المشاركات الشائعة

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

لا تخذلوا «التحرير» أمام الصندوق - وائل قنديل - الشروق

فى مصر من يحلم بأن ينام ويصحو فيجد ميدان التحرير وقد اختفى من الخارطة، أو ابتلعه النهر، بالطريقة ذاتها التى كان يعبر بها جنرالات الكيان الصهيونى عن كراهيتهم لقطاع غزة ويسجل التاريخ أن شارون كان يتحرق شوقا لأن يبتلعها البحر.

غير أن غزة أثبتت جدارتها بالحياة وبقيت صامدة رغم الإرهاب والإجرام الإسرائيلى، فيما ابتلع النسيان السفاح شارون ليبقى سنوات طوال لا هو حى ولا هو ميت، وكذلك سيبقى ميدان التحرير رمزا وعنوانا للصمود وقلعة للتغيير والكرامة الإنسانية.

لقد استخدموا كافة أنواع الأسلحة من أجل محو ميدان التاريخ من الوجود المادى، وتشويه معالمه وملامحه الجميلة كوجود معنوى يضىء فى وجدان المصريين.. حاصروه بالمدرعات والمجنزرات وآلاف الجنود ولم يمت.. دكوه بقنابل الغاز والرصاص المطاطى والحى ولم يتزحزح قيد أنملة عن قلوب الناس وأفئدتهم.

والآن يخوضون حربا نفسية ومعنوية ضد الميدان، وقد شهدت الأيام الماضية عمليات إنزال لمجموعات من البلطجية والمتحرشين فى أرضية الميدان لإحداث حالة من الفوضى وصناعة صورة ذهنية بائسة وغير محترمة وإلصاقها بالمتواجدين فى الميدان، وربما تشهد الأيام المقبلة موجة جديدة من حملات تشويه الميدان بثواره.

وقد سبق وأن أثبت ميدان التحرير قدرة هائلة على امتصاص كل هذه الضربات والتصدى لعديد من الهجمات الشرسة التى استهدفت العبث بجغرافيته وتاريخه ودلالاته الأخلاقية كمعقل للثورة والثوار، وسيثبت هذه المرة أيضا أنه أكبر وأقوى من ترسانة أسلحتهم الجبارة.

غير أن هذا الأمر يتطلب من المتواجدين فى الميدان أقصى درجات الوعى والإيمان بضرورة الاصطفاف والتوحد فى وجه محاولات الاختراق، لكى يتمكنوا من الاحتفاظ بميدانهم نقيا وبهيا ومدهشا للعالم كله كما هو، وكما هو مطلوب من اللجان الشعبية اليقظة والحيطة لكل متسلل لممارسة البلطجة والتحرش، مطلوب أيضا من اللجان السياسية الانتباه لمحاولات تصنيع كيانات مزورة وعبوات مقلدة من الائتلافات الحقيقية يستخدمها الخصوم ويحتضنونها إعلاميا لترويج مواقف سياسية لا تمت إلى روح الميدان وقيمه وثوابته ومبادئه وأحلامه بصلة.

وقد لاحت بوادر هذه اللعبة الجديدة /القديمة بالإعلان عن أن سبعة من (شباب الثورة) التقوا بكمال الجنزورى وعبروا عن تأييدهم لتكليفه بتشكيل الوزارة، وحسنا فعلت ائتلافات شباب الثورة الحقيقية بالمسارعة بكشف هذه اللعبة من خلال تأكيدها على أن الأسماء السبعة ليست من الميدان ولا تعبر عنه، وقد سألت معظم شباب الائتلاف فشددوا جميعا على أن هذه الأسماء لم يسمع عنها أحد من قبل.

وهذه اللعبة الجديدة قديمة جدا وهى مستوحاة من اللعبة ذاتها التى كان يمارسها نظام مبارك باصطناع أحزاب ورقية صديقة للبيئة وصالحة للاستخدام فى كل المناسبات، من الانتخابات المزورة إلى مبايعات التمديد والتوريث، وقد جرى طرحها فى الأسواق عقب نجاح الثورة فى إزاحة المخلوع حين عقدوا مؤتمرا موسعا فى أحد فنادق القوات المسلحة لنحو مائة من الائتلافات الصناعية، فى محاولة لابتذال معنى الائتلافات الطبيعية التى أسهمت فى صنع الثورة وكانت تعبيرا حقيقيا عن روحها وقيمها.. انتبهوا وتوحدوا، ولا تخذلوا ميادين التحرير فى صناديق الانتخابات، ولا تمنحوا أصواتكم لمن باعوا الميدان على موائد الصفقات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق