المشاركات الشائعة

الأحد، 20 أكتوبر 2013

الموقع الأحدث

السبت، 19 أكتوبر 2013

عبدالفتاح السيسى وحور محب بقلم د. وسيم السيسى ١٩/ ١٠/ ٢٠١٣ - المصرى اليوم

منذ عشرين عاماً، اشتريت سيارة مرسيدس جديدة، وفى الإسكندرية اصطدم بها شاب متهور، فأضاع جمالها وفرحتى بها، قال والدى كلمات لا أنساها: «لابد أن تؤمن بمبدأ الفداء يا بنى، شىء يعوض فداء لشىء ربما لا يعوض».

تأملت هذه الكلمات، فعرفت معنى الأضاحى.. الحيوان الذى يعوض.. عن الإنسان الذى لا يعوض، كل عيد أضحى مبارك ومصر كلها بخير.
يقول وندل هولمز: كل إنسان أربعة: الإنسان كما يراه الله، الإنسان كما يرى نفسه، الإنسان كما يراه الناس، الإنسان كما يراه أقرب الناس إليه. السلوك هو ما يراه الناس، والأخلاق هى ما يراها أقرب الناس إليك، فإذا كان الفرق شاسعاً تظهر أمامنا كلمات برنارد شو: المظاهر خادعة! من هنا وجب التدقيق قبل تكوين أى رأى عن الأفراد، سواء فى الحياة السياسية أو الاجتماعية! صحيح إذن حكمة الشعوب التى تعبأ فى كلمات قليلة مضيئة نافذة، خذ مثلاً: لا تذم ولا تشكر إلا بعد سنة وستة أشهر! ومثلاً آخر: اللى تتجوز بسرعة تندم على مهلها!
لم أقع فى حيرة.. مثل حيرتى فى موضوع رئاسة مصر!.. طالما تحدثت عن أسوأ أنواع الحكم: ١ - الحكم الدينى ٢ - الحكم العسكرى، ذلك لغياب أعظم كلمة فى قاموس أى لغة ألا وهى: النقد.. النقد بمفهومه العلمى: أ- الإيجابيات ب- السلبيات ج- العلاج، هذه الكلمة السحرية تعتبر أجندة أجنبية لنظام الحكم العسكرى، كما تعتبر كفراً وحزب الشيطان لنظام الحكم الدينى، ولا يمكن لدولة أن تتقدم بدون هذه الكلمة القادرة على التغيير من أصغر صغير لأكبر كبير!
ولكنى أستعرض التاريخ فأجد أن من وحّد القطرين كان مينا، ومن أقام الإمبراطورية كان تحتمس الثالث، ومن طرد الهكسوس كانوا سقنن رع، كاموس، أحمس، ومؤسس مصر الحديثة محمد على باشا، ومن طرد الإنجليز جمال عبدالناصر، ومن حرر سيناء وهزم إسرائيل.. السادات، ومن حرر مصر من الصهيونية العالمية وأدواتها.. أمريكا، إسرائيل، تركيا، أوروبا، قطر، الإخوان.. هو عبدالفتاح السيسى، كما أن أول من وضع قانوناً لحقوق الإنسان كان حور محب «الأسرة ١٨»، كانوا جميعاً عسكريين.
أتكون مصر فى حاجة إلى حاكم عسكرى مستنير فى لحظات التاريخ الفارقة، ثم نعود للحكم المدنى بعد ذلك؟!
من العسكريين من كانوا سبباً فى كوارث لبلادهم: هتلر «عسكرياً»، مبارك «ثقافياً واقتصادياً» ناصر «انتكاساته بعد إنجازاته» محمد على باشا فى تمدده العسكرى حتى وصل لـ«الآستانة»!.. حيرة ما بعدها حيرة!
ما أشبه اليوم بالأمس البعيد، البلاد ممزقة، فقيرة بعد الدرويش إخناتون الذى ضيع مصر، ومن بعده رجل الدين المتآمر «آى» ثم جاء العظيم حور محب، عرف أن الشعوب تهلك من غياب العدل، وقلة المعرفة، فقدس تحوت رب المعرفة، كما اعتبرها جريمة كبرى أن يتخطى قاضٍ حدود العدل، كان مصلحاً قبل أن يكون سياسياً، وجد الفساد، الرشوة، ورجال الجيش فى كل مكان، فأصدر قانوناً لحقوق الإنسان، أعاد لمصر وجهها الحضارى المدنى، بعد أن كانت على شفا الهاوية.
كانت مصر تهتف باسمه:
مرحباً بك يا من اسمك فى كل مكان.
إن بُعد صيتك جعل الرهبة فى قلوب الأعداء.
السلام عليك يا مليك مصر.
ترك حور محب مصر وهى موحدة بعد أن كانت ممزقة، تركها قوية ثرية بعد أن كانت فقيرة ضعيفة، تركها تؤمن بالعلم.. بر الأمان، وليست دروشة إخناتون الذى أوقع البلاد فى صراعات دينية بالرغم من أن مصر كانت موحدة من قبله بآلاف السنين «خرطوش- مينا موحد القطرين بتوحيد العقائد»، متون «الأهرام». ترى هل يحمل السيسى جينات حور محب؟! مارجريت كاندل عالمة الجينات تقول: ٩٧٪ من جينات المصريين مسلمين ومسيحين واحدة، وهى جينات الفراعنة.. عظيمة يا مصر.

الاثنين، 30 سبتمبر 2013

فى مساوئ اللهوجة لعلاء الأسواني بالمصرى اليوم



منذ عشرين عاما استعنت بنقاش اسمه سعيد لدهان شقتى، قال لى إنه تعلم الصنعة على يد نقاش إيطالى فى الإسكندرية. لم أر مثل سعيد فى إتقانه لعمله. كان يدهن الحوائط وكأنه يرسم لوحة فنية.. يسنفر الحائط، ثم يغطيه بالمعجون، ثم يسنفره من جديد ويدهنه وينتظر حتى يجف الدهان قبل أن يدهن طبقة جديدة. وكان فى آخر النهار يكنس مكان عمله ويمسحه بالماء والصابون حتى يجده نظيفا فى الصباح. الغريب أن إتقان سعيد لصنعته لم يؤد إلى تفوقه فيها، بل جلب عليه مشكلات جمة. فقد اشتهر سعيد وسط النقاشين بأنه عامل بطىء قد يستغرق أياما فى مهمة ينجزها نقاش آخر فى يوم واحد، وقد أدت هذه السمعة إلى إحجام المقاولين عن الاستعانة بسعيد فى مشروعاتهم، مما أدى إلى وقف حاله تماما. سعى سعيد مرارا لإقناع المقاولين بأن إتقانه للعمل حتى لو أخذ وقتا إنما يوفر عليهم العيوب التى ستظهر فى الطلاء وتستلزم تكلفة إضافية لإصلاحها، ولكن عبثا، فقد اقتنع المقاولون جميعا بأن سعيد لا يأتى من خلفه إلا التعطيل ووجع الدماغ. ناقشت سعيد مرة فقال لى بمرارة:

- المقاول لا يمكن يفهمنى.. أنا عاوز أشتغل صح وهو عاوزنى أشتغل لهوجة.
ترك سعيد صنعة النقاشة وعمل بائعا متجولا حتى مات فقيرا فى العام الماضى وترك وراءه زوجة وأطفالا. حزنت لموته وفكرت أن الناس فى بلاد الدنيا يفقدون عملهم إذا لم يتقنوه إلا عندنا فى مصر، فالإنسان قد يفقد عمله إذا سعى لإتقانه. بحثت عن كلمة «لهوجة» التى سمعتها من المرحوم سعيد فوجدتها لفظة عربية صحيحة مشتقة من فعل «لهوج» بمعنى «أهمل»، فيقال «لهوج الرجل عمله» بمعنى «فعله على عجل وبلا إحكام»، أو يقال «لهوج الرجل اللحم المشوى» بمعنى «لم ينضجه على النار». إذا كان هناك عنوان للمجتمع المصرى فهو اللهوجة. نحن نادرا ما نتقن عملنا أو ننفذه طبقا للقواعد، كم محامٍ تعرفه يقرأ القضية بتركيز ويعد نقاط الدفاع بعناية قبل أن يمثل أمام القاضى؟!. كم طبيبا يأخذ وقته فى الكشف على المرضى ويقارن نتائج التحاليل والأشعات بالأعراض ليصل إلى التشخيص الصحيح؟!. مصر البلد الوحيد فى العالم الذى يجرى فيه الإنسان عملية جراحية فيكتشف بعد شهور أنهم نسوا فوطة أو مقصا فى أمعائه، والسبب أن الممرضة قد لهوجت عملها فلم تراجع الأدوات قبل وبعد العملية. بالإضافة إلى اللهوجة المهنية نعانى نحن المصريين من اللهوجة السياسية المستمرة. اللهوجة المهنية تحدث بسبب الطمع أو قلة الضمير، أما اللهوجة السياسية فتتعمدها السلطة لتخدع الشعب وتمنعه من حقوقه. فى يناير 2011 قام المصريون بثورة عظيمة أطاحوا فيها بمبارك، ثم وضعوا الثورة على مكتب المجلس العسكرى وانصرفوا إلى بيوتهم. تظاهر المجلس العسكرى بانحيازه للثورة، ثم قام بلهوجة سياسية حافظ بها على نظام مبارك سليما كما كان ومنع التغيير الذى قامت الثورة من أجله. سمح المجلس العسكرى بإنشاء أحزاب على أساس دينى (بالمخالفة للدساتير المصرية كلها) وتحالف معها فتغاضى عن جرائمها الانتخابية لأنه أراد لها أن تسيطر على البرلمان. لم يطبق المجلس العسكرى القانون على الأحزاب الدينية، ولم يهتم بكشف مصادر تمويلها ولم يسألها عن الملايين التى تنفقها فى شراء المقار والدعاية، ثم أنشأ لجنة عليا للانتخابات قدمت إليها فيديوهات تصور الإخوان والسلفيين وهم يشترون أصوات الفقراء فى وضح النهار، فلم تفعل لهم اللجنة شيئا. أما الانتخابات الرئاسية فكانت لهوجة سياسية كبرى.. فقد أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن الفائز هو محمد مرسى فتولى رئاسة مصر لمدة عام كامل، ثم تبين أن منافسه أحمد شفيق قد تقدم بطعون يتهم مرسى فيها بتزوير الأصوات لصالحه، فلم تحقق فيها لجنة الانتخابات إلا بعد مرور عام كامل من رئاسة مرسى، وفى النهاية تنحى القاضى ورفض إعلان نتيجة التحقيق لأنه استشعر الحرج. القضية هنا بالطبع ليست فى أحمد شفيق (الذى مازلت أرى أنه تابع مخلص لمبارك لا يجوز أن يتولى الرئاسة بعد ثورة أطاحت بأستاذه)، القضية أن يكتشف المصريون بعد عام كامل أنهم خدعوا وأن نتيجة انتخابات الرئاسة مشكوك فيها. أضف إلى ذلك الوثائق التى تظهر فى الإعلام بين حين وآخر لتؤكد أن الفائز الحقيقى هو شفيق، وفى كل مرة نقرأ أن النائب العام سيحقق ولا نعرف نتيجة التحقيق أبدا. السؤال هنا: كيف تعلن اللجنة العليا للانتخابات عن فوز مرسى قبل أن تحقق فى الطعون المقدمة ضده، وإذا كان هذا سلوك اللجنة فى الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة فلابد أن سلوكها فى الجولة الأولى لم يختلف كثيرا. لقد تقدم المرشح الرئاسى حمدين صباحى بطعون سجل فيها مخالفات جسيمة تمت لصالح شفيق، لكن اللجنة تلقت الطعون ولم تحرك ساكنا. فى كل مرة يكون أمام الشعب فرصة حقيقية للتغيير تحدث لهوجة سياسية يتم من خلالها خداع المصريين بانتخابات غير قانونية تحدث فيها مفاوضات فى الكواليس لا نراها وإن كنا نستنتجها من الأحداث. فى يوم 30 يونيو الماضى نزل ملايين المصريين فى موجة ثورية كبرى كانت أهدافها واضحة تماما: إنهاء حكم الإخوان وحظر الأحزاب الدينية وإنشاء دولة ديمقراطية حقيقية وتحقيق العدالة الاجتماعية وسيادة القانون.. انحاز الجيش لإرادة الشعب فأجبر مرسى على التنحى وأعلن عن خارطة طريق للتحول الديمقراطى، فتفاءل المصريون خيرا وتنفسوا الصعداء لما تخلصوا من عصابة الإخوان، ثم تم تشكيل لجنة العشرة التى تلقت اقتراحات تعديل دستور الإخوان ونقلتها إلى لجنة الخمسين، لكننا بدأنا نرى ظواهر مريبة ومقلقة.. بدلا من حظر الأحزاب الدينية لتحقيق مطالب الثورة رأينا رئاسة الجمهورية ترجو حزب النور السلفى وتلح عليه حتى يشترك فى لجنة الخمسين، بينما حزب النور (الذى شارك الإخوان فى جرائمهم كلها ثم اختلف معهم فقط على الغنائم) يتدلل ويضع شروطا حتى يشترك فى اللجنة، ثم يخرج من الجلسات ليهاجمها ويحذر من أن تعديل الدستور سيؤدى لعبادة الشيطان والجنس الجماعى. أنصار الإخوان يمارسون الإرهاب ويقتلون جنودنا كل يوم تقريبا، لكن الحكومة مترددة فى الإعلان أن جماعة الإخوان إرهابية. نصف المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وبالتالى من أبسط حقوقهم أن يكون هناك حد أقصى وحد أدنى للأجور كما يحدث فى الدول المحترمة، لكن الحكومة تخدع المصريين وتحدد الحد الأدنى وتترك الحد الأقصى للأجور مفتوحا، وذلك لمصلحة كبار المسؤولين الذين يتقاضون ملايين الجنيهات شهريا من أموال دافعى الضرائب.. هذه الأيام بدأت التكهنات عن انتخابات الرئاسة فأعلن بعض السياسيين عن ترشيح أنفسهم وأعلن آخرون أنهم سينسحبون لو رشح الفريق السيسى نفسه، لأنه الأكثر شعبية (إذ يعتبره المصريون عن حق بطلا قوميا بعد مساندته للشعب ضد عصابة الإخوان). يريدون لنا أن نخوض فى هذا الجدل وكأننا فقدنا الذاكرة أو كأنه قدر لنا أن نكرر أخطاءنا إلى الأبد، يريدوننا أن نقتنع بأن لدينا انتخابات عادلة فعلا.. لا توجد فى مصر قاعدة واحدة سليمة للانتخابات من تلك المعمول بها فى الدول الديمقراطية. هل يعلم الشعب حجم ثروات مرشحى الرئاسة وكيف حصلوا عليها؟!. هل نعلم من أين تأتى ملايين الجنيهات التى ينفقونها فى الدعاية كما حدث فى الانتخابات الماضية؟!.. ماذا يضمن لنا أن اللجنة العليا للانتخابات لن تدفن الطعون المقدمة ضد أى مرشح وتعلن فوز مرشح آخر قبل التحقيق فى الطعون المقدمة ضده كما فعلت من قبل؟!. إن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى مصر ليست إلا لهوجة سياسية كاملة بلا تكافؤ فرص ولا شفافية ولا قواعد ولا وسائل لتنفيذ القانون. هذه اللهوجة ليست عشوائية وإنما هى مدبرة من أجل الالتفاف على أهداف الثورة ومنع التغيير الذى قامت من أجله.. إن أعضاء اللجنة الخمسين، وكلهم شخصيات وطنية محترمة، يتحملون الآن المسؤولية التاريخية لتحقيق المطالب التى خرج من أجلها ملايين الناس وأهمها:
1- منع إقامة أى أحزاب على أساس دينى أو مرجعية دينية وحل الأحزاب الدينية الحالية، وإذا كان أعضاء هذه الأحزاب يريدون العمل بالسياسة فعليهم أن يشكلوا أحزابا مدنية تتنافس فى خدمة المصريين دون الاستعمال السياسى للمقدسات الدينية.
2- النص فى الدستور على الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور فى القطاع الحكومى كما هو متبع فى كل الدول الديمقراطية، على ألا يزيد الحد الأقصى على 25 ضعفا للحد الأدنى.
3- إخضاع الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة (شركات الخدمة العامة) لرقابة الدولة وتحصيل الضرائب المستحقة عليها.
4- إخضاع الانتخابات البرلمانية والرئاسية لإشراف دولى فى كل مراحلها، والعمل على تحقيق شروط نزاهة الانتخابات المعروفة من شفافية التمويل وفحص ثروات المرشحين وشطب المرشح الذى يتجاوز الحد الأقصى للإنفاق وتجريم شراء الأصوات الانتخابية.
5- تطبيق التمييز الإيجابى فى كل المجالس المنتخبة، وذلك بتخصيص نسبة كوتة للأقباط وللمرأة، وهذه الخطوة تتم لإعطاء فرصة عادلة للفئات التى تحول الثقافة السائدة دون تمثيلهم فى البرلمان.
6- تعيين النائب العام عن طريق المجلس الأعلى للقضاء بمعزل تام عن إرادة الرئيس الجمهورية، وذلك تحقيقا لمبدأ استقلال القضاء.
7- تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية بمعزل عن إرادة رئيس الجمهورية تحصينا لمبدأ الرقابة، فلا يحدث فى أى دولة ديمقراطية أن يختار الرئيس الأجهزة التى ستقوم بالرقابة على أدائه.
8- العلاج الشامل المجانى والتعليم المجانى فى كل المراحل من حقوق المواطن على الدولة ويتم الإنفاق عليها من حصيلة الضرائب التصاعدية التى تفرضها الدولة على الأثرياء.
9- إلغاء الصناديق الخاصة التى خلقت اقتصادا سريا بين المحظوظين من موظفى الدولة وضم أموالها للخزانة العامة، ولا يجوز تحصيل أى رسوم لا تضاف إلى خزانة الدولة.
10- منع محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى مهما كانت الأسباب وإلغاء محاكم ونيابات أمن الدولة وقصر مهمة جهاز الأمن الوطنى على جمع التحريات وتقديمها للنيابة العامة للتحقيق مع المتهمين.
هذه المبادئ التى ستحقق أهداف الثورة وإذا تم تجاهلها فإن الدستور المعدل سيعيد إنتاج نظام مبارك لنجد أنفسنا قد عدنا إلى نقطة الصفر. الثورة مستمرة ومنتصرة بإذن الله..
الديمقراطية هى الحل

السبت، 28 سبتمبر 2013

أجداد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا من مصر بقلم د. وسيم السيسى ٢٨/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

فى لجنة الخمسين العامة للتعديلات الدستورية، الأربعاء الماضى.. تحدثت عن تأكيد الهوية المصرية، وكيف أن فرانسيس باكون كان يرى أن أوروبا تتقدم بثلاثة: ١ - أن يكون لها تاريخ ٢ - ثورة صناعية ٣ - فصل الدين عن مؤسسات الدولة.
كذلك الشاعر الإغريقى سيمونيدس الذى كان يرى أن الهزيمة ليست فى الغزو بل فى نسيان التاريخ والحضارة، وقال جملته الخالدة: «هزمناهم ليس حين غزوناهم، بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم!».
الشىء العجيب أن هناك مفهوماً خاطئاً وشائعاً، ألا وهو: أن الحضارة المصرية القديمة معاكسة للدين! ولو استعرضنا التاريخ لوجدنا أن النبى موسى عليه السلام تأدب بحكمة المصريين، كما جاء فى التوراة، كما أن السيد المسيح عاش فى مصر، وكانت تعاليمه تحمل نفس الرقة والحب والتسامح ومبادئ الأخلاق الموجودة فى الحضارة المصرية القديمة!
أما الرسول عليه الصلاة والسلام، سألوه عن علاقته بالكنانة «مصر» قال: اصطفى الله من بنى إسماعيل الكنانة، واصطفى من الكنانة بنى مناف، واصطفى من بنى مناف قريشاً، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم، فلم أزل خياراً من خيار، أى أفضل الناس من أفضل الناس.
المصدر: عمر بن وائلة بن الأشنج.
جدير بالذكر أن بنى مناف من منف، ومنف كانت عاصمة مصر.
تحدثت فى اللجنة الدستورية أيضاً عن التمييز، وطالبت بالتمييز الإجابى «كوتة للأقباط والمرأة» حتى ينتهى وينتفى التمييز السلبى فى بعض مجتمعاتنا الذكورية! وداهمنا الوقت المباح، ولكنى أكمل هنا ما كنت أود قوله فى اللجنة!
منذ بضع سنوات.. أوصى البرلمان الأوروبى بثلاثة: ١ - التعليم حتى ينقل المرأة من لعبة جنسية فى يد الرجل إلى إنسانة كاملة الأهلية.
٢ - العمل حتى يحررها من العبودية الاقتصادية للزوج.
٣ - الحقوق السياسية، أى أن كل برلمان من برلمانات أوروبا يتكون من ٥٠٪ نساء، ٥٠٪ رجال.
من العصور الذهبية لمصر، كان عصر الخديو إسماعيل، فقد أنشأ أول مجلس شورى فى تاريخ مصر سنة ١٨٦٦، وكان عدد الأقباط فى هذا المجلس ثلاثة، كما كان تعداد سكان مصر حوالى ثلاثة ملايين، كان سكرتير إسماعيل باشا، ورئيس ديوانه، ومحافظا المنوفية والقليوبية، ونائب حاكم السودان جميعهم من الأقباط! كما أمر هذا الحاكم المستنير أن يكون الأقباط فى كل مدرسة إلى جانب إخوتهم المسلمين، بل أمر بألا تخرج بعثة علمية إلى الخارج إلا إذا كان بها الأقباط! الحب يبنى، الكراهية تهدم، أصبحت مصر تنافس أوروبا فى جمالها وحضارتها.
أردت أن أحدثهم فى المجلس عن المادة الثالثة، وكيف يجب أن تعدل إلى «غير المسلمين» بدلاً من «المسيحين واليهود» فالصياغة الأولى محلية، والثانية عالمية، ونحن نعيش على كوكب سبعون بالمائة منه غير مسلمين، ولا مسيحيين، ولا يهود!.
كما أردت أن أذكر أن اللجنة الدستورية سنة ١٩٥٤ كانت مكونة من خمسين عضواً حين كان سكان مصر حوالى ٢٢ مليوناً، فكان يجب أن تكون لجنة ٢٠١٣ مائتين على أقل تقدير، لأن سكان مصر الآن حوالى تسعين مليوناً.
أخيراً سئمنا وهرمنا من مناقشة كلمة مدنية أو ديمقراطى مدنى، وكأن كلمة مدنية كلمة معناها عسكرية أو دينية، علماً بأن شيخ الأزهر هذا الرجل العظيم أعلن: الإسلام لم يعرف إلا الحكم المدنى.

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

الشيخ د مصطفى راشد أستاذ الشريعة الإسلامية : ..... الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ، أم أن الشعب هو مصدر السلطات -- يااالجنة الدستور

 الشيخ د مصطفى راشد   أستاذ الشريعة الإسلامية
  الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ، أم أن الشعب هو مصدر  السلطات -- يااالجنة الدستور
=======================
من خلال متابعتى اليومية لجلسات النقاش داخل لجنة الخمسين الدستورية، عرفت  أن هناك إتجاه لجعل المادة الثانية تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ، وايضا أن تنص المادة الخامسة على أن السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات –------- وأن صحَ هذا الإتجاه وتم إقراره على هذا النحو ، فسوف تكون الخطيئة الكبرى، التى وقع فيها أعضاء لجنة الخمسين مع كامل إحترامى للعديد من الأسماء الكبيرة  التى تشملها اللجنة ، والتاريخ لن يرحمهم ، لأننا بذلك نضع  الشىء وضده داخل الدستور، فيولد متخبطاً بلا هدف وأساس موحد صحيح  واضح ، لأن هاتان المادتان لا يمكن أن يجتمعا ، فطريق الأسكندرية عكس طريق أسوان ، فإمٌا أن تكون الشريعةَ الإسلاميةَ هى الحاكمة ومصدر التشريع والسلطات ، وإما أن يكون الشعب هوالحاكم  ومصدر التشريع والسلطات – فوجود مثل هاتين المادتين بهذا الشكل المتنافر  بالدستور ، هى كأننا قد  وضعنا جرار للقطار فى الأمام ، وجرار أخر فى الخلف ، وطلبنا منهم أن يتحركا  بالقطار  ----، فسوف تكون النتيجة كارثية  وهى تدمير القطار والركاب ، لذا نحن نطالب لجنة الخمسين ، بأن توحد  وتُحدد موقفها وهدفها ، بمعنى هل هى ترغب فى دستور دينى ، أم دستور مدنى  ، فلو كانت الأولى عليهم شطب المادة الخامسة ،  لتكون الشريعة الإسلامية هى الحاكمة ومصدر كل السلطات ، وأما أن يختارو الدستور المدنى ، فتحذف المادة الثانية الخاصة بالشريعة كمصدر رئيسى  للتشريع ، ليكون الشعب هو الحاكم ومصدر السلطات والمنظم لقوانينه ودنياه ، لأن الفرق كبير بين الدستور المدنى والدستور الدينى ، فالمدنى نسبى متغير يمكن تعديله حسب الحاجة والظروف والتطور ، أما الدينى فهو مطلق ثابت لا يمكن تعديله ،  كما أن المدنى يمكنهُ الأخذ بنص البيان العالمى لحقوق الإنسان الصادر من الأمم المتحدة فى 10 ديسمبر 1948 ،  لكن الدستور الدينى يتعارض تماماً مع بعض نصوص نص البيان العالمى لحقوق الإنسان –كما أن الدستور الدينى يدور فى فلك ومعطيات وطلبات السماء ، أما الدستور المدنى فيدور مع معطيات  وطلبات الشعب ، ايضا علينا أن نختار  بين دستور دينى مثل دولة إيران ، أو دستور مدنى مثل دولة تركيا ، أما أن نمسك العصا من المنتصف  بين الدينى والمدنى ،فهى خطيئة كبرى، لتعارض وجهتى النظر بين الإيمان بالمطلق والإيمان بالنسبى ، وبين جمود النصوص الدينية  وقدسيتها ، وتطور النصوص المدنية  وبساطتها ، كما أن الدستور الدينى هو تمييز واضح  وصريح للمسلم المصرى على المصرى غير المسلم ، أما الدستور المدنى  لا يفرق بين المواطنين، ولا يميز فرد على فرد، أو عقيدة على عقيدة ، كما أن علينا أن نحدد هل نحن نحتاج لدستور كى يُدخلنا الجنة ،  أم لدستور يُنظم حياتنا  الدنيا ، لأننا أعلم بشؤون وأمور دنيانا كما قال الرسول (ع)---- ، لذا علينا أن نكون واضحين بين الأبيض والأسود ، لأن اللون الرمادى غير واضح،  والخلط بين الماء والزيت أمر شبه  مستحيل ، كما أن ترك الأمور معلقة خلف أراء وقرارات مرتعشة هى جريمة فى حق الوطن ، والجمع بين الدينى والمدنى  ينتج دستور مسخ مشوه ، ولن يكون سبباً فى تقدم الآمة بل فى تفتيتها وتخلفها ،فهل أدركت لجنة الخمسين  ماتنوى فعله بالوطن ، أم حان الوقت لنكون أكثر وضوحاً وجرأة  وصدق مع الله والنفس،  وحتى لا نكرر أخطاء الدساتير السابقة  ونعلم أن الدستور المنظم لحياتنا على الأرض، يختلف تماماً عن الدستور الذى يمهد لنا الحياة فى الأخرة .
وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه   
الشيخ د\ مصطفى راشد   عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية
رئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو
إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية
والمنظمة العربية لحقوق الإنسان   

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

دفاعاً عن «قطعة الحلوى» بقلم د.علاء الأسوانى ٢٤/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

عزيزى القارئ
لو أن لديك ابنة فى سن الزواج وتقدم لها عريس ممتاز: ثرى ومتعلم وأمامه مستقبل باهر، بالإضافة إلى حسن أخلاقه وتدينه، لا يعيبه سوى أنه سبق له الزواج وطلق زوجته الأولى دون أن ينجب منها.. هل تقبل هذا الشاب زوجا لابنتك؟! فى أغلب الأحوال سوف تسأل عن أسباب طلاقه، حتى تتأكد من أنه ليس السبب فى فشل زواجه الأول، وبعد ذلك ستقبله زوجا لابنتك وتقول: «لقد تورط الشاب فى زيجة فاشلة، وهذا قد يحدث لأى إنسان ولا يعيبه أبدا».. ماذا لو حدث العكس؟! لو جاء ابنك الشاب الذى لم يسبق له الزواج وقال لك إنه يحب سيدة مطلقة، ثم راح يثنى على شخصيتها وأخلاقها؟! فى الغالب سترفض الفكرة تماما، وقد يستبد بك الغضب وتصيح فى وجه ابنك:
■ إنت مجنون؟! هل تترك البنات الأبكار جميعا وتتزوج واحدة مطلقة!!
هذا التناقض بين التصرفين يعكس- للأسف- نظرتنا الحقيقية للمرأة، مهما قلنا كلاما جميلا عن حقوق المرأة فإننا فى اللحظات الفارقة كثيرا ما نكشف بتصرفاتنا احتقارنا لها. يثور الأب على ابنه لأنه وهو الشاب الذى لم يتزوج من قبل يريد أن يتزوج من مطلقة.. يتساءل الأب: ما الذى يجبر ابنه على الزواج من امرأة استعملها رجل آخر ولا يأخذ بنتا يكون هو أول من يستعملها؟!
كأنك أعطيت لابنك ثمن سيارة جديدة، ثم فوجئت به يشترى بنفس السعر سيارة مستعملة. لابد أن تغضب لأنك تحب له أن يستمتع بسيارة جديدة لم يركبها غيره. هذه حقيقة نظرتنا للمرأة مهما ادعينا عكس ذلك. إننا عندما نمدح صلابة أى إنسان أو شجاعته نقول «إنه رجل بجد» أو إنه «ذكر»، وكأن الشجاعة مقصورة على الذكور، وعندما نهدد رجلا نقول له «والله لنخليك تلبس طرحة»، وعندما يعذب رجال الشرطة معتقلا يمعنون فى إذلاله بأن ينادوه باسم امرأة.. وكأن الذكورة دليل الشرف والشجاعة والأنوثة رمز الذل والخنوع.. هذه الأفكار المتخلفة تخلص منها العالم كله، فلم تعد الذكورة امتيازا ولم تعد الأنوثة نقيصة. الشعوب المتقدمة تعتبر المرأة إنسانا حدث أنه أنثى، كما أن الرجل إنسان حدث أنه ذكر.
 لقد تولت النساء رئاسة الدولة أكثر من ثلاثين مرة فى بلدان العالم المختلفة، وكثيرا ما تفوقت البلاد التى تحكمها النساء على بلاد يحكمها رجال. لعلنا نذكر ذلك اللقاء الذى جمع بين المستشارة الألمانية ميركل والرئيس المعزول مرسى. كم بدت ميركل يومئذ قوية ومتألقة بجوار مرسى الضعيف المتخبط. فى عام ١٩٨٢ نشبت حرب فوكلاند فأنزلت بريطانيا بقيادة امرأة (مارجريت تاتشر) هزيمة منكرة بالأرجنتين، التى كان يحكمها آنذاك مجموعة من الجنرالات لا يشك أحد فى قوة فحولتهم.. الواقع أننا فى مصر نتأرجح دائما بين نظرتين للمرأة. نظرة تقدمية تعتبر المرأة إنسانا كامل الأهلية، لها قدرات مماثلة للرجل، بل وقد تتفوق عليه.
والنظرة الأخرى رجعية تختصر المرأة فى كونها أنثى، لا أكثر ولا أقل، وظائفها الأساسية أنها مصدر للغواية وآلة بشرية لإنجاب الأطفال وشغالة بيت تغسل وتطبخ وتمسح الأرض، وكل ما عدا ذلك أقل أهمية.. هاتان النظرتان للمرأة تتصارعان فى بلادنا منذ عقود. فى نهاية القرن التاسع عشر ظهر فى مصر مفكر عظيم هو الإمام محمد عبده (١٨٤٩ - ١٩٠٥) فقدم للمصريين قراءة منفتحة عصرية للإسلام، خلصت العقل المصرى من الخزعبلات، وأنصفت المرأة واعتبرتها إنسانا كاملا، ومن ثم تحول الدين إلى حافز على النهضة، فانطلق المجتمع وتقدمت مصر فى كل المجالات، بالرغم من الاحتلال البريطانى تحررت المرأة المصرية من كل ما يقيد إنسانيتها، وكانت أول امرأة عربية تتعلم وتعمل وتقود السيارة، ثم الطائرة، وتدخل الجامعة، ثم البرلمان، ثم الحكومة، وفى عصر عبدالناصر ظلت المرأة تتقدم فى كل المجالات حتى جاءت السبعينيات وارتفع سعر النفط فى الخليج بعد حرب أكتوبر، واضطر ملايين المصريين إلى الهجرة إلى بلاد النفط وعادوا من هناك بالقراءة الوهابية للإسلام، وهى قراءة رجعية منغلقة مناقضة للقراءة المصرية التى قدمها محمد عبده وتدفقت ملايين الدولارات على دعاة جدد معظمهم لم يدرسوا علوم الدين بشكل أكاديمى صحيح، وإنما تتلمذوا على مشايخ الوهابية وعادوا يرددون أفكارهم الرجعية التى عادت إلى الذيوع بعد ما كان المصريون قد تخلصوا منها منذ قرن كامل.. لا أجد هنا مثالا على نظرة الوهابيين للمرأة أفضل من رأى أحد الدعاة الجدد الذى قال فى برنامجه التليفزيونى:
■ «لنفترض أن رجلا اشتاقت نفسه إلى أكل الحلوى وأمامه قطعتان، واحدة ملفوفة تماما فى السلوفان، والأخرى مكشوفة يتراكم عليها الذباب. أيهما يختار؟ قطعا سيفضل الرجل أن يأكل قطعة الحلوى الملفوفة وسيشمئز من الحلوى المكشوفة المغطاة بالذباب.. لهذا يفضل الرجل الزواج من المرأة المحجبة، لأنها كالحلوى الملفوفة تحتفظ بحلاوتها لزوجها، بينما المرأة غير المحجبة مثل الحلوى المكشوفة متاحة للجميع ويتراكم عليها الذباب»،
بالإضافة إلى التحريض على احتقار النساء غير المحجبات (بمن فيهن المسيحيات)، فإن كلام هذا الداعية يعكس نظرة الوهابيين للمرأة.. المرأة عندهم قطعة حلوى خلقها الله لكى نستمتع بها نحن الرجال، وقطعة الحلوى بالطبع لا عقل لها ولا مشاعر ولا إرادة، وبالتالى يجب على الرجل أن يحرس قطعة الحلوى إلى يمتلكها حتى لا يأكلها رجل آخر. الرأى السائد بين السلفيين (الوهابيين) يبيح الزواج من المرأة بمجرد بلوغها الحيض، حتى لو كانت طفلة فى العاشرة. قال أحد مشايخهم:
■ «من حق الرجل أن ينكح ابنة العاشرة مادامت تطيق المعاشرة..».
وبالطبع لن يعرف الرجل إذا كانت ستطيق إلا بعد أن يعاشرها.. فى الأسبوع الماضى توفيت طفلة يمنية فى سن الثامنة بعد أن تزوجت من رجل فى الأربعين دخل بها فتمزق رحمها ونزفت حتى الموت.. إن منطق قطعة الحلوى يفسر لنا لماذا ينتشر التحرش الجنسى فى مصر. حتى نهاية السبعينيات لم يكن الحجاب منتشرا بين المصريات، وكن غالبا ما ينزلن البحر بالمايوهات ويرتدين ملابس عصرية قصيرة تكشف عن أجسادهن، ومع ذلك فإن التحرش الجنسى آنذاك كان نادرا للغاية، ثم انتشر الفكر الوهابى وصارت معظم المصريات محجبات وكثيرات منهن ارتدين النقاب، وبالرغم من كل ذلك الاحتشام انتشر التحرش الجنسى كالوباء، حتى احتلت مصر المركز الثانى فى التحرش الجنسى على مستوى العالم بعد أفغانستان.. كثيرون يعزون انتشار التحرش إلى ارتداء النساء ملابس مثيرة (وقد تبين أن ذلك غير صحيح، لأن معظم ضحايا التحرش من المحجبات)، إما لأن الشاب المتحرش لا يستطيع الزواج (وكأن حرمانه الجنسى يبرر له ارتكاب الجرائم)، وإما لأن الشباب لم يتلقوا التربية الصحيحة (وكأن التربية شىء منفصل عن الثقافة والظروف الاجتماعية)، كل هذه الأسباب ثانوية فى رأيى، لأن انتشار التحرش يرجع أساسا إلى تغير نظرة المصريين للمرأة.. إذا كنت تعتبر المرأة قطعة حلوى تتوق لالتهامها لكنك لا تملك ما تشتريها به (تتزوجها)، ثم حانت لك الفرصة لكى تختلس قضمة من قطعة حلوى مملوكة لسواك وتفلت من العقاب، فإنك قطعا لن تتردد. من يتحرش بالمرأة فى الشارع لا يفكر فيها إلا باعتبارها جسدا، ولو أنه اعتبرها إنسانا له مشاعر وكرامة لما تحرش بها.. تراجعت النظرة التقدمية الإنسانية للمرأة أمام النظرة الوهابية الرجعية حتى جاءت ثورة يناير فتغير كل شىء.. الثورة ليست مجرد تغيير سياسى، وإنما هى تغيير إنسانى شامل تنتج عنه تغييرات جذرية فى كل المجالات. الثورة تعنى أن الناس قد تغيرت نظرتهم للعالم واكتسبوا مفاهيم جديدة لم يفكروا فيها من قبل. مثال ذلك أن الإنسان المصرى الذى طالما اتهمه البعض بالجبن والإذعان والسلبية تحول فجأة إلى كائن شجاع يواجه الرصاص بصدره وهو على أتم استعداد للموت من أجل الحرية. من أهم إنجازات الثورة أن المرأة المصرية قد استعادت دورها فى المجتمع بعد عقود من تراجعه أمام الفكر الرجعى..
كل من اشترك فى الثورة يعلم أن النساء شكلن نحو نصف الثوار، وكن دائما فى الصفوف الأولى ولولا شجاعة المرأة المصرية لما استمرت الثورة يوما واحدا. وقد كان رد فعل السلطة عنيفا ضد المرأة بالذات، والحق أن نظام مبارك والمجلس العسكرى السابق ونظام الإخوان، بالرغم من اختلافها فى أشياء، إلا أنها تشترك فى نظرتها الرجعية للمرأة. أثناء المظاهرات تقمع قوات الأمن النساء بشكل مضاعف.
إن انتهاك أعراض المتظاهرات وضربهن وسحلهن يكون بمثابة رسالة صريحة ترسلها السلطة لكل امرأة فى مصر، بأن مكانها الطبيعى هو البيت، وأنها لو نزلت إلى الشارع لتتظاهر سيتم انتهاك جسدها أمام الكاميرات حتى تبوء بالعار والفضيحة معا.. لم يتوقف نضال المرأة المصرية منذ اندلاع الثورة فى يناير ٢٠١١ وحتى الموجة الثورية الكبرى فى ٣٠ يونيو، لكن عندما تم تشكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور الطائفى البائس الذى فرضه الإخوان على مصر فوجئنا للأسف بأن عدد النساء فى اللجنة قليل جدا، لا يوازى نسبتهن فى المجتمع، ولا يعادل دورهن فى الثورة.. أعضاء لجنة الخمسين جميعا شخصيات وطنية وثورية، لكن تقليص عدد العضوات النساء يعنى أن من شكل هذه اللجنة يعتبر كتابة الدستور مهمة جادة ودقيقة لا يقدر عليها إلا الرجال. هنا نصطدم من جديد بمنطق قطعة الحلوى.
أرجو من أعضاء لجنة الخمسين أن يتخذوا كل الإجراءات التى تحقق للمرأة المصرية حقوقها جميعا حتى لو نص الدستور على كوتة أو نسبة معينة تخصص فيها مقاعد للمرأة فى البرلمان وكل المجالس المنتخبة. هذا التمييز الإيجابى للمرأة فى رأيى ضرورى (بشكل مؤقت)، لأن الثقافة السائدة الآن لا تثق فى المرأة، ما سيؤدى إلى تهميشها فى أى انتخابات قادمة. إن الدستور الجديد يجب أن يعكس مفاهيم الثورة، فيما يخص حقوق المرأة والأقباط والعدالة الاجتماعية ومنع إنشاء الأحزاب على أساس دينى أو مرجعية دينية. الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها جميعا، ومن أهمها حق المرأة المصرية فى أن تعامل باعتبارها إنسانا كامل الأهلية والحقوق وليس كقطعة حلوى، ملفوفة كانت أو مكشوفة.
الديمقراطية هى الحل

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

المستشار الخضيرى منقذاً للإخوان بقلم د. مراد وهبة ٢٤/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

قرأت مقالاً للمستشار محمود الخضيرى بجريدة «المصرى اليوم» بتاريخ ٣١/٨/ ٢٠١٣ تحت عنوان «خريطة طريق الإخوان للخروج من الأزمة الحالية». وهو مقال جدير بالتعليق لأنه يصدر عن مستشار مهموم بحدوث أزمة فى مسار الاخوان تتميز كيفياً عن أزمات سابقة كانت قد أصابتها منذ عصر الملكية حتى الآن. وهذا التميز مردود إلى سقوط الاخوان من عالٍ حيث كانوا فى قمة السلطة ثم أصبحوا فى قاع المجتمع وفى عداء مع الجيش والشرطة وجزء كبير من الشعب مع حملة كراهية سائدة فى كل مكان وخاصة فى وسائل الإعلام. وكل ذلك من شأنه أن يدفعهم إلى السير فى طريق مسدود. وفى رأى المستشار الخضيرى أن الخروج من هذه الأزمة يستلزم تغيير قيادات الإخوان المحلية والاعتراف بأخطاء الجماعة مع الامتناع عن الخروج فى الشوارع حتى تتم المصالحة بين الإخوان وغير الإخوان. والمستشار الخضيرى بعد كل ذلك له مطلب واحد وهو عدم تجاهل مقاله هذا الذى أوجزناه. وأنا أستجيب لمطلبه وأعلق على مسألتين: المطالبة بتغيير قيادات الإخوان مع تصحيح الأخطاء.
والسؤال بعد ذلك:
هل تغيير القيادات يتم بإحلال قيادات محل قيادات أم يتم بإحلال ذهنية محل ذهنية؟
إذا كانت أزمة الإخوان الآن متميزة كيفياً عن أزماتهم السابقة فمعنى ذلك أن العيب كامن فى الذهنية الإخوانية وليس فى شخصية صاحب الذهنية لأن ذهنية القيادات القادمة قد تكون هى ذهنية القيادات القائمة. ومن هنا فإن القيادات القادمة لن تكون مغايرة إلا إذا أجرت نقداً للعقل الأصولى المهيمن عليها منذ القرن الثالث عشر بقيادة الفقيه ابن تيمية (١٢٦٣- ١٣٣٠).
والسؤال إذن:
ما هو هذا العقل الأصولى أو بالأدق ما هو عقل ابن تيمية؟
إنه عقل يرفض إعمال العقل فى النص الدينى، أى يرفض تأويل النص الدينى لأنه يفيد صرف النص عن معناه الظاهر إلى معنى آخر. وقد دار جدل حاد حول مدى مشروعية رفض التأويل. وقد اتضحت حدة هذا الجدل عند كل من ابن تيمية من جهة وابن رشد من جهة أخرى. فى رأى ابن تيمية أن كل آيات القرآن واضحة فى معناها وليس هناك خفاء. وإذا كان لابد من الاستعانة بلفظ تأويل فهو يعنى فى رأيه الأثر الواقعى المحسوس لمدلول الكلمة. والتأويل من هذه الزاوية يعنى تفسير القرآن بالقرآن، فإذا تعذر فعلينا بالسُّنة فإنها شارحة ومفسرة للقرآن، وإذا تعذر فبأقوال الذين عاصروا نزول القرآن وفهموه من الرسول.
أما إذا أصبح القرآن كله مؤولاً فهذا تهجم على مقام النبوة. والرأى عندى أن التأويل، بهذا المعنى، ليس تأويلاً لأنه لا يأذن للعقل أن يُعمل ذاته فى النص القرآنى. ولا أدل على صحة ما نذهب إليه من أن ابن تيمية نفسه يقرر أن «التأويل تحريف الكَلِم عن مواضعه، ومخالف للغة، ومتناقض فى المعنى، ومخالف لإجماع السلف». ولفظ الإجماع الوارد فى هذا النص يفيد أن التأويل خروج على الإجماع. وحيث إن ابن تيمية يشترط الاجماع فالتأويل إذن ممتنع. وإذا امتنع التأويل انتفى إعمال العقل فى النص الدينى. وهذا الانتفاء يعنى عزل العقل عن الدين، وإذا كان الدين حياة فيترتب على ذلك عزل العقل عن الحياة. ومن شأن هذا العزل أن يدفع الإنسان إلى إيثار الموت على الحياة، بل استدعائه دون انتظاره.
ومن هنا يكون الاستشهاد أمراً لازماً ومطلوباً، ولكنه فى حقيقة الأمر استشهاد بالإرهاب. وقد يقال رداً على هذه النتيجة إن ابن تيمية لم يكن يقصد أن يكون إنكاره للتأويل مؤدياً إلى الاستشهاد بالإرهاب. ولكن منطق الفكرة أقوى من مقصد صاحب الفكرة. والمفارقة هنا أن ابن تيمية لا يقف عند حد إنكار التأويل بل يتجاوزه إلى إنكار المنطق والفلسفة فى كتابه المعنون «نصيحة أهل الإيمان فى الرد على منطق اليونان» حيث سئل عن رأيه فى المنطق فقال «غلط عقلاً وشرعاً» بمعنى أن المنطق مرفوض من العقل والشرع معاً، إذ هو يعتبر المنطق شر البلاء المستطير فإنه مدخل الفلسفة والفلسفة هى أخطر أعداء العقيدة الإسلامية. والبديل عنده هو الفطرة السليمة التى تبرهن من غير معرفة بالمنطق.
وإذا كان عقل ابن تيمية هو عقل الإخوان المسلمين فهو إذن عقل لا يصلح لمواكبة الحضارة فى مسارها العقلانى. وإذا كان ذلك كذلك فالسؤال الموجه للمستشار محمود الخضيرى هو على النحو الآتى:
هل فى الإمكان تغيير هذا العقل؟

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

وحيد حامد: الشىء الوحيد الذى يتحرك فى البلد هو الفوضى ٢٣/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم


أكد الكاتب الكبير وحيد حامد أن كل المؤشرات تشير إلى أن هناك إجماعا شعبيا على اختيار الفريق أول عبدالفتاح السيسى رئيسا للجمهورية، وقال «حامد» لـ«المصرى اليوم»: إن «العسكرية» لا تعنى حرمان أبنائها من الترشح للرئاسة، لكن عليهم التخلى عن مناصبهم. وانتقد أداء الحكومة الحالية، وشدد على أن أداءها بطىء جدا لا يتناسب مع الروح الثورية السائدة. وطالب الجميع بالاعتراف بأن ٣٠ يونيو هى ثورة شباب وأنها لن تستمر إلا بالشباب.
■ هل ترى أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح بعد ثوة ٣٠ يونيو؟
- لست متأكدا من أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح، لأن الحكم على ذلك يستدعى خطة قوية، والخطة موجودة وقوية من خلال خارطة طريق الجيش، ولكن القائمين على تنفيذ هذه الخريطة ليست لديهم القوة والإرادة الكافية، لذلك أعتقد أننا نسير تقريبا فى الاتجاه الصحيح، فنحن انطلقنا بهذه الخطة بشىء من البطء الممل.
■ ما سبب اعتراضك على حكومة الدكتور حازم الببلاوى؟
- أنا معترض على هذه الحكومة رغم أنها تضم أشخاصا محترمين، ولكن مع احترامى لهم جميعا إلا أنهم لا يصلحون لقيادة الحكومة عقب ثورة؛ لأن الثورة على النظام والفساد والأوضاع السيئة تحتاج إلى أشخاص لديهم الروح الثورية، ولا أستطيع بأى حال تصنيف الحكومة الحالية بأن لديها الروح الثورية، وعلى الجميع الاعتراف بأن هذه ثورة شباب، وأنها لن تستمر إلا بالشباب، وعندما أقول الشباب لا أعنى من هم فى سن ٢٠ إلى ٣٠ ولكننى أقصد شباب منتصف العمر، ومصر مليئة بالكفاءات فى هذه المرحلة العمرية، وما أقوله ليس تقليلا من شأن القيادات الكبيرة لأنهم خدموا الوطن، ولكن لابد أن نعترف بتغير الزمن والظروف، وبالتالى أصبحنا نحتاج إلى كفاءات لديها قدرات أعلى.
■ لكن البعض يرى أن الفترة الحالية تحتاج إلى عناصر خبرة؟
- لا أعترف بذلك، وأعتقد أن هذا الرأى مجرد تنظير، لأننا إذا «فرزنا» كل أعضاء الحكومة سنجد أن معظمهم ليسوا فى أماكنهم ولا يعملون فى تخصصهم، ولكن قد نقبلهم حتى يسير المركب، وللأسف المركب يسير ببطء شديد، والشىء الوحيد الذى يتحرك فى البلد حاليا هو الفوضى.
■ ولكن هناك أعباء إضافية على الحكومة فى مقدمتها مشكلة الأمن؟
- يجب ألا نردد جملة «مفيش أمن»، وأن نكسر كل الشماعات، لأنه لا توجد أى حجج مقبولة لعدم تفعيل دور الأمن، فلابد أن تعود الحياة إلى طبيعتها، ولكن الحكومة فشلت حتى الآن فى ذلك.
■ وما رأيك فى نجاح أجهزة الأمن فى ضبط قيادات الإخوان وبعض العناصر الإرهابية فى فترة قصيرة؟
- أى دولة لابد أن تلقى القبض على العناصر الخارجة عن القانون مهما كلفها ذلك، ولكن الأهم هو حياة الناس نفسها، فلابد من إعادة فتح المصانع وتوفير الأمن فى الشارع؛ حتى يستطيع المواطن أن يمارس عمله بأمان، وأن يتم تحسين حركة المرور وفتح المحال، وعندما تعود الحياة إلى طبيعتها سيشعر الناس بالأمان، لأن انشغال الشرطة بالقبض على الإرهابيين جزء من عملها، ولكن أين الجزء الآخر الخاص بحماية المواطن فى الشارع، والقبض على اللصوص الذين يروعون المواطن فى كل مكان! وأين المسؤولون عن المرور! لأنه لا يستطيع أحد أن يقنعنى بأن المسؤول عن المرور هو نفسه المسؤول عن ملاحقة الإرهابيين، فلماذا لم يضبط الشارع حتى الآن؟ ولماذا نسمع يوميا عن وقائع اختطاف وتعدٍ، كما حدث مؤخرا مع عضو حركة تمرد؟ لذلك أعتقد أن هناك تقصيرا كبيرا فى عمل الحكومة.
■ هل معنى كلامك أنك ضد تمديد فترة الطوارئ؟
- لست ضد ذلك، ولكن هذا لا يمنع الحكومة من منح المواطن الفرصة لكى يعمل ويحصل على قوت يومه.
■ هل ترى أن محاولة اغتيال وزير الداخلية مؤخرا قد تعيد طيور الظلام من جديد؟
- الإرهاب سيظل موجودا، وعلينا أن نتوقع حدوثه لأن هذه العقول الإجرامية ستظل موجودة، وهناك فرق كبير بين أن تقضى على المشكلة وأن تتوافق معها، وما حدث خلال السنوات الماضية هو أننا لم نقض على الإرهاب، ولكن تم اعتقال رؤوس الإرهابيين فى مصر، وخلال تلك الفترة توقف الإرهاب، ولكن بعد الثورة تم الإفراج عن هؤلاء الإرهابيين وتحولوا إلى أبطال، ومحمد مرسى ارتكب جريمة كبرى عندما استدعى الهاربين والمطاردين فى الخارج وجعلهم يستوطنون سيناء؛ مما جعلنا نخوض معارك طاحنة حاليا، ونفقد أغلى أبنائنا، لذلك من الطبيعى أن يعود الإرهاب وطيور الظلام؛ خاصة أنهم مدفوعون من جهات أجنبية، وللعلم ما يقومون به ليس عشوائيا ولكنه منظم للغاية.
■ وما رأيك فيما قاله أعضاء تنظيم الإخوان خلال تحقيقات النيابة معهم؟
- كل الذين أنكروا انتماءهم للإخوان كشفوا عن زيف الجماعة كلها، والذين لا يثبتون على موقفهم ويرمون عقيدتهم فى أول استجواب يؤكدون أنهم ليسوا إلا «شوية نصابين»، رغم أننى كنت من البداية أرى أن الإخوان مجرد جماعة انتهازية لديها برنامج خاص بها يخدم مصالح أجنبية، وهذا موجود منذ نشأة الجماعة، وعندما طُلب من حسن البنا أن يعرِّف الجماعة قال إنها جماعة سلفية لها أهداف سياسية واقتصادية وثقافية وتعليمية، وضم كل شىء، وكأنه يريد تأسيس دولة داخل دولة، لدرجة أنه تم تأسيس جيش وميليشيات خاصة بالجماعة، والأمن اكتشف مؤخرا أن الجماعة لديها بالفعل جيش واقتصاد ومدارس وتمويل ومحطات تليفزيونية.
■ ما حقيقة أن صفوت حجازى هو نفسه شخصية «معتمد» التى ظهرت فى مسلسلك الأخير «بدون ذكر أسماء»؟
- الدراما دائما لا ترمى على شخص بعينه، ومعتمد «عجينة» من أكثر من شخص، ولكن صفوت حجازى ليس له أى اعتبار عندى حتى أقدمه فى شخصية درامية، ولكنى وضعتهم على بعض، واستوحيت منهم «عجينة» شخصية معتمد.
■ هل ترى أن مخطط الشرق الأوسط الجديد سقط بسقوط الإخوان؟
- طبعا، فالناس تعتقد أن معركة الشعب المصرى مع جماعة الإخوان فقط، ولكن المعركة مع الجماعة، ومن هم وراءها والذين كانوا تجمعهم مصالح كبيرة جدا، وبالفعل نحن تسببنا فى فشل خطة أمريكية أوروبية كانت معدة للاستيلاء على الشرق الأوسط كله، وتقضى عليه من شماله إلى جنوبه، ولذلك أنهينا اللعبة، وعندما جاء الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر لمتابعة الانتخابات الرئاسية السابقة كنت أعلم أن هناك نية أخرى وراء الزيارة، وربما كان كارتر فى مهمة خاصة هدفها معرفة توجهات الرأى العام فى مصر وإجراء بعض المقابلات السرية، وفى هذا الوقت قابل أحمد شفيق ورافقته السفيرة الامريكية آن باترسون، وبعد المقابلة خرجا وهما يشتمان أحمد شفيق، وقال كارتر وقتها «هذا رجل صعب التعامل معه»، فـ«شفيق» لم يكن لديه شىء يمنحه لهما، وهذا الكلام ليس دفاعا عن أحمد شفيق، ولكنى أذكر حقائق، ووقتها قررا مساندة مرسى وما سبق أن اتفقا مع الجماعة عليه، كما أن الجماعة كانت تجمعها اتصالات منذ فترة طويلة مع بعض القيادات الأمريكية «وربنا يسامح» سعدالدين إبراهيم الذى كان سببا فى هذا التعارف بين الجماعة والأمريكان الذين أنفقوا كثيرا من أجل صعود هذه الجماعة التى وعدتهم بالكثير ونفذت لهم الكثير أيضا، وخيرت الشاطر سبق أن قال فى تصريح سابق إن الجماعة أنفقت ٦٠٠ مليون جنيه فى حملة مرسى، فمن أين جاء بهذه الملايين؟.
■ المعلومات التى ذكرتها بالتأكيد كان يعلمها المجلس العسكرى الحاكم وقتها، فلماذا سمح بتمكين الجماعة بهذا الشكل؟
- مع احترامى الشديد للمجلس العسكرى لا أعرف ما الذى حدث له فى ذلك الوقت، حيث استسلم للجماعة ورفع الراية البيضاء، وأعتقد أنه قرر ألا يتحمل مسؤولية التخريب الذى ستفعله الجماعة، وذلك بعد أن خرج صفوت حجازى، وهدد بحرق البلد إذا فشلوا فى مخططاتهم.
■ كيف ترى الدور الذى تلعبه حركة حماس حاليا لمناصرة محمد مرسى؟
- «حماس» صناعة إسرائيلية، وهذا معترف به حتى فى مذكرات الإسرائيليين أنفسهم، وكان هدفها الوقوف ضد حركة فتح، وكان يتم تمويلها بشكل غير مباشر من خلال مندوب أو من أى دولة «عميلة» مثل قطر، وحماس نشأت بالطريقة نفسها التى أنشئت بها جماعة الإخوان التى جاءت لخدمة الاستعمار الأجنبى؛ لدرجة أن أحمد ياسين الذى «هللوا» له كان عميلا إسرائيليا، وهذا الكلام تعرفه جيدا المخابرات المصرية، ولا أعرف لماذا لا يتحدثون فيه، كما أن حماس والإخوان جماعة واحدة، ومرسى منح الجنسية للآلاف من الفلسطينيين حتى يمكّنهم من شراء أراض فى سيناء ويستوطنوا فيها، كما فعل الاحتلال الاسرائيلى معهم؛ لأن الاستيلاء على سيناء لن يكون بقرار ولكن بطريقة التسلل.
■ هل ترى أن السيسى يعتبر امتدادا لزعماء مثل عبدالناصر والسادات؟
- لدينا انتخابات رئاسية قادمة، وسيتقدم لها أكثر من مرشح، وأرجو أن يتقدم لهذه الانتخابات العقلاء، أى أشخاص على قدر المنصب وليس كما حدث فى المرة السابقة ويتقدم بعض «الهلافيت»، فبعض المرشحين حصلوا على ١٠ آلاف صوت، وهذا عيب، لأنه لا يجوز لأى فرد «مالوش شغلانة» أن يتقدم لهذا المنصب، فنحن نريد أشخاصا لديهم القدرة على تحمل مسؤولية عظيمة الشأن، وعلى السيسى أن يخوض الانتخابات، وعلى الجماهير أن تختار الأنسب.
■ ولكن السيسى أعلن أنه لن يخوض انتخابات الرئاسة حتى لا يصف البعض ما فعله بأنه انقلاب؟
- هناك أيضا من يقول إنه إذا جاء السيسى سيكون الحكم عسكريا، وأعتقد أن كل هذا «كلام فارغ»، فالسيسى مواطن مصرى، ومن حقه أن يرشح نفسه، ويجب ألا نمنعه من ممارسة حقوقه، وهذا الكلام ينطبق على السيسى وعلى «فراش المدرسة» وكون أن يأتى رئيس جمهورية من خلفية عسكرية فهذا ليس بدعة، فمثلا أيزنهاور كان عسكريا، ومعظم وزراء خارجية أمريكا كانوا عسكريين، ومنهم كولن باول الذى شغل منصب رئيس الأركان، فالعسكرية ليست «سبة» تنقص من شأن صاحبها، وإذا أراد السيسى أن يتقدم لانتخابات رئاسة الجمهورية فعليه أن يتخلى عن منصبه، وعندما يتخلى عن منصبه يصبح رجلا مدنيا يطبق عليه المعايير والقوانين مثل أى شخص عادى، وإذا رفض المنصب فهذا حقه، ولكن إذا خرج الناس كما يحدث حاليا وطالبوه بخوض الانتخابات فما المانع فى ذلك.
■ إذن ترى أن ترشيح السيسى لا يمثل عودة لدولة العسكر؟
- إطلاقا، طالما سيتخلى عن منصبه وسيخوض الانتخابات مثل أى شخص عادى ويطرح نفسه مع الآخرين لتختار الجماهير فيما بينهم بحرية وشفافية ونزاهة، ووقتها لا أحد يستطيع أن يقول دولة العسكر لأن الناس اختارته بإرادتها.
■ ما توقعاتك لسيناريو هذه الانتخابات؟
- أتوقع أن تكون هناك رغبة شعبية كبيرة لمطالبة السيسى بخوض الانتخابات ثم يستجيب هو لهذه الرغبة.
■ هل تؤيد استجابته لهذه الرغبة؟
- ربما أستطيع الإجابة عن هذا السؤال عندما أعرف من هم باقى المرشحين المتقدمين لانتخابات الرئاسة، فربما يكون هناك من يستطيع أن يتحمل هذه المسؤولية، ووقتها سأقول للسيسى «خليك مكانك»، وإذا وجدت أن المرشحين لا يستطيعون تحمل هذه المسؤولية فسأقول للسيسى لابد أن تخوض الانتخابات.
■ هل أنت سعيد باختيار لجنة الخمسين لتعديل الدستور؟
- لا، ولكنى لا أريد التحدث فى هذا الموضوع؛ خاصة أن هناك أشخاصا غضبوا من عدم الاستعانة بى فى هذه اللجنة، وأخشى أن أتحدث ويتوقع البعض أننى كنت أسعى لذلك، فأنا لم أسع لدخول اللجنة لدرجة أننى أعتبر وجود اسمى فى الاحتياطى من الجرائم، وأرى أن اللجنة فى شكلها الحالى غير مرضية، والصمت عن ذلك هدفه أن يسير المركب، فهذه اللجنة بها أشخاص جيدون، والأمل الوحيد الذى يجب أن نعتمد عليه هو الشباب، لكن الحكماء أو الشيوخ الموجودين فى اللجنة أنا مرعوب منهم، لأن كلهم «بتوع توازنات» وإمساك العصا من المنتصف، وهذا أكبر شىء يهدد المنتج الذى سيخرج من هذه اللجنة، لأنه فى النهاية سنحصل على دستور لا يحمل الآمال والطموحات التى يتمناها الشعب المصرى، فاللجنة من البداية تحمل مؤشرات سيئة ومحزنة، فهى خضعت للابتزاز السياسى الذى يمارسه حزب النور، وهو فى رأيى موجود لكى يكون «الثغرة» فى هذه اللجنة، وحزب النور يجب أن يقول لنا إذا كان حزبا سياسيا أم دينيا، فإذا كان دينيا فنحن لا نريده، كما أن شيوخ حزب النور يجب ألا يتحدثوا عن الإسلام فى وجود الأزهر الشريف، ويجب على لجنة الخمسين ألا تقبل أى ضغوط، ولابد من احترام رأى الأغلبية مهما كان، وإذا أراد حزب النور أن ينسحب فعليه أن يفعل ذلك دون أن يهدد.
■ ما رأيك فيمن يرى أن حزب النور يمثل خطورة على المجتمع والنظام؟
- حزب النور ليس أشد خطرا من الإخوان على النظام لأنه «طول عمره» لعبة فى إيد النظام، فالنظام السابق ساعدهم وحماهم ورعاهم لأنه كان يظن أنهم القوة التى ستواجه الإخوان، ولكن التيار السلفى بكامله أشد خطرا على الشعب المصرى من الإخوان وغيرهم، لأنه يريد أن يعود بالمجتمع إلى الفكر الصحراوى، فمنهم من يريد أن يغطى التماثيل.
■ ولكن وجوده أصبح مهما لأنه يمثل فصيلا كبيرا فى المجتمع!
- هو من يريد أن يعزل نفسه بسبب مطالبته بأشياء مستحيلة، فيجب أن يعرف الجميع أن الدستور لدولة مدنية، وإذا وافق حزب النور فعليه أن يستمر وإذا رفض من البداية فعليه أن ينسحب، فنحن لسنا دولة دينية ولن نكون، ولا أقصد من ذلك أننا دولة غير إسلامية، ولكننا دولة إسلامية بنظام مدنى، وكل بنود الدستور مدنية، وإذا لم يعجب ذلك حزب النور «مع السلامة إحنا مش عايزينه».
■ وكيف ترى اختيار خالد يوسف ضمن لجنة الخمسين؟
- هو أفضل من أشخاص كثيرين داخل اللجنة.
■ ما رأيك فى الرئيس المؤقت عدلى منصور؟
- شاهدت اللقاء التليفزيونى الذى أجراه الرئيس المؤقت واحترمته جدا، ووجدت أنه يتمتع بشخصية قوية شديدة الاحترام والكفاءة.
■ ما الذى حمّسك لتقديم الجزء الثانى من مسلسل «الجماعة»؟
- المشروع كان لابد أن يكتمل، وكنت قد واجهت بعض التعثرات، خاصة بعد توحش الإخوان والهجوم الذى ناله الجزء الأول، حيث تراجع حماس المنتجين والمحطات التليفزيونية للمسلسل؛ لأن وزير الإعلام خرج وقتها، وأكد عدم إذاعة الجزء الأول، وهذا جعل بعض القنوات تخشى عرضه، كما أن الجزء الثانى كان سيتم رفضه من قبل الرقابة وقتها؛ بناء على توجيهات المسؤولين، ولذلك كان من المستحيل تقديمه فى عهد الإخوان؛ ولكن بعد أن عادت الأمور إلى نصابها الصحيح وبدأت بعض القنوات عرض الجزء الأول من جديد، ومنها التليفزيون المصرى، بدأت القنوات تتحمس للجزء الثانى؛ لذلك قررت البدء فى تنفيذه.
■ ولماذا قررت الاكتفاء بجزءين فقط؟
- أعتقد أن السبب فى ذلك هو تغير الظروف السياسية، ويكفى أن أطرح ما أريده فى الجزء الثانى، الذى يركز على عمالة الإخوان للغرب وأمريكا والخداع المتأصل فى سلوكهم مثل العقيدة.
■ هل سيكون هناك تركيز على شخصية الرئيس المعزول مرسى خلال الأحداث؟
- لم أتخذ قرارا فى هذا الشأن، ولكن المسلسل سيرصد أحداث هذه الفترة بالتأكيد، وسيهتم بالفترة التاريخية من بعد حسن البنا مرورا بالمرشدين الآخرين والخلاف مع عبدالناصر، لكن الجزء الحديث هو الذى يحتاج منى إلى مراجعة حتى أختار منه ما أريد.
■ هل عدم وجود الإخوان فى السلطة سيمنحك جرأة أكثر فى الكتابة؟
- كتبت الجزء الأول وهم موجودون ولم أخش أحدا، فكتابة مثل هذه المسلسلات تقتضى الالتزام بالحقيقة دون أى مبالغة؛ لأن الحقيقة أسهل الطرق للنجاح.

السبت، 21 سبتمبر 2013

لو كنت مرشداً سياحياً عند الهرم الأكبر «1-2» لوسيم السيسى بالمصرى اليوم 1 مارس 2013

لو كنت مرشداً سياحياً عند هرم خوفو.. كنت سأقول لمن معى: هذا هو هرم خوفو ابن سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة، الذى بنى أربعة أهرامات، كما بنى منكاورع ثلاثة أهرامات، أما إمنمحات الثالث «الأسرة 12» فقد بنى هرمين! والدكتور أحمد فخرى يرى أنه من الغريب أن يشيد ملك لنفسه أكثر من هرم، وأن هذا من مشاكل الآثار التى لم تحل «د. أحمد فخرى - الأهرامات المصرية - ص 329»!
لكن كريستوفر Dunn يثبت أن الأهرامات كانت محطات لتوليد الطاقة فوق الصوتية بواسطة الفراغات داخل الهرم، والموجات الصادرة عن الصفائح التكتونية: Forbidden history by J.douglas kenyon
أما جون تايلور فكان يرى أن الهرم كقامة فلكية طولها 146.4 متر، وأن المسافة بين الأرض والشمس مائة مليون قامة فلكية، وأن الهرم بنى فوق مركز ثقل اليابسة، وأن محيط قاعدة الهرم 3652426 بوصة هرمية، وهى الدورة الزمنية للشمس 365 يوماً وربع اليوم.
أما وزن الأرض فهو مائة مليون مرة وزن الهرم! أما محور الهرم فهو فى اتجاه القطب المغناطيسى! أما أضلاعه فهى مع الاتجاهات الأصلية الأربعة! لقد اكتشف أجدادنا العظماء النسبة التقريبية 3500 سنة قبل الميلاد، جدير بالذكر أنه لا تخلو معادلة رياضية لأى عالم رياضيات من النسبة التقريبية PI، فإذا قسمنا محيط الهرم على طوله تكون النسبة التقريبية، كذلك غرفة الملك! «أرشيبالد - تشيز - مانج - بل.. علماء رياضيات».
أيها السيدات والسادة بعضكم يسأل: لماذا لم يترك لنا القدماء أسرار الهرم.. كيف بنى؟ ولماذا بنى؟ أقول لكم: لقد تركوها لنا على كسوة الهرم، وجزى الله «قراقوش» الذى أزال هذه الكسوة حتى يبنى بها سور صلاح الدين الأيوبى، يقول عبداللطيف البغدادى، المؤرخ: كانت واجهات الهرم مكسوة بحجارة ملساء، عليها نقوش وطلاسم.. كتابات كثيرة تملأ عشرات الألوف من صفحات الكتب لمن يريد نقلها! وهكذا ضاعت منا كنوز من المعرفة بسبب جهل الغزاة الذين دمروا بلادنا، ليس هذا فقط بل يذكر لنا المقريزى أن العزيز عثمان بن يوسف الأيوبى - 1196م - حاول هدم الهرم الأكبر فلم يستطع بعد محاولات مريرة طوال ثمانية أشهر!
لدينا بردية من تحوت «رب المعرفة» لخوفو: لقد سلمتك أسرار هذا الهرم فى بهو المقدسات، إنها أسرار الوجود ونهاية العالم، فلا تدع أحداً يطلع عليها إلا الملك والكاهن الأكبر.
العجيب أن جارنييه الفرنسى، اطلع على الخط البيانى «التنبؤات» لأحداث العالم الذى رسمه جون جريفز، وتنبأ سنة 1905م بأن الحرب العالمية الأولى ستبدأ سنة 1914، وهذا ما حدث.
هل سمعتم عن جماعة الصليب الوردى؟! تعدادهم قرابة الـ20 مليوناً، وهم يأتون كل عام لتأدية طقوسهم أمام الناووس بغرفة الملك، ويؤمنون بأن كل دعاوى التوحيد خرجت من مصر، وهم يضعون وردة حمراء على صدورهم كرمز للحياة، ويضعون أياديهم متقاطعة على صدورهم كالطريقة المصرية القديمة، كما يتلون صلواتهم من متون الأهرام.. يقولون فيها:
هو الإله الواحد الأحد
أخفى من أن يعرف جلاله
وأسمى من أن يناقش أمره
وأقدر من أن يدرك شأنه
يخر له الإنسان صعقاً إذا نطق اسمه
ما أعظم أعمالك يا رب.. أنت الذى لا شبيه لك!
تضم هذه الجماعة وليم بترى «عالم آثار»، دافيدسون «فلك»، سبنسر لويس «عالم كهنوت».
أيها السيدات والسادة.. أعطيكم راحة.. ثم نواصل حديثنا عن الهرم وبناة الأهرام.. أجدادنا العظماء.

فيروز ايه في امل

الخميس، 19 سبتمبر 2013

من يعرف إسكندر طوس؟! بقلم د.علاء الأسوانى ١٧/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

هل تعرف إسكندر طوس؟!
لا أظن أحدا يعرفه باستثناء أفراد أسرته وزبائنه. ارتبط اسم إسكندر طوس بأحداث جسيمة تحدثت عنها وسائل الإعلام، إلا أننى بحثت عن صورة شخصية له وأى تفاصيل عن حياته فلم أجد. بالطبع وسائل الإعلام لها أولوياتها: إذا أصيبت نجمة سينمائية بالتواء فى قدمها، أو إذا سرت شائعة بأن وزيرا قد تزوج سرا من سكرتيرته، أو حتى إذا قرر لاعب كرة شهير أن يقضى أياما فى فيلته بالساحل الشمالى بغرض الاستجمام. كل هذه موضوعات يعتبرها الإعلام مهمة وجذابة، أما إسكندر طوس فليس فى حياته كلها ما يصنع خبرا واحدا مثيرا. كل ما نعرفه عن إسكندر طوس أنه يبلغ من العمر ستين عاما، وأنه حلاق لكن صالون الحلاقة الذى يمتلكه ليس فى حى راق بالقاهرة أو الإسكندرية، حيث الأغنياء ونجوم المجتمع، وإنما فى قرية نائية مهجورة اسمها دلجا فى محافظة المنيا. بصراحة إسكندر طوس شخص غير مهم. إنه واحد من ملايين المصريين البسطاء الذين قدر لهم أن يعيشوا ويبحثوا عن الرزق ويخوضوا نضالا مريرا من أجل مجرد البقاء على قيد الحياة، ومع ذلك فلا أحد يشعر بهم. إسكندر مثل ملايين الفقراء الذين يتحدث عنهم المحللون الاستراتيجيون باستفاضة فى الفضائيات، ويضعهم السياسيون جميعا فى برامجهم الانتخابية، لكن أحدا فى الواقع لا يعبأ بهم. كيف هى حياة إسكندر طوس؟! لقد بلغ الستين وهى سن يراود فيها الإنسان هاجس الموت، ويتمنى حسن الختام، ويفكر فى مصير أولاده بعد موته. إسكندر الحلاق لابد أن تكون علاقته طيبة بسكان القرية الذين هم زبائنه. أتخيل عم إسكندر وهو يعمل طوال النهار وربما يستريح قليلا عندما تنقطع الزبائن، ثم يخرج غداء بسيطا صنعته زوجته، أتخيله وهو يفتح محله فى ليالى الأعياد الإسلامية والمسيحية حين يصحب الآباء أولادهم من أجل «حلقة» العيد. عم إسكندر غالبا كان يحلق للمخبرين وأفراد الشرطة مجانا اتقاء لشرهم وتقربا منهم، فهؤلاء قد يكونون مفيدين وقت الحاجة، خصوصا أن إسكندر قبطى فى قرية ذات أغلبية مسلمة.. سكان قرية دلجا ١٢٠ ألفا يبلغ عدد الأقباط ٢٠ ألفا والباقون مسلمون، وهم ليسوا مسلمين عاديين، وإنما معظمهم من أنصار الإخوان المسلمين، كانوا يؤمنون بأن محمد مرسى هو الخليفة المنتظر الذى سيعيد مجد الإسلام، ويجعل الإخوان أساتذة العالم كله، لما ثار المصريون ضد مرسى وعزلوه وانضم لهم الجيش أصيب أنصار الإخوان فى دلجا بغضب بالغ، وسافر الآلاف منهم للمشاركة فى اعتصامى رابعة والنهضة. ثم عندما تم فض الاعتصامين بواسطة الأمن اعتبر أنصار الإخوان فى دلجا ذلك حربا على الإسلام، الذين يعتبرون أنفسهم الممثلين الوحيدين له. توجه أنصار الإخوان إلى مساجد القرية وصعدوا إلى المنابر وأعلنوا الجهاد، أنصار الإخوان فى دلجا جميعا مسلحون بمن فيهم النساء وأحيانا الأطفال. خرجوا من المساجد وقد تملكتهم حماسة الجهاد وأحسوا بأنهم يخوضون غزوة مباركة، فهاجموا قسم الشرطة فى قرية دلجا وأحرقوه وسيطروا عليه.أصبحوا السلطة الحقيقية الوحيدة فى القرية وصار بإمكانهم أن يفعلوا ما يشاءون، ولأنهم يعتبرون الأقباط كفارا يعبدون الصليب، ولأن البابا تواضروس وافق على عزل مرسى واشترك فى خارطة الطريق، مثلما وافق واشترك شيخ الأزهر ومعهما ٣٣ مليون مصرى، فقد اعتبر أنصار الإخوان أن حربهم مقدسة ضد الأقباط: هاجموا كل الكنائس فى دلجا ونهبوها بالكامل، ثم أحرقوها ومن ضمنها الدير الأثرى، الذى أنشئ منذ ١٤٠٠ عام، وله قيمة أثرية لا تعوض، ثم توجهوا بعد ذلك إلى الأقباط، فكانوا يخرجونهم من بيوتهم ثم ينهبون البيت أمام أهله، وبعد ذلك يضرمون فيه النار. وقد أدت هذه الاعتداءات الرهيبة إلى هجرة عشرات الأسر القبطية خارج القرية، لكن أقباطا كثيرين لم يكن باستطاعتهم الفرار، فاضطروا إلى الإذعان لأنصار الإخوان ورأوا كنائسهم وبيوتهم تنهب وتحرق فلم يعترضوا بكلمة، بل إنهم قبلوا أن يدفعوا إتاوة لأنصار الإخوان حتى يكفوا أذاهم. هنا لابد أن نذكر أن الاعتداءات الطائفية على الأقباط لم تتوقف قط منذ ثلاثين عاما، فقد حدثت أثناء حكم مبارك، ثم استمرت أثناء حكم المجلس العسكرى وحكم الإخوان، وها هى تنتشر الآن فى أنحاء الصعيد بعد سقوط مرسى.. المعتدون على الأقباط غالبا ما يفلتون من العقاب لأن الحكومة المصرية بدلا من تنفيذ القانون وتقديم المعتدين إلى العدالة تعودت أن تضغط على الأقباط ليعقدوا جلسات صلح عرفية مع المعتدين عليهم، تنتهى دائما بحديث رائع عن الوحدة الوطنية وتبادل الأحضان والابتسامات أمام الكاميرات، ثم ينصرف الجميع وينسون الموضوع حتى تحدث موجة جديدة من الاعتداءات تستدعى عقد مجالس صلح جديدة. بعد عزل مرسى اعتدى أنصاره على الأقباط فى معظم محافظات الصعيد. لم يكن هدفهم الانتقام من الأقباط وترويعهم فقط، وإنما استفزازهم لكى يردوا العدوان عليهم، فتنزلق مصر إلى حرب طائفية يريدها الإخوان ويسعون إليها بإلحاح. على أن الأقباط تصرفوا بوعى وطنى رفيع، فلم يردوا العدوان ورأوا كنائسهم تحترق أمام أعينهم فلم يتورطوا فى قتال المتطرفين، على أن ما حدث فى دلجا كان أخطر من أى مكان آخر لأن أنصار الإخوان طردوا الشرطة تماما من القرية وقاوموا بالسلاح دخول الجيش فانفردوا بحكم القرية بلا منازع. صارت اختيارات الأقباط فى دلجا محددة ومحدودة: إما الهجرة خارج القرية أو دفع إتاوة مالية باهظة يوميا من أجل حماية بيوتهم وأسرهم. إسكندر طوس الحلاق تصرف بطريقة مختلفة. فهو لا يتصور أبدا أن يترك قريته التى عاش فيها حياته وهو لا يعرف مكانا آخر يذهب إليه، كما أنه فقير لا يستطيع أن يدفع الإتاوة من أجل حماية أسرته. جاء أنصار الإخوان وطلبوا من إسكندر الخروج من بيته مع أسرته حتى ينهبوا البيت ويحرقوه كما فعلوا مع عشرات الأقباط. ماذا فعل إسكندر طوس بالضبط حينئذ؟! ربما وقف ليحمى بيته ورفض الخروج منه.. ربما صاح معترضا، وربما نظر للمعتدين متحديا، وربما أفلتت منه كلمة لم تعجبهم. أيا كان الذى فعله إسكندر طوس أو قاله فقد فهمه أنصار الإخوان باعتباره تحديا سافرا لهم من نصرانى كافر وهم يخوضون جهادهم المقدس.. لابد إذن من عقاب شديد لهذا النصرانى يجعله عبرة بعد ذلك لأى كافر يتحدى الإسلام والمسلمين؟! أمسك أنصار الإخوان بعم إسكندر الحلاق وأشبعوه ضربا وركلا وصفعا وجرجروه على أرض الشارع، ثم برك بعضهم عليه وأمسك الآخرون بأطرافه ثم ذبحوه.. نعم.. ذبحوه بالسكين من الوريد إلى الوريد كما يذبح الجزار الخروف فى عيد الأضحى. هل خطر بذهن إسكندر طوس أنه سيدفع حياته ثمنا لاعتراضه على نهب بيته؟.. ماذا قال لهم عندما تأكد أنهم سيذبحونه؟! هل توسل إليهم لكى يتركوه حيا من أجل أولاده؟ فيم فكر إسكندر عندما تلقى أول ضربة سكين على رقبته؟.. هل استمر الألم طوال عملية الذبح أم أنه أسلم الروح من ضربة السكين الأولى؟!.. هذه أسئلة لن نعرف إجابتها أبدا. ما نعرفه أن أنصار الإخوان ذبحوا إسكندر وتعمدوا ألا يفصلوا رأسه تماما، ثم اتفقوا مع صاحب جرار زراعى وأوثقوا المذبوح من قدميه وسحلوه، وهكذا رأى أهل القرية إسكندر طوس الحلاق للمرة الأخيرة مذبوحا مسحولا خلف جرار، بينما رأسه المقطوع يتأرجح والدم يسيل منه غزيرا فيصنع خطوطا على الأرض. بعد ما انتهى أنصار الإخوان من موكب المذبوح ألقوا بجثة إسكندر فى الشارع، فلم يجرؤ أحد من أهل القرية على الاقتراب منها خوفا من أن يلقى مصير إسكندر، وفى النهاية جاء رجل طيب (مسلم) وقام بدفن إسكندر فى مقابر الصدقة المسيحية، لكن أنصار الإخوان عادوا بعد قليل لما اكتشفوا أنهم نسيوا تصوير إسكندر وهو مذبوح، فقاموا بإخراج جثته مرة أخرى وصوروها بتليفوناتهم المحمولة حتى اكتفوا وكاد أحدهم يتسلى بإطلاق الرصاص على الجثة لولا أن منعه زملاؤه (ربما توفيرا للذخيرة). هكذا انتهت حياة إسكندر الحلاق فى قرية دلجا. إنه يرقد الآن فى مقابر الصدقة بعد أن تم ضربه وذبحه وسحله على مرأى من المارة وتصويره بعد التمثيل بجثته. ماذا فعل إسكندر طوس حتى يلقى هذا المصير؟.. صحيح أنه إنسان غير مهم وفقير ومن طبقة اجتماعية متواضعة وليست له معارف فى الأوساط العليا، لكنه كان رجلا شريفا مجتهدا يعمل بإخلاص مقابل بضعة جنيهات يوميا ينفقها على أولاده. ألم يكن من أبسط حقوق إسكندر طوس أن يعامل باحترام وإنسانية؟.. ألم يكن من حقه على الدولة التى يدفع ضرائبها أن تحمى حياته وبيته وممتلكاته البسيطة؟.. وإذا كان قدره أن يموت ألم يكن من حق إسكندر أن يموت بكرامته فيودع الدنيا بطريقة كريمة كما يليق بأى إنسان؟!.. كيف يشعر أولاده وقد رأوا أباهم مذبوحا وجثته مسحولة يتفرج عليها الناس ويصورونها بهواتفهم؟! فى أى بلد يتم ذبح المواطن وسحله لأنه اعترض على نهب بيته، وفى أى دين تكون حياة الإنسان رخيصة لهذه الدرجة فيتم ذبحه لأنه قال كلمة أو نظر نظرة لم تعجب أنصار الإخوان.. ألم يسمع أنصار الإخوان عن قيمة النفس الإنسانية فى الإسلام؟! ثم هل تحولت دلجا إلى إمارة إخوانية، وهل عجز المسؤولون فى الشرطة عن الدخول إليها أم أنهم آثروا السلامة وتركوا أقباط دلجا لمصيرهم؟!.. منذ أعوام قام أحد المتطرفين بقتل مروة الشربينى فى ألمانيا فقامت الدولة الألمانية كلها ولم تهدأ إلا بعد أن نال قتلة مروة جزاءهم العادل، لكن إسكندر طوس يذبح فى بلده وسط قريته فلا يتحرك مسؤول واحد ولا تنشر الصحف عنه إلا كلمات قليلة. الفرق بين مروة وإسكندر أنها قتلت فى بلد يحترم الإنسان، بينما إسكندر تم قتله فى مصر، حيث قيمة الإنسان تتحدد وفقا لدينه وثروته ومكانته الاجتماعية. سلاما يا عم إسكندر طوس. نعتذر إليك لأننا لم نستطع أن ندافع عنك كما كان يجب علينا. إننى أدعو المصريين جميعا، المسلمين قبل الأقباط، إلى تبنى حملة من أجل رعاية أبناء الشهيد إسكندر طوس وتقديم من قتله إلى العدالة. الثورة مستمرة حتى تنتصر مصر على الإرهاب وتقيم الدولة المدنية العادلة التى لا يؤذى فيها مواطن بسبب دينه أو أفكاره أو فقره.
الديمقراطية هى الحل.

