعة من السادة النواب مع حفظ كل الاستجوابات أو قتلها فى المهد بالأغلبية الكبيرة.
نحن مقبلون على عصر جديد يجب أن تكون الشفافية فيه هى المعيار الأساسى، ولذا فأنا أعلم أن أعضاء البرلمان لا بد أن يقدموا إقرارات الذمة المالية، ويجب أن يتم ذلك بصفة دورية وبجدية شديدة، وقريباً سوف تأتى حكومة للإخوان ويجب أن يقدم وزراؤها أيضاً إقرارات الذمة المالية. هذا موضوع أساسى ومهم لينقلنا من دولة مبارك الفاسدة إلى دولة بها شفافية تامة. وبهذا يعطون مثلاً واضحاً بأننا فى عصر مختلف ولا أحد فيه فوق الحساب مهما كان.
الأحزاب السياسية الحالية لابد أن تقدم ميزانياتها كاملة ومصادر تمويلها بدقة شديدة وتكون هناك شفافية تامة، فكل شىء لا بد أن يكون معلناً وعلى الجهاز المركزى للمحاسبات أن يرسل لجميع الأحزاب دون استثناء وفى يوم واحد إخطارات بذلك، ويعطى مهلة معينة لتلقى جميع الإجابات، بذلك نشعر أننا انتقلنا من عصر مبارك إلى عصر فيه حرية وشفافية وانضباط.
الدولة المصرية يجب أن تستمر دولة مركزية لها جيشها وشرطتها وقضاؤها وجميعها تنتمى إلى مصر الدولة والشعب ولا تتبع حزباً ولا جماعة» وعليها أن تكون محايدة بين الجميع. أسمع كلاماً عن أسلمة الشرطة والجيش والقضاء وذلك بإدخالها تحت مظلة الإسلام السياسى، هذا فيه دمار لمصر ومستقبلها ولن تقوم لها قائمة بجيش وشرطة وقضاء منحازين لحزب ولمجموعة من الناس وليسوا منحازين للشعب كله.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

الجمعة، 24 فبراير 2012

الجيش حمى ثورة العملاء - وائل قنديل

الخطاب التاريخى الذى ألقاه فخامة الرئيس المخلوع فى الفصل الأخير من دراما المحاكمة أول أمس، يكشف أن مبارك يتكلم ويتصرف باعتباره رئيس البلاد حتى الآن.

ولو افترضت أنك كنت منقطعا عن الحياة منذ 25 يناير 2011 واستأنفتها بقراءة هذا الخطاب التاريخى، فإنك لن تشعر أبدا أن صاحبه متهم ماثل أمام محكمة الجنايات بتهمة قتل أكثر من ألف متظاهر، وإصابة الآلاف، وربما تخيلت أنه واحد من الخطابات التاريخية التى اعتاد على أن يشنف الآذان بها، فى افتتاح الدورة البرلمانية، أو عيد العمال، أو الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر، أو انه خطاب الترشح لفترة رئاسية سادسة وسابعة.

فالرجل يتحدث وكأنه فى مستهل حياته السياسية، مقدما خطابا عن الإنجازات وعائدا مرة أخرى لمعايرة المصريين بالبنية الأساسية، والبلد التى تسلمها خرابة، فبث فيها الحياة والنماء، إلى آخر هذه السلسلة من الترهات التى تكذبها الأرقام الرسمية، ولم يكن ينقص هذا الخطاب الرومانسى سوى خاتمة يقول فيها إنه من أجل مواصلة الرخاء والتنمية قرر أن يرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة المقبلة.

وبعيدا عن تلك اللغة الاستعلائية بمخاطبة هيئة المحكمة وكأنه يتحدث إلى مجموعة من مرؤوسيه فى المجلس الأعلى للقضاء، فإن ما يلفت النظر أكثر أنه لا يعتبر أن مصر شهدت ثورة عارمة أسقطته من عرشه، حيث لا يرى سوى «لقد خرج المصريون شهر يناير من العام الماضى تعبيرا عن تطلعهم لمستقبل أفضل.. وللمطالبة بحقوق مشروعة.. فكانت تعليماتى واضحة منذ اليوم الأول.. وكما كانت دائما من قبل» فالثورة التى سقط فيها مئات الشهداء وآلاف الجرحى من وجهة نظره ليست إلا «خروجة» للمصريين تطلعا للأفضل.

وكله كوم وما اختتم به خطبته كوم آخر، ذلك أنه يقول بملء فمه إن المطالبين بمعاقبته هم من «المغرضين، ومثيرى الفتن، والمأجورين الذين يتلقون تمويلات من الخارج» وهنا مربط الفرس، لأن معنى ذلك أن الجيش الذى يفاخر بأنه جزء من الثورة وأنه حماها، قد وقع فى المحظور، لأنه حمى ثورة «المغرضين والمأجورين» وعلى هذا الأساس فالثورة كانت جريمة فى نظر المخلوع، وكل من شارك فيها أو حماها، هو أيضا مجرم.

وغنى عن البيان أن محاكمة مبارك جاءت تجسيدا وتحقيقا للأهداف التى قامت من أجلها «ثورة الشعب المصرى العظيم» بتعبيرات البيانات والرسائل والخطب الرنانة الصادرة من المجلس العسكرى، وعليه فإن الطعن فى طهارة ووطنية الثورة، هو طعن فى كل الضالعين فيها، بدءا من شبابها الذين وصفهم المشير بأنهم النبت الطيب من هذا الشعب العريق، والذين هم رووا شجرة الديمقراطية والحرية بدمائهم، حسب رسائل المجلس على «فيس بوك»، وانتهاء بمن طرح نفسه شريكا لهؤلاء الشباب فى ثورتهم.

وبناء عليه فإن المجلس العسكرى من وجهة نظر رئيسه السابق النائم فى استراحة المركز الطبى العالمى، مشارك فى حماية جريمة اسمها «الثورة».. والله الموفق.

ولاد الهبلة بقلم إسعاد يونس

■ ليس لدى تعليق على ما يجرى للبنى آدمين فى سوريا الشقيقة غير جملة واحدة.. إلهى يا بشار يا بن الأسد تطلب الموت ما تلاقيهوش.. آمين..
■ كما توقعت تماما.. نجح مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية بفضل شعب الأقصر المتحضر.. الذى أمّن الضيوف والفعاليات فى كل لحظة ومكان.. كان مضيفا رائعا ومنظما وبشوشا.. تطوع أكثر من ثلاثمائة شاب وشابة بلا مقابل لمصاحبة الضيوف وتوفير كل سبل الراحة لهم.. شعب الأقصر.. أرفع لك القبعة.
■ واحد راجل لابس بدلة شبه بتاعة فؤاد المهندس فى السكرتير الفنى بالظبط.. قصيرة وشالحة وعصاعيص رجليه باينة منها.. فاضلّه الطربوش المزيت ويبقى كوبى بيست منه.. معاه كرسى بلاج جربان كده معلقة ف كتفه.. وماسك ف إيده البوق اللى شبه القمع ده.. يمشى شوية فيلاقى تجمع ناس.. يقوم فارد الكرسى وقاعد حاطط رجل على رجل ودافس بقه فى البوق و«ارحل.. ارحل».. مش منتظر مشاركة من حد.. شوية ويقوم قايم لامم الكرسى وحاطط البوق تحت باطه ومنشن على حتة تانية وقاعد: «ارحل.. ارحل».. قعدت أتفرج عليه شوية وأتتبعه.. مش مجنون ولا شحات.. خفت أروح أسأله هو مين ده اللى يرحل لا نقع فى المحظور.. ومشيت وأنا حاموت م الفضول.. يا ترى عايز مين يرحل يا ربي؟؟.. مين؟؟.. مين؟
■ ممكن واهد سؤال زؤنن؟؟.. المليار اللى اتصرف على انتخابات الشورى دى عند مين بالظبط؟؟.. مين اللى أصر على إجرائها رغم معرفتنا جميعا إنه مجلس مالوش تلاتين لازمة.. ولا هو كان إصرار إن اللى مالحقش يدخل مجلس الشعب يركب عالجناح فى الشورى.. هى الترصيصة كانت ناقصة؟؟.. ماهما فى المجلس اترصصوا خلاص.. حلاوثهم حلاوثهم وهما قاعدين محاذيين كده جنب بعضيهم توائم توائم.. بحس إنهم عالساعة إتنين الجرس حايضرب ويطلعوا سندوتشات البيض بالسطرمة والحلاوة بالقشطة م اللانش بوكس اللى باعتاه ماما.. طب حساب المليار عند مين بقى يا أفندية؟
■ بالمناسبة.. هما الأعضاء بيبصوا لفوق ليه ويبتسموا وهما فاتحين بقهم؟؟.. الظاهر فيه شاشة متعلقة زى بتاعة الماتشات بتوريهم الكادر اللى على الهوا فى التليفزيون.. طبعا يا حبايبى انتوا كبار وعاقلين.. إوعى حد يعمل باى باى للكاميرا.
■ الشعب يريد التصويت الإلكترونى للنواب.. حطولهم لوحة قدام كل واحد فيها زرارين.. واحد أخضر يعنى نعم.. وواحد إسود يعنى لأ.. ما هى دى الألوان اللى ممكن يفهموها.. مرتبطة ارتباط شرطى بالاستفتاء بتاع قول «نعم» تاخد كارنيه الجنة.. قول «لأ» إبليس ياخدك أنجاچيه ع النار.. ليس شكاً فى النتائج لا سمح الله.. ولكن تأكيدا على دخول الأقلية النار.. يللا بلا عتلة هم.
■ تذكروا معى فيلم حياة أو موت.. بتاع الدواء فيه سم قاتل.. بنت صغيرة تسير بمفردها.. قاطعة أحياء كاملة فى القاهرة بحثا عن الدواء التركيب لأبيها.. وصيدلى يركب الدواء غلط فيقلب البلد حتى لا يصل الدواء الذى به سم قاتل للمريض.. وبوليس يجند الإعلام لعمل نشرة تحذر الرجل.. ويترك اللى وراه وقدامه حتى يصل له ويتم إنقاذه.. شاهد هذا الفيلم بعين اليوم.. محدش قلّب البنت فى الفلوس اللى معاها.. محدش خطفها أثناء سيرها فى الشارع وطلب فيها فدية.. محدش تحرش بيها أو اغتصبها وبعدين قتلها ورمى الجتة فى الرياح.. فيه واحد مجنون ابن مجنونة خدها وراه على العجلة عشان يوصلها لمحطة ترام فى حى آخر من غير ما يقطع ودنها ويسرق الحلق.. واسرح بخيالك وكمل الفيلم عشان تعرف حجم المصيبة اللى احنا فيها.. يقدر السادة اللى سوحونا وخنقونا وطرشونا وصدعونا بجدوى الدقن لضابط الشرطة يرجعولنا المجتمع ده؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
■ ماما.. نعم يا حبيبى.. هو إحنا مش حانخرج؟؟.. نخرج فين يا حبيبى.. نخرج من هنا.. نخرج من هنا نروح فين؟؟.. زى مايكل وبيتر أثحابى المثيحيين.. مش فاهمة يا عين أمك.. مايكل وبيتر وكل العيلات بتاعتهم خرجوا.. راحوا بالطيارة ومش راجعين.. يا خبر؟؟.. فى سرّها «أستغفر الله العظيم.. منهم لله اللى طفشوهم».. معلش يا حبيبى بكره يرجعوا.. مش حايرجعوا خالث.. يللا بقى خرجينى.. لأ يا حبيبى دى بلدنا وإحنا قاعدين فيها.. ماهى كانت بلدهم برضه إشمعنى هما؟؟.. فى سرّها «يادى النيلة الواد بيزنقنى».. عشان إحنا لازم نقعد ونبنى البلد عشان مستقبلك يا حبيبى.. مثتقبلى أنا؟؟.. هو إنتى حاتقعدينى هنا فى وثط الناث اللى بتقعدى تتفرجى عليهم الثبح فى التليفزيون دول وبيزعقوا جامد؟؟.. أيوه يا حبيبى.. أنا بخاف منهم يا ماما.. لأ يا حبيبى ما تخافش دول حلوين.. فى سرها «سامحنى يارب».. فى سره وهو يستدير مبتعدا «حلوين؟؟.. يانهار إثود.. يانهار إثود.. يانهار إثود»..
■ الاسم الجديد لقناة أون تى فى.. الفاسوخة.. سايبينهالنا يخزوا بيها العين.. عشان يبقى فيه قناة بتعبر عن السلالة المنقرضة أحادية الخلية والقرن.. أم ست صوابع ومنخارين منزوعة العصعص اللى كان اسمها الثوار.. عايزين متحف بشرى بقى نحط فيه تماثيل لصاحب القناة نجيب ساويرس وريم ماجد ويسرى فودة وباسم يوسف وشوية آثار كده لحبة ثوار على كام عين مفقوعة ورجل طايرة.. ويافطة كبيرة مكتوب عليها «هنا يرقد اللى صدقوا إن كان فيه ثورة».



الأربعاء، 22 فبراير 2012

الفتنة ليست نائمة‏!‏ بقلم: أحمد عبد المعطي حجازي بالأهرام

 

 بقلم: أحمد عبد المعطي حجازي
سنظل في تصدينا لهذه الفتنة الطائفية التي تعصف بنا منذ أربعين عاما نقع فيها‏,‏ فإن أطفأنا حريقا من حرائقها اليوم اصطلينا بمثله غدا‏,‏ وقد نواجه ما هو أسوأ بكثير, طالما هونا من شأن هذه الفتنة الملعونة وأنكرنا خطورتها وعالجناها بهذه الوصفات التي قد تؤجل وقوع الكارثة, أو تخفف قليلا من أعراض المرض, لكنها تتجاهل أسبابه أو تتستر عليها بالأحري وتمكنها من أن تنتشر وتتغلغل وتتوطن, وإلا فما الذي يبقي للمتاجرين بالدين اذا انطفأت نار الفتنة الدينية?
وما الذي يعنيه تهجير أسر مصرية من قري مصرية ونهب ممتلكاتها وإشعال النار في منازلها لا لسبب إلا أن أحدهم ذكر أن شابا مسيحيا صور فتاة مسلمة بهاتفه المحمول فقامت الدنيا ولم تقعد!
ولاشك أن ما قام به الشاب المسيحي لو صح ـ عمل طائش, لكنه طيش يقع فيه الكثيرون, فمن حقنا أن نؤاخذهم ونردهم الي الصواب, أما أن يحدث ما حدث فهذا سلوك بربري لا يطفئ النار وانما يزيدها اشتعالا.
فإذا صح مع ذلك أن الدولة ممثلة في المحافظ شاركت في هذا المجلس, الذي قضي بتهجير المواطنين المسيحيين أدركنا حجم الكارثة التي أصبحنا معرضين لها, دولة تأتمر بأمر المتطرفين, ولا تكتفي بالتمييز بين المسلمين والمسيحيين, وانما تفصل بين الفريقين, كما يفصل الإسرائيليون بينهم وبين الفلسطينيين بالجدار العازل!
نعم, نحن مهددون بكارثة حقيقية اذا واصلنا سيرنا في هذا الطريق المعوج الذي نتجاهل فيه الأسباب الحقيقية لهذه الفتنة الطائفية, ونكتفي بالفصل بين الطرفين المتنازعين, ونحكم علي الفعل بديانة صاحبه ونلزم الأقلية بدفع الثمن ـ أقول إننا مهددون بكارثة حقيقية اذا واصلنا السير في هذا الطريق الذي يشق المجتمع شقين, ويجعل الأمة الواحدة أمتين, ويحرض مصر كلها علي أن تحذو حذو العامرية, وهذا هو ما حدث بالفعل, فالذي وقع في قرية شربات بالعامرية قبل أسبوعين تكرر في ميت بشار بالشرقية منذ أيام, والذي وقع في القريتين أخيرا استمرار لما وقع طوال الأعوام الأربعين الماضية, وسوف يتواصل, فالأسباب الحقيقية للفتنة قائمة لا نائمة, وهي تفعل فعلها ولا تجد من يتصدي لها, بل تجد الآن جماعات تشجعها وتتبناها, في مناخ يعمل كل ما فيه علي إثارة السخط, وتزييف الوعي, والخروج علي القانون, وإيقاظ الفتنة, والتمييز بين المسلمين والمسيحيين, وفرض هذا التمييز وجعله ثقافة سائدة وقانونا معمولا به في أيامنا هذه كما كان معمولا به في العصور التي سبقت نهضة مصر وقيام الدولة الوطنية الحديثة.
في تلك العصور السابقة, كانت الشريعة الإسلامية, هي القانون الذي تطبقه الدول الإسلامية المتعاقبة في تعاملها مع المصريين. ولاشك في أن الشريعة الإسلامية كانت متسامحة مع المسيحيين واليهود الذين كان من حقهم أن يظلوا علي عقائدهم, لكن بشروط تميز بينهم وبين المسلمين في الحقوق والواجبات, فالمسلمون ـ من الوجهة النظرية ـ هم أصحاب الدولة, أما المسيحيون واليهود فهم ذميون لهم الحق في الحياة والاقامة والعمل, لكن دون أن يشاركوا في السلطة أو يعتبروا مواطنين مساوين لغيرهم وهذا ما طبق أيضا علي المصريين المسلمين, لأنهم أقباط أسلموا بعد الفتح, فالمصريون جميعا أقباط, ولأن الحكم لم يكن لأهل البلاد, وانما كان للغزاة الأجانب والجنود المرتزقة, والفرق الوحيد بين المصريين المسلمين واخوتهم المسيحيين, أن هؤلاء كانوا يدفعون الجزية, أما المسلمون فلا يدفعونها, وإن ظلوا فلاحين رقيق أرض يزرعونها ولا يتمتعون بثمرتها.
هكذا اختلف وضع المسيحيين في الدول الإسلامية, عن وضع المسلمين, فالمسلمون في نظر الدولة هم رعاياها. الأصليون, أما المسيحيون واليهود فهم ملحقون بالرعايا الأصليين يعيشون في ذمتهم أي في حمايتهم, وهو وضع موروث عما كان سائدا في البادية العربية من علاقات بين القبائل القوية التي تربط بين أبنائها رابطة الدم وبين العشائر الضعيفة التي كانت تدخل في حماية القبائل القوية لعدم وجود دولة تتكفل بحماية رعاياها, الذين تربط بينهم رابطة الدم لهم المقام الأعلي لأنهم أصلاء, والداخلون في حمايتهم موال أو دخلاء.
ولقد فرض العرب الفاتحون نظامهم البدوي علي المصريين, وظل هذا النظام معمولا به في مصر, وظلت الدولة تفرق بين المصريين وتتعامل مع المسيحيين باعتبارهم ذميين حتي انتصف القرن التاسع عشر وتولي السلطة سعيد باشا الذي رد للمسيحيين حقوقهم فأسقط الجزية عنهم سنة 1855 وسمح لهم بدخول الجيش الذي كان المسلمون قد سبقوهم إليه, والفضل لمحمد علي الذي جعله جيشا وطنيا يعتمد علي المصريين بعد أن كان مقصورا علي الأجانب والمرتزقة.
وبعد أن التأم شمل المصريين المسلمين والمسيحيين في جيشهم الوطني التأم شملهم في أول برلمان مصري أنشأه الخديوي إسماعيل سنة 1866 واستطاع المسيحيون أن يفوزوا بعدد من مقاعده ويمثلوا مع زملائهم المسلمين الأمة المصرية التي استعادت وعيها بنفسها, وهبت مع أحمد عرابي تطالب بحريتها وتؤكد وحدتها كما عبر عنها الشيخ محمد عبده, في برنامج الحزب الوطني الذي صاغه هذا الإمام الثائر وجاء في مادته الخامسة, ان الحزب الوطني حزب سياسي وليس حزبا دينيا فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب, وجميع النصاري واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها منضم إليه, لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات.
ثم تواجه مصر الاحتلال البريطاني وتشتعل ثورة 1919 التي يتحد فيها المسلمون والمسيحيون, ويرفعون شعارهم الخالد الدين لله, والوطن للجميع لكن الكارثة تقع حين, يستولي الضباط علي السلطة عام 1952, ويسلبون مصر كل ما حققته في نهضتها الحديثة!
لقد حلوا الأحزاب, وأوقفوا العمل بالدستور, وحولوا الصحف والاذاعات الي أبواق تسبح بحمدهم, وزيفوا الانتخابات التي لم يستطع مسيحي واحد أن يفوز فيها طوال العقود الستة الماضية, بينما كان في استطاعة المسيحيين في البرلمانات السابقة علي حركة الضباط أن يفوزوا بعشرات المقاعد.
ثم تتوالي الهزائم علي أيدي العسكر الذين تخلوا عن واجبهم في الدفاع عن أرض الوطن واستولوا علي مقاعد السلطة, وعندئذ يتضح للمصريين أن ما حسبوه ثورة كان انقلابا, ويصابون بخيبة الأمل, ويضعف شعورهم بالانتماء الوطني, ويصبح همهم البحث عن لقمة العيش في بلاد النفط, واذا كانت منابر الرأي قد اختفت, وساحات العمل الوطني والنشاط الديمقراطي قد أغلقت في وجوه المصريين, فلم يبق لهم إلا المساجد والكنائس, وهنا ظهرت جماعات الاسلام السياسي التي عاد زعماؤها من مهاجرهم الصحراوية ليتحالفوا مع السادات, ويقودوا المصريين الي حيث هم الآن, ويحولوهم من جديد الي مسلمين وذميين, والي قبائل وفلاحين!
من الفنان عادل إمام
اتصل بي الفنان عادل إمام ليؤكد لي وللقراء أنه لم يدافع عن الرئيس المخلوع كما أشاع بعض المتطرفين بقصد التحريض عليه, ولم يعبر عن أي موقف سلبي من الثورة التي تنبأ بها في أفلامه ومسرحياته. وأنا أصدق عادل إمام وأشهد له.

الثلاثاء، 21 فبراير 2012

هل أنتم متدينون حقاً..؟! بقلم علاء الأسوانى بالمصرى اليوم

 
فى الصيف الماضى.. اصطحب أحد أصدقائى والدته المسنة فى سيارته الخاصة من الساحل الشمالى إلى القاهرة، وفى الطريق فوجئ صديقى بأن أمه تشكو من تعب مفاجئ، ولأنها مريضة بالسكر فقد ظل يبحث عن صيدلية حتى وجدها ودخل ليجد صيدلياً ملتحياً فطلب منه صديقى أن يحقن والدته بمادة الأنسولين.. فوجئ صديقى بالصيدلى يقول له:
ــ آسف.. أنا لا أعطى حقناً للسيدات أبداً لأن ذلك مخالف للشرع.. ابحث لوالدتك عن طبيبة تعطيها الحقنة.
حاول صديقى جاهداً إقناع الصيدلى، قال له إن المنطقة نائية ومن الصعب العثور فيها على طبيبة كما أن والدته جاوزت السبعين من العمر مما يجعلها بعيدة تماماً عن الغواية وإثارة الفتنة لكن الصيدلى أصر على موقفه. واقعة أخرى.. منذ فترة نشرت جريدة «المصرى اليوم» تحقيقاً عن المستشفيات فى رمضان كشفت فيه أن العاملين فى أقسام العناية المركزة واستقبال الحوادث يتركون عملهم بعد الإفطار ولا يعودون قبل ساعتين كاملتين حتى يتسنى لهم أداء صلاة التراويح فى المسجد.
خلال هذه الفترة يتركون المرضى المساكين لمواجهة مصيرهم، فقد تتدهور حالاتهم أو يموتون بينما الأطباء والممرضون يتعبدون فى المسجد، ذلك أنهم يعتبرون أداء صلاة التراويح أهم بكثير من أى شىء فى الدنيا حتى لو كان حياة إنسان برىء مريض يفترض أنهم مسؤولون عنه.. نفس المنطق الغريب ظهر هذا الأسبوع فى وزارة الداخلية.
على مدى ثلاثين عاماً استعمل حسنى مبارك جهاز الشرطة أداة لقمع المصريين وإهدار كرامتهم، وقد عذب ضباط الشرطة مئات الألوف من المصريين واشتركوا فى كل العمليات القذرة لنظام مبارك بدءاً من تزوير الانتخابات إلى التلصص على حياة المواطنين وتلفيق القضايا وتجنيد شهود الزور ضد المعارضين لنظام مبارك، وأثناء الثورة وبعدها ارتكب ضباط كثيرون جرائم رهيبة فى حق المتظاهرين بدءاً من هتك الأعراض وفقء العيون بالخرطوش إلى القتل بالرصاص الحى.. كان المفروض أن تؤدى الثورة إلى تطهير جهاز الشرطة وإعادة هيكلته بحيث يستعيد دوره الطبيعى فى حماية المواطنين واحترام حقوقهم لكن المجلس العسكرى أصر على الإبقاء على جهاز الشرطة كما هو بنفس قياداته التى تنتمى إلى نظام مبارك.. وفى وسط هذا الواقع المؤسف للشرطة ظهر فى الأسبوع الماضى عشرات الضباط الذين أعلنوا أنهم سوف يطلقون اللحى عملا بالسنة النبوية، ولما أخبرتهم وزارة الداخلية بأن حلق اللحية من القواعد المستقرة فى الشرطة منذ إنشائها ثاروا بشدة وأكدوا أنهم مُصرون على حقهم فى أن يكونوا ضباطا ملتحين.
المشكلة هنا ليست فى إطلاق اللحية أو حلقها.. الغريب والمؤسف أن هؤلاء الضباط قد شهدوا بأعينهم وربما اشتركوا بأنفسهم فى ارتكاب جرائم بشعة ضد المواطنين.. ألم يشاهدوا كيف قتل زملاؤهم المتظاهرين وكيف يتم تعذيب الأبرياء فى الأقسام ومقار أمن الدولة؟! لم نسمع هؤلاء الضباط الأتقياء قط يعترضون على هذه الجرائم لكنهم يعلنون الآن معركتهم المقدسة من أجل إطلاق اللحى وكأن الدين قد وقف عند المظهر دون الجوهر.. فى مصر آلاف المساجد وهى دائما والحمد لله عامرة بملايين المصلين لدرجة أنهم كثيراً ما يفترشون الأرض خارج المساجد ويؤدون الصلاة فى الشوارع..
السؤال هنا: هذا الحرص الجميل على أداء الفرائض هل ينعكس على سلوك المصريين ومعاملاتهم؟! الإجابة كثيرا ما تكون بالنفى. هناك مصريون كثيرون يتمسكون بمظاهر الدين ويحرصون على أداء الصلوات لكنهم فى تعاملهم اليومى مع الآخرين بعيدون عن الصدق والأمانة.
إن الانفصال بين العقيدة والسلوك إذا حدث لبعض الأفراد فإننا نعتبرهم منافقين، لكنه إذا أصاب قطاعات كبيرة من المجتمع فإنه عندئذ يشكل ظاهرة اجتماعية لابد من دراستها.. إن هؤلاء المتدينين الذين يحرصون على الشكل دون الجوهر ليسوا بالضرورة منافقين أو أشراراً لكنهم ببساطة يطبقون الدين كما فهموه وتعلموه.. إن القراءة الرائجة للدين الآن فى مصر تقدم الشكل على الجوهر وتهتم بالعبادات أكثر بكثير من السلوك.. هذه الطبعة من الإسلام ليست مصرية فى الواقع.. إن التدين المصرى الحقيقى الصادق المعتدل قد انسحب أمام الإسلام الوهابى القادم من المملكة السعودية ودول الخليج.. على مدى ثلاثين عاما تم استعمال أموال النفط الوفيرة من أجل إغراق مصر بالأفكار الوهابية، وهذا الدعم للمذهب الوهابى غرضه سياسى بالأساس، حيث إن نظام الحكم السعودى يعتمد على تحالف بين الأسرة المالكة ومشايخ الوهابية وبالتالى فإن انتشار المذهب الوهابى يدعم النظام السياسى فى تلك البلاد.. فى نفس الوقت هاجر ملايين المصريين إلى الخليج بحثا عن الرزق ثم عادوا إلى مصر وقد تشبعوا بالأفكار الوهابية. يذهب المصرى هناك فيرى مجتمعا مختلفا عن مصر: الاختلاط بين الرجال والنساء ممنوع تماما، لكن جرائم التحرش الجنسى والاغتصاب تسجل واحدا من أعلى المعدلات فى العالم.. الخمر ممنوع تماما لكن كثيرين يسكرون سرا. القانون لا يطبق أبدا على الأمراء فهؤلاء يفعلون ما بدا لهم وهم مطمئنون تماما لإفلاتهم من العقاب. يتعلم المصرى هناك أن أداء الصلاة فى أوقاتها ليس اختيارياً كما هو فى مصر بل هو واجب إجبارى إذا تخلف عن أدائه فإن الشرطة قد تقبض عليه وتؤذيه، ويتعلم أنه إذا كان يمشى فى الشارع مع زوجته فانكشف شعر رأسها رغما عنها فسوف ينقض عليها شرطى ليضربها بالعصا لتغطى رأسها..
بالرغم من هذا التشدد فى المظهر والعبادات فإن مصريين كثيرين تسرق حقوقهم المالية عيانا جهارا بواسطة الكفيل الخليجى، وإذا تقدم المصرى بشكوى إلى القضاء فإنه نادرا ما يحصل على حقه لأن القضاء هناك عادة ما ينصر أهل البلد على الوافدين.. هنا أصل الظاهرة: أن الانفصال بين العقيدة والسلوك مرض اجتماعى وفد علينا من بلاد النفط وانتشر كالوباء كما أنه للأسف انتقل أيضا إلى جماعات الإسلام السياسى.. عندما قامت الثورة المصرية لم يشترك فيها معظم المنتمين إلى تيار الإسلام السياسى: الإخوان المسلمون أعلنوا أنهم لن يشتركوا فى المظاهرات لكنهم انضموا إلى الثوار بعد انسحاب الشرطة (وللإنصاف فقد لعب شباب الإخوان دورا عظيما فى الدفاع عن المتظاهرين فى موقعة الجمل)..
أما السلفيون (وعددهم أكبر من الإخوان) فقد وقفوا ضد الثورة بكل وضوح.. أفتى مشايخهم فى مصر والسعودية بأن المظاهرات حرام وأن طاعة الحاكم المسلم (وإن كان ظالما) واجبة على المسلمين، وأكدوا أن الديمقراطية حرام لأنها تنادى بحكم الشعب للشعب بينما هم يؤمنون بأن الحكم لله وحده وليس للبشر.. فلما نجحت الثورة فى خلع حسنى مبارك وجدنا السلفيين يغيرون من معتقداتهم فجأة فيشكلون الأحزاب ويشتركون فى الديمقراطية التى كانت حراماً منذ أيام قليلة.. عقد الإخوان والسلفيون مع المجلس العسكرى صفقة يساعدهم بموجبها على السيطرة على البرلمان مقابل أن يساعدوه على الاستمرار فى الحكم من خلف الستار.. وضع المجلس العسكرى لوائح الانتخابات لصالح الإخوان والسلفيين وتغاضت اللجنة العليا للانتخابات عن كل المخالفات التى ارتكبوها..
هنا نجد أنفسنا أمام نفس الظاهرة.. فالمسلمون المتشددون الذين يغضبون إذا فاتتهم صلاة الجماعة أو رأوا امرأة متبرجة، لم يجدوا أى غضاضة فى استغلال فقر الناخبين وشراء إرادتهم بالزيت والسكر واللحم.. فى النهاية حصل الإخوان والسلفيون على أغلبية المقاعد فى مجلس الشعب بموجب انتخابات قد تكون غير مزورة لكنها بالتأكيد لم تكن عادلة. بالرغم من تحفظنا على الانتخابات فقد دعونا إلى دعم البرلمان باعتباره فى النهاية الهيئة الوحيدة المنتخبة التى نتوقع منها أن تحمى الثورة وتحقق أهدافها.. لكن يوما بعد يوم نكتشف أن البرلمان عاجز عن مواجهة المجلس العسكرى، وأن أمامه خطوطاً حمراء لا يجرؤ على الاقتراب منها. لقد تجاهل النواب مسؤولية المجلس العسكرى عن المذابح العديدة التى راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف المصابين ولم يفعلوا أى شىء جدى لمحاسبة المسؤولين عنها.
تحول مجلس الشعب إلى منصة للخطابة، مجرد مكلمة لا تؤدى إلى أى قرار مفيد أو مؤثر، ولقد رأينا النواب يشغبون ويستأسدون على وزير التموين لأن الهجوم عليه لا يكلفهم شيئا لكنهم يحترسون تماما إذا جاء ذكر المجلس العسكرى ولا يتفوهون بكلمة ضده. إن الانفصال بين مظهر الدين وجوهره استمر فى البرلمان، فالأعضاء الذين تقاعسوا عن الدفاع عن الحق انشغلوا بأمور عجيبة: لقد رفض بعضهم أن يقسموا على احترام الدستور إلا إذا أضافوا كلمة «شرع الله» إلى القسم (كأن الدستور سيكتبه كفار قريش)، وبينما أفراد الشرطة يصطادون المتظاهرين بالخرطوش والرصاص الحى فى الشوارع فوجئنا بأحد أعضاء المجلس الموقر يقوم برفع الأذان أثناء انعقاد الجلسة مما أسفر عن مناقشات مطولة عن جواز رفع الأذان شرعاً تحت قبة البرلمان..
 قضية أخرى غريبة حدثت عندما تكلم أحد النواب فاستعمل تعبيرا مجازيا قائلا «ليست هذه حكومة من الملائكة» عندئذ ثار النواب بشدة لأنه فى رأيهم لا يجوز أبدا استعمال كلمة «الملائكة» فى أى تشبيه.. إن المجلس العسكرى بعد ما نجح فى تشكيل برلمان مطيع ومهادن يستعد الآن لتنفيذ خطوة أخرى فى مخططه للسيطرة على الحكم، فهو يبحث بمساعدة الإخوان والسلفيين عن رئيس توافقى يكون تحت سيطرته الكاملة ويستطيع أن يفرضه على الشعب المصرى بنفس الطريقة التى استعملها فى الانتخابات.
لقد أصدر المجلس العسكرى مرسوما بقانون للانتخابات لا مثيل له فى العالم، تم بموجبه تشكيل لجنة عليا لا يجوز الطعن على قراراتها بأى شكل من الأشكال.. فإذا رأيت أيها المواطن بعينيك تزوير الانتخابات فى دائرتك واستطعت أن تصور وقائع التزوير وتقدمت بالدليل إلى اللجنة العليا فقالت إنه لا يوجد تزوير فسيسقط حقك إلى الأبد لأن كلمة اللجنة نهائية لا راد لها ولا يجوز الاعتراض عليها.. إن هذا التحصين القانونى الغريب للجنة العليا ينزع عن المصريين حقهم الطبيعى الأصيل فى التظلم والطعن على القرارات الإدارية، على أن الإخوة الملتزمين دينيا من أعضاء البرلمان لا يجدون فى كل هذا ما يستحق الاعتراض بل هم يشاركون المجلس العسكرى فى تهيئة الجو من أجل إحكام سيطرته على حكم مصر.. إن الدين الصحيح يلزمنا بالدفاع عن القيم الإنسانية: الحق والعدل والحرية.. هذا جوهر الدين وهو أهم بكثير من إطلاق اللحية ورفع الأذان تحت قبة البرلمان.
الديمقراطية هى الحل.


ابتسم.. أنت فى رومانيا لوائل قنديل بالشروق

يخطئ المجلس العسكرى كثيرا إذا تصور أنه قادر على تنفيذ مخطط القضاء المبرم على الثورة من خلال تكتيك تصفية شبابها ورموزها الفاعلين، سواء بمطاردتهم ببلاغات جيش المواطنين الشهداء، أو إنهاكهم بتحرشات أمنية وإعلامية مفضوحة.

وأمام محكمة القاهرة الجديدة أمس تجمع عدد من النشطاء وشباب الثورة متضامنين مع الناشط رامى شعث أثناء حضوره إلى نيابة أمن الدولة بمبادرة منه، بعد أن ورد اسمه ضمن المشاركين فى الدعوة إلى الإضراب يوم 11 فبراير الجارى، فى واحدة من تجليات ما يتخيلون أنها مرحلة التصفية النهائية للثوار، وهى مرحلة تأتى لاحقة لفترة نشطت فيها محاولات إقامة جدران عازلة بين قطاعات الشعب الباحثة عن الاستقرار، وبين شباب الثورة ممن لايزالون متيقظين لتلك العمليات الممنهجة الرامية إلى اعتبار الثورة شيئا من الماضى.

ويبدو أن الحالمين بتقويض الثورة المصرية راقتهم كثيرا تلك المقارنة التى يتردد صداها على نطاق واسع بينها وبين الثورة الرومانية، وما آلت إليه من مصير بائس، بعد أن نجح رموز نظام شاوشيسكو فى التهامها، ووضعها فى جيوبهم.

وأزعم أن المقارنة التى كان أول من تطرق إليها الروائى العالمى علاء الأسوانى، ليست متعسفة، خصوصا فى هذه الفترة التى تكاد تتطابق فيها التصرفات والإجراءات المتبعة فى مصر 2011 ورومانيا 1989،

ولو دققت فى تفاصيل المشهد جيدا ستكتشف أنك كنت موغلا فى التفاؤل وحسن النية، مثل كاتب هذه السطور، عندما انزعجت من مقارنة علاء الأسوانى بين الثورتين وصرخت من أعماقك: مصر ليست رومانيا، ذلك أن الأمور تجرى هنا والآن على نحو تشعر معه أنه تم استيراد التكنولوجيا الرومانية فى إجهاض الثورات، وتحويلها إلى الاتجاه العكسى، وتطبيقها بحذافيرها وفقا للكتالوج الأصلى لها، وكأن مجموعة من خبراء رومانيا يمسكون بمفاتيح العملية كلها، من خلف الستار.

وحين تجد أن رئيس حكومة مبارك الذى جرى تعيينه فى محاولة أخيرة لوأد الثورة، وجرت فصول جريمة موقعة الجمل تحت ولايته، يتحدث باسم الثوار، ويقوم بدور الناقد لأخطاء الثوار، ويعيب عليهم أنهم تركوا الميدان مبكرا، وهو الذى لم يعترف يوما بأنها ثورة، وحين سئل فى ذروة الأحداث رد بأنها ليست ثورة، بل تعبيرا احتجاجيا حادا، عندما تجد ذلك يحدث أمامك وتسمعه بأذنيك، فإنك تكون أمام مشهد من مشاهد الدراما الرومانية بامتياز، حيث يتحول من قامت ضده الثورة إلى متحدث باسم الثورة، مقصيا الثوار خارج الصورة، مستخدما ثنائية الثوار الحقيقيين، وغير الحقيقيين، وبالطبع يكون الثوار غير الحقيقيين من وجهة نظره هم المجموعات التى لاتزال تناضل فى الميادين حتى الآن.

وهذا ما جرى بتفاصيله فى رومانيا، حينما عزلوا الثوار الحقيقيين عن ثورتهم، وصوروهم على أنهم مخربون وعملاء ومعطلون للاستقرار، وخيروهم بين عجلة الإنتاج وسيارة الترحيلات، وأطلقوا عليهم جيش «المواطنين الشرفاء» من نوعية ذلك الرجل الذى وقف أمام الهاتفين أمام محكمة القاهرة الجديدة أمس «يسقط حكم العسكر» صارخا «انتو صليتوا الظهر الأول يا ولاد الخايبة؟» وبالمناسبة كان ذلك قبل موعد أذان الظهر بعشرين دقيقة على الأقل.

الأحد، 19 فبراير 2012

مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان (الحلقة السادسة عشرة والأخيرة) .. عقدة التوريث

محمد حسنين هيكل
كانت قضية «التوريث» هى الدليل والإثبات الأظهر لمقولة أن الذين يعرفون كل شىء عن «مبارك» ــ هم فى الواقع لا يعرفون شيئا عنه!!

فلقد توصَّل كثيرون ممن يعرفون «مبارك» إلى أنه يريد توريث ابنه الأصغر، وأن ذلك مشروع يعمل جادا لتحقيقه، ولم أكن واحدا من الذين يعرفون «مبارك»، ومع ذلك فقد كان إحساسى ــ دون دليل يسنده ــ أن الرجل فى حسه الداخلى الدفين لا يريد ذلك، لا بتفكيره ولا بشعوره، بل لعله ينفر من الحديث فيه، لأنه يذكِّره بما يتمنى لو ينساه!!

وبمعنى أكثر وضوحا فهو لا يمانع أن يرث ابنه رئاسته، لكن تصرفاته تشى بأنه ليس مستعدا أن يحدث ذلك فى حياته، وهو فى مأزق حقيقى، لأنه بذلك الحال فى وضع رجل يقبل ولا يقبل، يقبل بغير أن تكون إرادته حاضرة فى القبول، ولا يقبل مادامت إرادته حاضرة!!

والقريبون منه يضغطون عليه ويواصلون الضغط، وإصرارهم أنه إذا لم يحدث التوريث فى حضوره وإرادته، فإن تحقيقه ضرب من المستحيلات فى غيابه وغياب سلطته!!

والعقدة أن الرجل ليس مستعدا فى قرارة نفسه، لكنه يجارى ويبدى من الإشارات ما يفيد معنى القبول، وهو يماطل ويراوغ ولا يقولها «نعم» صريحة أو «لا» قاطعة، لأنه يريد أن يحمى سمعه من ضغط «ناعم» مرات مثل لمس الحرير، و«ثقيل» أحيانا بوزن طن من الحديد!!

وفى تلك الأحوال راجت أحاديث عن خطط تُرسم، وسيناريوهات تُعد، ولا تنتظر إلا مناسبة مواتية أو تبدو مواتية، ثم يطرح المشروع نفسه، وتمر المناسبات ولا شىء يحدث!!

●●●

ووصل الإلحاح على الخطط والسيناريوهات إلى حد الجزم بأنه كاد أن يتحقق فعلا يوم عجز الرئيس «مبارك» عن إلقاء حديثه أمام مجلس الشعب فى شهر نوفمبر 2003، فقد قيل والرواة من الداخل أنه حين عجز الرئيس وكاد يسقط على الأرض وتأجلت الجلسة قُرابة ساعة فى انتظار مقادير خارج حساب البشر ــ خطر ببال أحد «أبرز» رجال الحاشية أنه فى حالة حدوث المكروه الذى كان يحوم حول القاعة التى نُقل إليها «مبارك» مُحاطا بأطبائه ــ أنه من المتصور أن يدخل رئيس مجلس الشعب ليعلن أن قضاء الله نفذ، وبينما المجلس مأخوذ بالمفاجأة، غارق فى الدموع والأحزان ــ يتقدم عدد من نواب الحزب الوطنى باقتراح مبايعة الابن وفاء للأب وتكريما له واستمرارا لمنهجه، ولم يكن الشك يخالج أصحاب هذا الاقتراح فى أن التصويت عليه بالموافقة سوف يكون ساحقا.

 مبارك في إحدى جلسات مجلس الشعب

والمدهش ــ وهذا الجزء من الرواية تسنده شواهد ــ أن أصحاب هذا الاقتراح تداولوه همسا، بينما كان أطباء «مبارك» يحيطون به يرسمون القلب، ويقيسون النبض، ويغرسون الإبر، وغيرهم مشغول بما بعد ذلك إذا فشلت جهودهم، وللدقة فليس فيما سمعت أن أحدا فاتح قرينة الرئيس «مبارك» فى هذا الأمر أثناء الأزمة، فقد شاء من تداولوا الفكرة «ألا يسببوا لها حرجا أثناء لحظات قلقها، كما أنهم خشوا أن يتبدى حرجها بردة فعل عفوية بالتردد»، وقد مضوا فى تصرفهم، حتى جاء أحد الأطباء يقول لهم «إن الرجل بخير، وأنه يستطيع خلال ربع ساعة من الآن أن يعود لإنهاء خطابه، حرصا وتجنبا للأقاويل، لو أنه خرج من المجلس دون أن يراه أحد من النواب الجالسين فى قاعة مجلس الشعب!».

وفاتت الفرصة لكن الحالمين بالخطط والسيناريوهات لم ينسوا، فقد بدت لهم فرصة ــ وتكرر نفس الخاطر عندما قصد الرئيس «مبارك» إلى «هايدلبرج» لعملية جراحية ظنوها غير مأمونة ــ وتكرر نفس الشىء عندما بدأ التفكير فى الرئاسة الخامسة لـ«مبارك»، واقتراح الحالمين هذه المرة أن يجىء الرئيس فى اللحظة الأخيرة ويوجِّه خطابا مؤداه «أنه لاعتبارات العمر والصحة يقدم لهم ابنه بديلا له»، لكن المحاولات كانت تصل إلى نقطة معينة، ثم يبدو فجأة أن اندفاعها يتباطأ، وأن خُطاها تتعثر حتى تتعطل تماما، وتدور العجلة كما ظلت تدور منذ سرت فكرة التوريث على استحياء مع مطلع القرن الحادى والعشرين!!

 مبارك في ألمانيا بعد إجراء الجراحة له

ومع أنى آثرت قضية «التوريث» مبكرا فى محاضرة شهيرة فى الجامعة الأمريكية (مساء يوم 18 نوفمبر 2002)، وقد لمحت وسمعت ما يثير التوجس والريبة، كما لمح وسمع غيرى فيما أظن ــ إلا أن أحدا لم يكن متأكدا من الطريقة أو من الموعد الذى ينجلى فيه الشك، ويرتفع الستار!!

وظلت التكهنات حول الموضوع حائرة على الأفق باستمرار، وتكاثر السؤال بمناسبة وبغير مناسبة!!

● وفيما يعرف العارفون والأغلب أنه الأقرب إلى الصحة، فقد كان السلطان «قابوس» أول من سأل الرئيس «مبارك» عن مشروعه لابنه، وكان الابن قد عاش خمس سنوات تقريبا فى بيت يملكه أحد رجال الأعمال من حاشية السلطان فى حى «كينسنجتون» فى لندن، وبالتالى فإن «سلطان عمان» أصبح بين أوائل من عرفوا بخطط انتقال الابن من بيت «كينسنجتون» فى لندن إلى بيت الرئاسة فى القاهرة.

وكان رد «مبارك» على السلطان طبقا لهؤلاء العارفين: «أن قرينة الرئيس قلقة أن تطول إقامة ابنها فى لندن، ومن ثم تصعب عليه العودة إلى مصر، ثم إن بقاءه فى لندن ربما ينتهى بزواجه من إنجليزية أو أجنبية، وهى لا تريد ذلك، وأنها بحثت فى أوساط العائلات المصرية التى تعيش فى لندن عن عروس مناسبة لابنها، ولم تعثر على مرشحة تتوافر لها المواصفات التى تطلبها، لكنها سوف تواصل البحث هناك وهنا، آملة فى التوفيق!!

● وكان السائل الثانى هو «معمر القذافي» الذى لاحظ ظهور الابن منتظما على الساحة السياسية المصرية (ولعل الموضوع كان يهمه كسابقة مضاعفة إلى ترسيخ منطق التوريث فى النظام الجمهوري)، وكذلك جاء سؤاله مباشرا ــ وربما فجا ــ عما إذا كان هناك تفكير فى التوريث على طريقة «بشار».

لكن الرئيس «مبارك» استنكر، وفاجأ «القذافى» بقوله: «إن تجربة «بشار الأسد» غير قابلة للتكرار فى مصر، وأن مصر ليست سوريا، وأيضا فإن النظام فى مصر جمهورى، والنظام الجمهورى لا يعرف توريثا للحكم».

ثم كان بعدها أن الرئيس «مبارك» أعلن هذا الرأى على الملأ.

مبارك والقذافي

وأضاف «مبارك» لـ«القذافى»: «أنهم فى رغبتهم لاستعجال عودة الابن ــ رأوا إغراءه بشاغل جديد يستهويه، وأنهم أعطوه بعض المهام السياسية «يتسلى بها»، «فلا نصحو ذات يوم فإذا هو يفاجئنا بأنه عائد إلى لندن، ثم نسمع أنه تزوج واستقر هناك!!».

وبالفعل فإن «مبارك» (الأب) كان محقا فى مخاوفه، لأن الابن حتى عندما عاد من لندن، جاء ومعه مشروع زواج من فتاة نصف بريطانية ونصف إيرانية، وقد لحقت به الفتاة ونزلت فى بيت للضيافة شهورا، ثم استطاع «حلم الرئاسة» أن يزيح «خيالات الغرام»!!

● وكان السائل الثالث أجنبيا، هو الرئيس الفرنسى «چاك شيراك»، وجاء سؤاله أثناء لقاء بين الرجلين فى قصر «الإليزيه» فى باريس فى فبراير سنة 2004، وجاء رد «مبارك»: بأن كل الذى يتردد فى هذا الصدد شائعات ينشرها بعض الصحفيين، وهدفها الإساءة إليه (إلى الأب)، بينما كل ما حدث أنه يستعين بابنه فى إدارة مكتبه كما يفعل الرئيس «شيراك» نفسه مع ابنته.

ويومها وافقه الرئيس «شيراك» على أنه بالفعل يستعين بابنته «كلود»، واختارها فعلا مساعدة له، مختصة بالعلاقات العامة.

●●●

● ومع اللغط المتزايد حول قضية التوريث فى مصر، فإن الأسرة الحاكمة السعودية أبدت اهتماما واضحا، وكذلك فإن أحد كبار أمرائها وجَّه السؤال إلى الرئيس مباشرة، وسمع رده:

ــ أنه لا يريد التوريث لابنه، وأول الأسباب أنه لا يريد أن يورِّث ابنه «خرابة»، وكان الرد مفاجئا لسامعه!!

●●●

● لكن يبدو أن الساسة البريطانيين كانوا يعرفون أكثر، فقد جرى اتصال مع السفير البريطانى فى القاهرة سنة 2002، وهو يومها السير «چون سوير» John Sawyer، (وهو يشغل الآن منصب المدير العام للمخابرات البريطانية الخارجية)، لسؤاله «إذا كان يمكن الترتيب لعلاقات أوثق بين نجل الرئيس وبين القيادة فى حزب العمال البريطانى الجديد؟!

وكان الابن وقتها قد بدأ الخروج والظهور على الساحة السياسية ضمن ما سُمى بعملية تجديد شباب الحزب الوطنى، وانطلاقة الفكر الجديد فى أمانة السياسات، وعليه فقد كان داعى الطلب المصرى هو الاهتمام بتجربة «تونى بلير» الذى بدا لمن يعنيهم الأمر فى القاهرة، شابا نجح فى النزول بـ(الباراشوت) على رئاسة الحزب ورئاسة الوزارة، وظن هؤلاء المعنيون بالأمر فى القاهرة أن «بلير» نموذج مدهش يستحق النقل عن أعرق البلدان الديمقراطية!! ــ وعاد السفير البريطانى يحمل ردا بالموافقة والترحيب.

 جمال مبارك

(ولم يكن «چون سوير» سفيرا عاديا لبريطانيا فى القاهرة، وإنما هو فى الأصل «رجل مهام خاصة»، وكان تعيينه فى سفارة القاهرة اختيارا لما هو أكثر من سفير، فقد كانت مهمته الحقيقية أثناء وجوده فى العاصمة المصرية هى التمهيد والتحضير السياسى لعملية غزو العراق سنة 2003، وبالفعل فإنه ما كاد الغزو يبدأ حتى نُقل «سوير» من «القاهرة» إلى «بغداد» ممثلا لبريطانيا على قمة سلطة الاحتلال فى «بغداد»، لكنه عجز عن إثبات وجوده، لأن المفوض الأمريكى للاحتلال «بول بريمر» لم يكن يريد شراكة بريطانية، وإنما يريدها علما أمريكيا لا ترتفع بجانبه أعلام!!).

ورحَّب الجميع فى حزب العمال وفى رئاسة الوزراء بما طلبوه فى مصر، واهتم «تونى بلير» بالذات، لأن السياسة البريطانية راودتها فى ذلك الوقت أوهام نفوذ خاص فى مصر، مع تكليف المجموعة الأوروبية لها (بريطانيا) مهمة رعاية التنظيم السياسى والتطوير الإعلامى، ضمن خطة تحرك على جبهة عريضة نحو العالم الثالث والشرق الأوسط بالتحديد، وكذلك فإن مهمة الاتصال مع لجنة السياسات فى الحزب الوطنى وأمينها («مبارك» الابن) عهد به إلى «بيتر مندلسون»، وهو المسئول الأول عن الحملات الانتخابية، وقد نجح فيها على امتداد ثلاثة انتخابات فاز بها «تونى بلير»!!

واستقبل «بيتر مندلسون» فى القاهرة بحفاوة (حتى بعد أن ترك منصبه فى وزارة التجارة فى حكومة «بلير» بسبب شُبهات حول علاقاته برجال الأعمال!!) ــ ثم أصبح «مندلسون» زائرا بانتظام للقاهرة، بدعوة من أمانة الشباب فى الحزب الوطنى، كما أن وفود أمانة السياسات لم تنقطع عن لندن، وكان بين ملاحظات «مندلسون» وقد سمعتها نقلا عنه «إن مُضيفيه المصريين مهتمين جدا بقسمين بالذات فى تنظيم حزب العمال الجديد: غرفة الدعاية، وغرفة العمليات السوداء، أى المتعلقة بالمهام القذرة (كذلك يسمونها)!!».

● ثم حدث أن الرئيس «چورچ بوش» الابن سأل الرئيس «مبارك» فى الموضوع آخر مرة زار فيها واشنطن فى عهده، ورد عليه الرئيس «مبارك» ضاحكا: «ألم يكن والدك رئيسا ثم جئت أنت هنا بعده؟!!» ــ ورد «بوش»: «إن ذلك كان بالانتخاب الحر، وأن هناك فاصلا مدته ثمانى سنوات، من إدارة «كلينتون» باعدت بين رئاسة الأب ورئاسة الابن!».

 بوش الأبن والأب

ومع أن «مبارك» لم يشأ فيما يبدو أن يناقش أكثر مع «چورچ بوش»، فإن السفارة الأمريكية أيام تولاها السفير «ريتشاردونى» راحت تتابع جهود التوريث فى القاهرة، وتنقل فى برقياتها (وقد أذيع الكثير منها ضمن مجموعة «ويكيليكس»)، تكهنات متزايدة حوله، بما فى ذلك أحاديث منقولة عن أصدقاء لـ«مبارك» (الابن)، وكانت أحاديث هؤلاء الأصدقاء صريحة فى أن التوريث قادم لا محالة، ولن يوقفه شىء، ولا حتى ما يبدو من تحفظ المؤسسة العسكرية حياله!!

وتحكى برقيات «ويكيليكس» نقلا عن السفارة الأمريكية فى القاهرة أن بين هؤلاء الأصدقاء (وقد حذف القائمون على نشر الوثائق السرية أسماءهم عندما نشروها حفاظا عليهم، وإن كانت أسماؤهم قد تسربت فيما بعد) ــ أنه عندما ألح السفير «ريتشاردونى» على بعضهم بقوله «إنه سمع أن المشير «طنطاوى» شخصيا يعارض التوريث لأسباب كثيرة لدى المؤسسة العسكرية فى مصر» ــ كان ردهم وبثقة زائدة «أن «مبارك» يستطيع إعفاء «طنطاوى» من منصبه فى خمس دقائق، وقد قام أحدهم بتذكير السفير الأمريكى قائلا «إن «طنطاوى» ليس أقوى من «أبو غزالة»، وقد رأيتم بأعينكم كيف تمكَّن «مبارك» من إعادة «أبوغزالة» إلى بيته عندما أراد ذلك، ولم يستغرق منه القرار جهدا، ولا ترتبت عليه متاعب فى القوات المسلحة ــ كما يردد المتشككون من المُعادين للابن الآن!!».

●●●

على أن الأنباء راحت تتسرب من محيط الرئاسة ذاته، بأن الرئيس أفصح لمن زاد إلحاحهم عليه أنه لا يستطيع مجاراة ما يطلبون منه، وأن عليهم تخفيف الضغط لأن المؤسسة العسكرية ليست راضية عن «التوريث»، وهو يقوم بكل ما يستطيع من جهد للإقناع وللتحضير، لكن المقاومة مستعصية، والمسألة ليست بالسهولة التى يتصورها من يلحون عليه بأنه «الآن» لينفذ ما يطلبون، وإلا ضاعت فرصته.

وتسربت فى محيط الرئاسة قصص وروايات عن مشاجرات علت فيها الأصوات.

وكانت الحقيقة معقدة.

صحيح أن المؤسسة العسكرية بالفعل كانت تعارض، وقد أرادت أن تجعل معارضتها معروفة لدى الرئيس «مبارك».

إلا أن الصحيح أيضا أن «مبارك» استخدم ما بدا له من معارضة المؤسسة العسكرية وكرره وضغط عليه، لأنه وجد فيه ما يوافق شعورا غامضا فى أعماقه ينفر من حديث «التوريث»!!

وفى الحقيقة فإن تحفُّظ المؤسسة العسكرية على «التوريث» ورد ضمنا أثناء الاستفتاء على تعديلات دستورية جرى تفصيلها خصيصا على مقاس الوريث سنة 2006، وجرى إقرارها وسط معارضة متزايدة، ورفض شعبى واضح، جعل المشير «محمد حسين طنطاوى» يبدى رأيا، مؤداه «أنه وكل القادة يرجون الرئيس مراعاة قاعدة مستقرة فى السياسة المصرية تنأى بالقوات المسلحة عن أى دور يفرض عليها احتكاكا بالداخل السياسى».. (وذلك تعهُّد وقع تخطيه مرة واحدة من قبل أثناء مظاهرات الطعام 17 و18 يناير 1977، اتسع نطاقها وخرجت عن سيطرة البوليس، ويومها وكان المشير «محمد عبدالغنى الجمسى» وزيرا للدفاع، وكان شرطه لتدخل القوات المسلحة واستعادة سيطرة الدولة أن يُعلَن عن إلغاء الزيادات فى الأسعار، وبعدها وحين يزول السبب الذى أدى إلى اندلاع المظاهرات ــ تقوم القوات المسلحة بالمساعدة على إعادة الاستقرار والسلام الداخلى للوطن!!).

والآن كانت الرسالة الواضحة فيما قاله المشير «طنطاوى» أن القوات المسلحة لا تريد أن يزج بها فى مشاكل داخلية قد تنشأ من رفض شعبى لقبول «التوريث».

 المشير حسين طنطاوي

●●●

لكن الغريب أن الرئيس «مبارك» لم يظهر منه ضيق بهذا التحذير، وكانت كثرة إشارته له دليل على أنه لاقى شيئا بالقبول عنده، وتلك قضية تحتاج إلى بحث نفسى يصل إلى العمق البعيد عما هو كامن ومكبوت!!

والأشد غرابة أن الرئيس «مبارك» نفسه كان بين الذين شعروا أن الهمة الزائدة فى البحث عن عروس مناسبة للابن كانت جزءا من عملية تأهيله لإرث الرئاسة، باعتبار أنه من الصعب على مجتمع محافظ مثل المجتمع المصرى أن يقبل برئيس «أعزب»!!

●●●

وكالعادة فإن كل فعل له رد فعل، كما أن كل تصرف مخالف للطبيعة له ضرائبه المضاعفة، ومن ذلك أن أصبح شائعا على نحو مقلق أن حديث «التوريث» أثر سلبا فى أجواء الأسرة الرئاسية، لأن الابن الأكبر أحس أن الأصغر نال الحظوة، وبدأت بين الأخوين جفوة تحولت إلى هوة، ورغم السواتر من كل نوع فقد رأى الناس طرفا من مظاهر تردى العلاقة بين الأخوين، فالأخ الأكبر ــ الذى يعتبر نفسه صاحب الاستحقاق الطبيعى (إذا كان هناك حق) ــ راح ينتهز الفرص ليؤكد وجوده، ولعله اختار مجال الرياضة لظهوره، وفيها ملاعب كرة القدم وهو من عشاقها (وبالتالى فهو الأقرب إلى جماهيرها وهم حزب أغلبية فى البلد).

وفى مباراة مصر والجزائر خرج الابن الأكبر على الناس بما تصوره تعبيرا عن الوطنية المستثارة ــ دون داعٍ ــ حتى وصل إلى حد الطلب علنا من السفير الجزائرى أن يرحل عن مصر، ويتحداه على شاشة التليفزيون موجِّها له الخطاب: ماذا تنتظر لترحل؟!، ويضيف ألفاظا تسىء للعلاقات بين البلدين بكل تأكيد، وزاد على ذلك أن الابن الأكبر راح يكثِّف حملاته وظهوره على الساحة العامة، بما فيها لقاءات ودية ــ غير معلنة ــ مع بعض الكُتَّاب المعروفين بمعارضتهم للأخ الأصغر وتوريث الحكم له!! ــ وكان ذلك مناخا مقلقا فى بيت الرئاسة إضافة إلى توترات أخرى!!

ووصلت العلاقات بين الأخوين إلى مشاهد مؤسفة، لابد أن وقعها كان قاسيا على الأب!!

 جمال وعلاء مبارك

●●●

والمدهش أن الرئيس «مبارك» راوده الإحساس بالتوجس والارتياب، حين وصلت إليه نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة أواخر سنة 2010، فقد أحس ــ ربما ــ أن هناك محاولة لتمرير مخطط التوريث، حتى دون موافقته وحتى أثناء حياته، فقد لاحظ أن حجم الأغلبية التى حصل عليها الحزب الوطنى فى مجلس الشعب زائد عن الحد، ولعل هذه الزيادة ــ أوحت لعقله الباطن ــ أنها تمهيد لتوريث قد يُفرض عليه هو فرضا ــ وبقرار من البرلمان الجديد عندما يحين موعد اختيار مجلس الشعب لمرشح الأغلبية للرئاسة فى موعد أقصاه يوليو 2011.

ومن المفارقات أن بعض المراقبين أدهشهم أن الرئيس «مبارك» تراجع بسرعة أكثر من اللازم ــ فى تقديرهم ــ ثم استسلم دون مقاومة جدية لمطلب التنحى بعد ثورة 25 يناير 2011 ــ وكان بينهم من وجدوا لذلك تفسيرا، مؤداه أن الرئيس «مبارك» أراح نفسه وتنحى، وهو لم يتنح لنفسه فقط وإنما أزاح ابنه وسط الزحام قبل أن يخرج هو من الصورة عندما عيَّن السيد «عمر سليمان» نائبا للرئيس، وكانت الحوادث أسرع من الجميع!!

●●●

ومن المفارقات أن قضية «التوريث» كانت الشاغل الكبير لقوى خارجية مهتمة بالشأن المصرى، أولاها الولايات المتحدة الأمريكية، والشاهد أن مراكز المخابرات المدنية والعسكرية فى الولايات المتحدة وطوال أحاديث «التوريث»، خصوصا فى الأشهر الأخيرة من سنة 2010 ركزت على الموضوع، وكرَّست جهودا، وخصَّصت لجانا ومؤتمرات تبحث تصورات ما يمكن أن يجرى فى مصر بعد «مبارك»، وربما أن أهم تقرير أُعد وقتها هو تقرير مجموعة التقديرات فى كلية الحرب الأمريكية للجيش الأمريكى (S.S.I).

ومن الملاحظ أن هذا التقرير صدر بتاريخ سبتمبر 2011، ومع أن الحوادث فى مصر سبقته ــ فإن كلية الحرب الأمريكية نشرته، واعتبر ما فيه ساريا، حتى بعد استبعاد احتمالين بين السيناريوهات الخمسة التى تصورتها لما بعد «مبارك».

استبعدت أن يواصل «مبارك» نفسه السلطة (مرة سادسة كما كان اتجاهه واتجاه الحرس القديم فى الحزب الوطنى).

ــ أو أن يرث ابنه عنه رئاسة مصر (كما كان يريد الابن، ويريد معه من سموا أنفسهم بالحرس الجديد).

ثم طرح التقرير ما تبقى من تصورات، مركزا على 3 سيناريوهات تتحرك من خلال عملية صراعات بين التيار الإسلامى (الإخوان والسلفيين)، وبين القوات المسلحة، وبين عدد من الشخصيات والتنظيمات الحزبية أو المستقلة، لكن التقرير الأمريكى لم يقطع بنهاية محددة للصراع، مما يضع الولايات المتحدة وسياساتها تجاه مصر فى وضع ترقب وتحفز كل الجبهات، ذلك أن السياسة الأمريكية ومعها تقديرات القيادة العسكرية الأمريكية بالذات تعتبر مصر بلدا بالغ الأهمية بالنسبة لها، فهى القاعدة التى ترتكز عليها حركتها فى المنطقة كلها، والمقولة الإستراتيچية المتكررة بإلحاح فى جميع التقديرات ولدى كل مراكز صناعة القرار هى «أن مصر لا يجب أن تضيع من يد الولايات المتحدة الأمريكية مهما كانت الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، ومهما كانت درجة المرونة أو العنف فى الممارسة السياسية الأمريكية ضمانا لتحقيقه!!».

وكذلك فإن السياسة الأمريكية مضت تلاحق الحوادث، وتتعامل مع التطورات، وتتحرك بكل طاقاتها، والهدف المطلوب بإلحاح «مصر يجب ألا تضيع من يد الولايات المتحدة مرة أخرى» ــ وذلك هو الشبح المعلق على أفق المستقبل فى مصر ــ هذه اللحظة الخطرة من التاريخ!!