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

البت فتحية بقلم إسعاد يونس ١٣/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

■ فى الزمانات كان من الطبيعى أن يدق رجل من الفلاحين الباب مصطحبا صبية صغيرة فى يده وعارضا على الأسرة أن تقوم باستضافتها وتشغيلها.. مين دى يا عم نبرواى؟؟.. قالك دى فتزحية.. بت طيبة وغلبانة وعايزة تعيش.. شغليها ياست الله يفتح عليكى.. أيوه ياعم نبرواى بس أنا عندى دادة أمينة شايلة البيت على كتافها ومقدرش أفرط فيها.. ياست أهه تساعد.. ده بت مش حاتسمعيلها صوت ومنكسرة.. دى أغلب م الغلب.. واستفاض فى شرح مأساة ولا كلمة منها حقيقى طبعا..
■ ماما ما قصرتش كالعادة فى الظروف دى وعينيها رغرغت بالدموع وقالتله: طيب خليها تدخل.. واجتمعنا كلنا نشوف الزائرة الجديدة اللى حاتشرف وتآنس..
■ كانت فتزحية كائنا بلا ملامح.. راسها عاملة زى قالب الطوب الأحمر.. مستطيلة بزوايا قايمة.. خارج منها تشكيلان.. ودنتين شبه ودان القطة بجد.. وضفيرتين فى قوام السيجارة ملولوين وكاشين م الذعر.. أما الوجه فكان شوية حاجات كده تتيح التنفس والرؤية وأحيانا الطعام.. خرمين مكان العينين بلا سحبة ولا رموش ولا قبة ولا ننى باين ولا لون.. خط زى نص الطبق كناية عن بُق.. شوية شعر منطورين تعبيرا عن الحواجب، لكن واحد لازق فى سقف قورتها والتانى سارح لوحده فى وشها كده ماتعرفش موقعه المفروض يكون فين.. وبروز أفطس فارش بالعرض إشارة إلى المراخير عبارة عن كتلة لحمية مكببة وفيها خرمين أوسع من خرم الإبرة هسة.. القصد كائن صعب تصنيفه أو فهم ألغازه..
■ إزيك يا فتحية؟؟.. خرج تزييق نشاز أخنف يقول حند الله.. مين؟؟.. حند الله.. آه الحمدلله.. شكلنا حانعانى فى التواصل.. ماما بصتلى بصة حافضاها كويس.. بادرت بالاعتراض دفاعا عن شبابى ومستقبلى وصحتى.. ليه أنا؟؟.. ليه دايما أنا؟؟.. مش بنتى الكبيرة وسندى وضهرى؟؟.. أمال مين حايساعدنى غيرك؟؟.. ودادة أمينة واخدة شهر أجازة ومفيش غيرك.. قومى..
■ يبدو أنه كان تقليدا طبيعيا فى هذه الآونة.. البت من دول تيجى فنحميها أو نجلطها وندلق عليها جاز، ثم نسلك الفروة التى من المفروض إنها شعر، ثم نقوم بتفليتها كأننا بننقى الدودة واللطع.. وفى حالة فتزحية كنا كأننا اقتحمنا مستعمرة هنود حُمر.. فقد كان القمل بيفط وينط ويقاوم بشدة ويقفز قفزات انتحارية من نافوخها لينتشر فى أرجاء الحمام وإحنا وراه بالشبشب.. وكان من الطقوس أيضا فى السكة كده أن نلاحظ إن كان فيه أى علامات لجرب أو تينيا أو سنطة.. سلو يعنى.. وبعدين نحرق كل هدومها اللى هى فى العادة مش جاية بيها.. حيث كانت البؤجة غالبا ما تتربط على شوية هلاهيل أملا فى هدوم جديدة من أهل البيت.. ومين أهل البيت اللى دايما بيتقلّب ف دولابها.. العارفة المؤمنة بالله جنابى..
■ قعدت فتحية بعد ما اتغيرت م الحموم وفقدت نص وزنها م الجلخ اللى اتشال واحمرت وزنهرت كده م التلييف وهو موجهة راسها ناحيتنا.. المفترض باصالنا بس مش شايفين إحنا تعبيرات عينين ولا وش ولا نيلة.. فى الغالب كانت بتسبنا فى سرها على ماتش تغيير المعالم اللى حصل فيها منذ لحظات.. ياللا يا فتحية كُلى عشاكى عشان تقومى تنامى.. لأ.. طب قومى نامى.. لأ.. هو إيه اللى لأ؟؟.. برضه لأ.. خدناها وريناها سريرها ودولابها وخرجنا.. ركزت اتجاه وشها للسرير بقرف شديد لم نلمحه على وجهها ذو المعالم الممحية.. ولكننا شعرنا من الزومة اللى زامتها كإنها جاموسة تعانى من عسر الهضم.. تركناها وخرجنا.. لكن بما إن الفار كان قد بدأ يلعب فى عبنا من ناحيتها.. فقد عدنا بعد دقائق لنطمئن عليها فلم نجدها فى فراشها.. يوه.. هى البت فتزحية لحقت تهرب؟؟.. طب حانقول إيه لعم نبراوى؟؟.. وبالبحث والتحرى فوجئنا إنها دخلت نامت تحت سريرى أنا!!.. وقفت أتأمل الموقف.. طب حاجيبها إزاى دى؟؟.. اتقلبت على وشى فى الأرض عشان أبقى على مستوى مخاطبتها.. بتعملى إيه عندك يا بنتى؟؟.. حندالله.. الحمدلله على كل شىء بس إيه الفكرة من إنك تلبدى فى الحيط تحت السرير كده؟؟.. وبينى وبين نفسى قلت يا عينى البنت منكسرة وخايفة مننا لا نعذبها حسب سمعة بعض البيوتات ساعتها.. قعدت أطمنها وهى بتلزق فى الحيط أكتر كإنها عايزة تخش جواه، وأقنعها تطلع محدش حيإذيها.. ما اقتنعتش.. قلت طيب نسيبها الليلة دى عشان تطمئن أكتر وأمرى لله.. مانا الضحية دايما.. تخيل نفسك نايم على سرير فيه مخلوق مزروع تحته بلا أى مبرر..
■ توجه أفراد الأسرة الكرام كل إلى فراشه.. وطفوا الأنوار.. واتفردت أنا على السرير.. كائن عاوز ينام بقى.. حيث جرت العادة أن يتمدد الإنسان فاردا جسمه على السرير إذا كان حاينام.. محدش قالنا إن إجراء النوم ممكن يتم والواحد قاعد مجعمز فى سريره أو مرعوب فمقرفص فوقيه.. ولكنى اكتشفت أن هكذا يكون الحال لو كنت نايم فوق حد تحت السرير صوت نفسه زى صوت بابور الطحين.. وبعد شوية بدأ يصدر منها أنين بحشرجة تحول ف طوره الثالث إلى نعير، وختمت بمسلسل من العوعو غوغو زووزوو.. مش عارفة كناية عن كوابيس والا سراديب صدرها كان فيها من التعرجات ما يجعل الهوا اللى داخل وخارج يمر بيها مصدرا هذه الزوابع..
■ الصبح حطينالها الفطور.. لأ.. دخلت ماما عالتلاجة لقتها منسوفة من كله.. سألنا بعض.. مين اللى نسف التلاجة؟؟.. زى مين اللى سرق العامود كده.. طلع محدش طبعا غير الكائن الغريب فتزحية.. التى كانت تجلس محملقة فى لا شىء ولا كأنها عاملة عملة..
■ بدأت أراقب فتزحية عن قرب.. ياللا ننضف قزاز الشباك.. ماهو نضيف.. لأ مش نضيف يا فتحية.. لأ نضيف.. هو أنا هاهرق نفسى وأنضفه عشان يتوسخ تانى؟؟.. فنستغرق فى مناقشة طويلة عن كُنية القزاز نضيف والا ملطّع.. وجدوى تنضيفه من عدمها.. واتضح إن هذه فكرة البت فتزحية عن النضافة عموما.. حتى جسدها.. فأى شىء حايتوسخ تانى يبقى عبث إننا ننضفه..
■ إذن هى لا تعترف بأنها هنا من أجل هذه المهمة.. طب نعمل إيه؟؟.. نحاول نشوف لها مهمة أخرى.. الطبيخ مستحيل طبعا.. فهى رائدة ومؤسسة مدرسة العفانة، وبالتالى مجرد اقترابها من باب المطبخ جريمة فى حقنا وحق منظمات حقوق الإنسان عموما.. طيب تعرف تكوى مثلا؟؟.. لأ.. تنشر الغسيل؟؟.. لأ.. تغسل مواعين؟؟.. تخيط ملابس؟؟.. تشتغل تريكو؟؟.. لأ.. كله لأ.. وليست هناك نية لتعلم أى شىء..
■ حاولت اتجاذب معاها أطراف الحديث يمكن أعرفلها أى هواية أو نشاط أو رغبة دفينة حتى.. أبدا.. قلنا نسيبها شوية لحد ما يظهر عم نبراوى ونسلمه الأمانة ونخلص.. خصوصا إن دادة أمينة قربت ترجع م الأجازة ودى كانت ممشيانا عالعجين ما نلخبطوش من حيث النظام والنضافة.. لكن عم نبراوى اختفى.. بلانا البلوة دى وخد فى وشه وقال عدولى..
■ كان من الممكن أن تتحول فتحية إلى بنى آدم عايش معانا على ما تفرج وخلاص.. إلا أنها تحولت إلى عبء ثقيل، خصوصا بعد ما بدأت هواياتها الحقيقية تظهر.. فقد كانت تنفذ عكس الغرض من قدومها أصلا.. إحنا ننضف وهى توسخ.. وتتلصص علينا.. يجيلنا ضيوف فتدخل تآنسنا وتجلس وسطهم بلا أى مناسبة، وكمان تصدر ،صوات وتصرفات تودى ف داهية.. تعبث بأشيائنا مثل كتبنا وكراريسنا بغرض التبويظ وخلاص.. ترتدى ملابسنا فى غيابنا فتفضحها رائحتها.. وبدأت تقلب الفلوس الفكة، ثم دخلت عالمجمد.. وتخفى الأشياء الهامة وتبتسم فى لؤم شديد عندما نجدها بعد طول بحث.. وكانت بتاكل كل الأكل حتى بدأنا نشعر بالاضطهاد وبوادر المجاعة..
■ كإنه كان احتلال من كائن غريب عجيب مزعج ممل وشكله استغفر الله كمان.. حتى جاء يوم كانت أمى تقوم بالتنظيف وهى واقفة تتفرج عليها وماسكة فازة كبيرة بتلعب بيها.. فأمرتها أمى بأن تضع الفازة جانبا وتوسع الطريق لها حتى تنتهى من التنظيف.. فالبت فتزحية بوقاحة شديدة راحت رافعة الفازة لحظة كده وماما تتابعها بعينيها فى فزع وراحت دب.. دشاها فى الأرض.. هنا خرجت ماما عن عقلها وصبرها وراحت راكنة المقشة وقالعة الشبشب وهجمت عليها.. وقبل أن أفيق من صدمة إن ماما ممكن تضرب حد بالشبشب زى الأفلام كان الجرس بيضرب فجريت أفتح الباب.. للحظ طلع عم نبراوى جاى يقبض الشهرية.. وكان أن اشتركنا جميعا فى هذه الموقعة التاريخية.. ماما طايحة بالشبشب وأنا وعم نبراوى بنحجز بينها وبين فتزحية.. وأنا بصفتى لئيمة بطبعى.. كل ما ألاقى الشبشب نازل أصدر قرعة عم نبراوى لتتلقى الطرقعة..
■ انتهت الموقعة ولله الحمد بعم نبراوى يرحل ومعاه البت فتزحية وماما بتدش بواقى الفازة وراهم..
■ هذه حادثة حقيقية.. لا يميزها عن غيرها من الحوادث الشخصية إلا تاريخ حدوثها.. للعجب أعجاب.. كانت يوم تلاتين يونيو.

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

ماذا تعلمنا من المحنة؟! بقلم د.علاء الأسوانى ١٠/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم


كانت روجينا فتاة أمريكية- أفريقية تعمل سكرتيرة فى كلية طب الأسنان بجامعة إلينوى فى شيكاجو، حيث كنت أدرس فى الثمانينيات. نشأت بيننا صداقة وتعودت أن أمر على مكتبها من حين لآخر لنحتسى القهوة ونتحدث. ذات يوم بادرتنى قائلة:
■ هل تعرف أننى تحولت من المسيحية إلى البوذية؟! ابتسمت ولم أعلق فاستطردت قائلة:
■ البوذية ديانة عظيمة يعتنقها أكثر من ٥٠٠ مليون إنسان فى العالم. أنا أجتمع مع زملائى البوذيين كل أسبوع لنتبادل خبراتنا الروحية ونتأمل. هل تحب أن تحضر معنا أحد الاجتماعات؟!
استبد بى الفضول فوافقت وشكرتها وفى نهاية الأسبوع ذهبت مع روجينا إلى بيت صغير فى حى فقير فى جنوب شيكاجو. كان الضوء خافتا والصالة الضيقة مليئة برجال ونساء كلهم من الأمريكيين الأفارقة. صافحتهم جميعا وجلست وبدا واضحا أن روجينا حدثتهم عنى، لأنهم رحبوا بى بحرارة. بدأوا يتكلمون وراح كل واحد فيهم يتحدث كيف غير الإيمان ببوذا حياته إلى الأفضل: السكير امتنع عن الخمر، والعاطل وجد عملا، والسيدة التى كانت لا تطيق زوجها صارت راضية بالعيش معه، ثم قامت سيدة خمسينية وقالت:
■ قبل أن أعرف بوذا كنت إنسانة بائسة للغاية. هجرنى الرجل الذى أحبه ليعيش مع فتاة شابة، ثم فقدت وظيفتى وتراكمت على الديون، حتى إننى فكرت فى الانتحار. ذات صباح كان لابد أن أدفع فواتير الغاز والإيجار والكهرباء، ولم أكن أملك دولارا واحدا.. جلست وصليت بعمق وإخلاص لبوذا العظيم وطلبت منه أن ينقذنى بقدرته. هل تعلمون ماذا حدث؟
تطلع إليها الحاضرون فابتسمت وقالت:
■ ما إن انتهيت من الصلاة لبوذا حتى سمعت طرقا على الباب. فتحت فوجدت البوسطجى يسلمنى شيكا بعشرة آلاف دولار، كان نصيبى من إرث لعمتى التى كانت تعيش فى بوسطن وماتت.
هلل الحاضرون وكادت السيدة تبكى وهى تقول:
■ هكذا أؤكد لكم يا أصدقائى: أحبوا بوذا من قلوبكم وضعوا ثقتكم فيه وهو لن يخذلكم أبدا.
سادت حالة من الخشوع فى الصالة، وقبل أن ننصرف قالت روجينا بصوت عالٍ وهى تقف فى مدخل البيت:
■ لا تنسوا أن تأخذوا بوذا معكم. عندنا تماثيل لبوذا بأحجام مختلفة، بدءا من هذا التمثال الصغير مقابل خمسة دولارات فقط، وحتى ذلك التمثال الكبير بثلاثين دولارا.
راح بعض الحاضرين يشترون تماثيل لبوذا. شكرت روجينا وصافحت الحضور وانصرفت وأنا أفكر. هذه السيدة التى تحدثت عن المعجزة تبدو متعلمة وذكية. كيف لم تنتبه إلى أن الشيك الذى وصلها قد تم تحريره قبل أن تصلى لبوذا بأيام؟ بل لا شك أن إجراءات الميراث قد حدثت قبل صلاتها لبوذا بأسابيع. كيف لم تدرك هذه السيدة أن وصول الشيك فى أعقاب الصلاة مصادفة تحدث لملايين الناس فلا يعتبرونها كرامة أو معجزة؟! الإجابة أن السيدة البوذية قد أدركت ما حدث بشعور المؤمن وليس بالعقل المجرد. إنها بوذية مؤمنة بدينها، وهى مستعدة تماما لتصديق كل ما يؤكد هذا الدين، وهى أيضا على أتم استعداد لإنكار أى شىء قد يشككها فى دينها.. إن ما فعلته السيدة البوذية نفعله جميعا نحن المؤمنين بالأديان المختلفة. قليلون من البشر الذين اختاروا أديانهم بإرادتهم الحرة. إننا غالبا ما نولد على دين آبائنا فنشب ونحن مؤمنون بأنه الدين الوحيد الصحيح ونستعمل عقولنا لكى نثبت صحة عقيدتنا وفى نفس الوقت نرفض بشدة أن نصدق أى شىء قد يشككنا فى ديننا، بل ونهاجم بدون تفكير وبضراوة كل من يتعرض بالنقد لعقيدتنا الدينية. الدين بطبيعته اعتقاد عاطفى مطلق وحصرى، أتباع أى دين يعتبرون أنفسهم وحدهم على حق والأديان الأخرى على خطأ. المسلمون مثلا يعتبرون المسيحية واليهودية ديانتين محرفتين، والمسيحيون لا يعترفون بالإسلام، واليهود لا يعترفون بالمسيحية ولا بالإسلام. إن الدين بقدر ما يلبى احتياجات الإنسان الروحية إلا أنه قد يتحول أحيانا إلى أداة لاحتقار الآخرين والاعتداء على حقوقهم. نحن نحتاج إلى الدين لأنه يجعلنا على صلة بالخالق العظيم، ويقدم لنا تفسيرا لنشأة الحياة، وتصورا مريحا لما بعد الموت، كما أنه يخضعنا لنظام محدد للثواب والعقاب، فنحس بأن العدل إذا لم يتحقق فى حياتنا فسيتحقق حتماً فى العالم الآخر. لكن التاريخ يعلمنا أن الدين بقدر ما كان مصدرا عظيما للقيم الإنسانية إلا أنه كثيرا ما كان سببا لحروب مهلكة ومذابح بشعة راح ضحيتها ملايين الأبرياء. كيف يتحول الدين من أداة للخير إلى أداة للشر والعدوان. هنا يتوقف الأمر على فهمنا للدين. مادمنا نحترم عقائد الآخرين ونعتبرهم بشرا مثلنا تماما لهم نفس حقوقنا، فنحن نطبق الدين الصحيح. أما إذا اعتبرنا أننا أفضل من المختلفين عنا فى الدين فإننا نتحول بالضرورة إلى أشخاص متعصبين عدوانيين. إننا نفقد معنى الدين عندما نعطى أنفسنا الحق فى التدخل فى حياة الآخرين وإلزامهم بما نراه نحن مناسبا لهم. فى اللحظة التى نتعامل فيها مع الآخرين باعتبارنا نحمل وحدنا إرادة الله التى كلفنا بتنفيذها نتحول عندئذ إلى الشر ونصير عاجزين عن رؤية الواقع، وقد نقترف أبشع الجرائم ونحن نتلو الصلوات والتسابيح تقربا إلى الله. هذه طبيعة الدين التى جعلت من الضرورى فصله تماما عن السياسة.. الدين والسياسة نقيضان. السياسة أفكار وممارسات بشرية تقبل النقد وتعترف بالأخطاء وتقوم بإصلاحها حتى تتغير للأفضل، بينما الدين يعكس حقائق نهائية ثابتة يتوجب الإيمان بها والخضوع لها ولا يجوز مناقشة صحتها. كل من حكموا باسم الدين تحولوا إلى طغاة استبدوا بشعوبهم وقمعوهم ونهبوهم. خلال العصور الوسطى حكمت الكنيسة الكاثوليكية فى أوروبا فحولت حياة الناس إلى جحيم من فرط الظلم والفساد والقمع. فى تاريخنا الإسلامى لم ينعم المسلمون بحكم عادل رشيد إلا لفترة ٣١ عاما فقط (٢٩ عاما فترة حكم الخلفاء الراشدين وعامان فى ولاية عمر بن عبدالعزيز)، وبخلاف هذه الفترة القصيرة عانى المسلمون خلال قرون طويلة من الطغيان باسم الدين، بدءا من الأمويين الذى ضربوا الكعبة بالمنجنيق مرتين فى صراعهم على السلطة مع عبدالله بن الزبير، حتى أبوالعباس السفاح، مؤسس الدولة العباسية، الذى أمر بذبح مجموعة من الأمراء الأمويين، ثم مد بساطا على جثثهم ووضع عليه طعاما أكله ثم قال:
■ «والله ما أكلت فى حياتى أشهى من هذه الأكلة».
وصولا إلى العثمانيين الذين احتلوا مصر فقتلوا عشرة آلاف مصرى من سكان القاهرة فى يوم واحد، بخلاف النساء والأطفال الذين اغتصبوهم. أما الحكم باسم الدين فى أفغانستان والسودان والصومال فنحن نرى كل يوم الكوارث التى يسببها.
لم يتقدم أى مجتمع فى الدنيا إلا بعد أن تم فصل الدين تماما عن السياسة. فى الدولة الديمقراطية من حقك أن تعتنق الدين الذى تشاء، وأن تمارس طقوس دينك، ولكن ليس من حقك أن تفرض دينك على الآخرين. فى الدولة الديمقراطية أنت مواطن كامل الحقوق بغض النظر عن الدين الذى تعتنقه. لا يمكن تطبيق ديمقراطية حقيقية إذا تكونت أحزاب سياسية على أساس دينى.. الديمقراطية تقوم على التعدد، والدين قائم على الحقيقة المطلقة.
 الديمقراطية تعنى المساواة بين المواطنين، والدين لا يمكن أن يساوى بين المؤمنين والكافرين. الديمقراطية تطرح أفكارا للمناقشة قد تحتمل الصواب والخطأ، والدين يفرض حقائق إن لم تؤمن بها تكون كافرا.
من يمارس السياسة من منطلق دينى، مهما قال كلاما جميلا، سوف يرى فى خصومه السياسيين أعداء للدين، سيدافع عن تصرفات شيوخه وقياداته بنفس الضراوة التى يدافع بها عن عقيدته، سوف يكون على استعداد لارتكاب الجرائم وتبريرها، لأنه يعتبر نفسه فى حرب مقدسة من أجل إعلاء الدين. لقد دفعنا نحن المصريين ثمنا باهظا لخلط الدين بالسياسة، وآن لنا أن نتعلم من هذه التجربة القاسية.
لقد سمح المجلس العسكرى السابق بإنشاء الأحزاب السياسية على أساس دينى، وكانت النتيجة ظهور مجموعة من المتعصبين دينيا الذين يحتقرون المختلفين معهم سياسيا ويكرهونهم ويكفرونهم ويستحلون دماءهم، وهم بعد كل ذلك عاجزون فعلا عن رؤية الواقع، لأنهم يعيشون فى عالم افتراضى متخيل يلعبون فيه دور المجاهدين من أجل الإسلام. بعد إحراق عشرات الكنائس والمبانى الحكومية وأقسام الشرطة وقتل عشرات الأبرياء وقتل جنودنا فى سيناء ومحاولة اغتيال وزير الداخلية، بعد كل هذه الجرائم الإرهابية لايزال الإخوان يعتبرون أنفسهم ضحايا وأبطالا، لأنهم فى خيالهم يجاهدون من أجل نصرة الإسلام ضد العلمانيين الكفار. هذا الانفصال الكامل عن الواقع هو ما يفسر مشهد الإخوان وهم يقتلون ويمثلون بجثث ضحاياهم بينما هم يكبرون ويهتفون للإسلام. شاهدت فيديو لواحدة من الإخوان وهى تصيح:
■ «أنا ربانية أنفذ ما أمر به الله، وأنتم تعادون الله ورسوله».
منذ أيام كتب الأستاذ ثروت الخرباوى (الذى كان من الإخوان وتركهم لما اكتشف ضلالهم) مقالا حكى عن حوار له فى التسعينيات مع محمود عزت، القيادى الإخوانى، أكد فيه أن اغتيال خصوم الإخوان تصرف صحيح شرعيا تماما، لأن المعارضين للإخوان هم رموز المجتمع الجاهلى الذين يمنعون إقامة دولة الإسلام، وبالتالى فإن قتلهم حلال. ماذا ننتظر أكثر من ذلك لنعتبر الإخوان جماعة إرهابية ونمنع إقامة الأحزاب الدينية فى الدستور الجديد؟ لقد نزل ملايين المصريين إلى الشوارع فى ٣٠ يونيو ليعلنوا رفضهم، ليس فقط للرئيس المعزول ولحكم الإخوان، وإنما للأحزاب الدينية جميعا.
من العجيب بعد هذه الثورة العظيمة أن نرى الحكومة الانتقالية تخطب ود حزب النور السلفى وتطارده وتكاد تتوسل إليه حتى يتكرم عليها ويقبل المشاركة فى كتابة الدستور الجديد. لا أفهم كيف ننادى بإلغاء الأحزاب الدينية ثم نضم إلى لجنة كتابة الدستور واحدا من أكثر الأحزاب الدينية تعصبا. إننا نطالب أعضاء لجنة الدستور، وكلهم شخصيات محترمة وطنية، بأن يتعلموا من التجربة القاسية التى عشناها جميعا تحت حكم الإخوان، فيكتبون دستورا جديدا يكون أساسا لدولة مدنية حديثة ديمقراطية تحترم الحريات وتساوى بين المواطنين فى الحقوق بغض النظر عن أديانهم وتحترم الدين، لكنها لا تسمح باستعماله فى السياسة. عندئذ فقط يبدأ المستقبل فى مصر.
الديمقراطية هى الحل

السبت، 7 سبتمبر 2013

سيادة الرئيس.. عدلى منصور بقلم د. وسيم السيسى ٧/ ٩/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم


سيادة الرئيس.. عدلى منصور رئيس الجمهورية: شاهدت وسمعت خطابكم الجميل أنا وأسرتى، وكم امتلأت قلوبنا فرحاً وإعجاباً بكم حتى إن ابنتى الصغرى، أبدت دهشتها من قوة ذاكرتكم بخصوص الأرقام، وكان ردى عليها: العمر يقاس بالذاكرة، فإن كانت متوهجة.. فصاحبها شباب مهما كان عمره الزمنى!
أشكركم على اختيارى ضمن المجموعة التى ستبدى رأيها فى التعديلات الدستورية، واسمحوا لى يا سيادة الرئيس أن أفكر أمامكم بصوت مسموع.
١ - أين من يمثلون القضاء؟ أين تهانى الجبالى، وإبراهيم درويش، ونور الدين فرحات.... إلخ.
٢ - أنا معكم.. «لا إقصاء».. لكل من يحب مصر.. يتمنى الخير لمصر.. ولكن إقصاء لكل من يرهب مصر.. أو يستعدى قوى أجنبية ضد مصر أو يدعو لفتنة طائفية داخل مصر، وبالتالى.. لا أحزاب على أسس أو مرجعية دينية، وكفانا ما نحن فيه، ولعلكم تذكرون كلمات فولتير: إن الذى يقول لك.. اعتقد ما أعتقده وإلا فأنت كافر، لا يلبث أن يقول لك إذا اعتلى السلطة: اعتقد ما أعتقده وإلا قتلتك! إذن فالأحزاب التى تخدعنا بالدين.. خط أحمر، وإلا فعلى ٣٠/٦ العزاء.
٣ - أعنى يا سيادة الرئيس.. الربط بين الظلم والفراعنة، وأنتم كرجل قانون.. لو قرأتم كتاب د. محمود السقا، د. محمد أبوسليمة: فلسفة وتاريخ القانون المصرى القديم: كان القانون المصرى الفرعونى مثالياً فى قواعده، عادلاً فى أحكامه، عالمياً فى مراميه، بنى على: العدل أساس الملك، العدالة الاجتماعية، لذا كان دهشة للمؤرخين قاطبة، لعظمة هذا القانون وسبقه الحضارى!
لم نحتمل الظلم سنة يا سيادة الرئيس، كيف تعيش حضارة ستة آلاف سنة إلا إذا قامت على العدل؟! لقد أراد تحوتمس الثالث «صاحب أول إمبراطورية فى التاريخ» أن يغير فقرة فى القانون، فاعترض كبير القضاة «رئيس المحكمة الدستورية الآن» وقال: إن كلمة الحاكم لا يجب أن تعلو فوق كلمة القانون! فاعتذر الإمبراطور تحوتمس الثالث، وطلب المغفرة!
ملحوظة: د. السقا، د. أبوسليمة أستاذان للقانون فى كلية الحقوق جامعة القاهرة.
٤ - التعليم يا سيادة الرئيس.. جفف منابع الجهل، ومستنقعات التعصب، وبالتالى سوف يختفى البعوض! صديقى أ. على ياسين من علماء التاريخ التحويليين «يحولون تاريخنا المزيف الانتقائى إلى التاريخ الصحيح» يقول عن جلال الدين الرومى: قد يكون الصنم الحجرى ثعباناً، ولكن الصنم الفكرى إنما هو تنين كبير! وهذا ما قاله أمير الشعراء فى الهمزية النبوية:
رفضوا الخروج إليك من أوهامهم
والناس فى أوهامهم سجناء
عليكم بتجربة فنلندا فى التعليم يا سيادة الرئيس، وتحية حب وإعجاب لمستشاركم العلمى د. عصام حجى. قال بورقيبة للقذافى: علم شعبك! رد القذافى: الشعب المتعلم يثور، قال بورقيبة: المتعلم يعزلك أما الجاهل يذبحك!
٥ - المرأة يا سيادة الرئيس.. مضطهدة فى العالم كله خصوصاً فى مصر.. اضطهاد المرأة هو اضطهاد للطفل، واضطهاد الطفل.. اضطهاد للمستقبل.. مستقبل أى أمة!
لابد أن يكون للمرأة والأقباط «QUOTA» عدد معين فى البرلمان ولمدة عشرين عاماً لحين أن تكتب مصر أول بند فى دستورها: نحن لا يهمنا لونك أو دينك أو جنسك، يهمنا أن تعطى «مصر» أفضل ما عندك، وسوف تعطيك مصر أفضل ما عندها «توماس جيفرسون وهاميلتون» واضعاً الدستور الأمريكى.
ملحوظة: مكانة المرأة المصرية وحقوقها السياسية ١٣٩ بين سائر دول العالم!
٦ - الأسرة يا سيادة الرئيس.. تجربة سنغافورة فى تنظيم الأسرة، تجربة تونس فى الأحوال الشخصية، سر الفشل هو محاولة إرضاء كل الناس!
٧ - مصر تحكم العالم حقاً «جينات الفراعنة»، مصر أغنى بلد فى العالم «بوش الأب» ولكنها منهوبة.. مصنع المراجل البخارية يباع بـ١٧ مليوناً، رشوة ٩١ مليوناً لأن ثمنه الحقيقى ٥ مليارات! الرمل الزجاجى، الجرانيت، القمح.. مصر سلة خبز الإمبراطورية الرومانية قديماً، ومازالت ولكنه الفساد والنفوذ الأمريكى.
٨ - جونار ميردال.. عالم الاجتماع السويدى: الدولة الرخوة هى الدولة التى تغيب عنها سيادة القانون.. تقدمت مصر الفرعونية بماعت.. ربة العدالة، والميزان.. ميزان العدالة فى محاكمة الروح، وريشة العدالة التى على رأس ملوك، أمراء، قضاة إنجلترا، ومن هنا نردد الجملة: هو على رأسه ريشة؟! نريد مصرنا من جديد.. قال أحد شعراء الإغريق: هزمناهم ليس حين غزوناهم.. بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم!