|
المشاركات الشائعة
-
يا صديقي لست أدري ما أنا ** أو تدري أنت ما أنت هنا أنت مثلي تائه في غربة** و جميع الناس أيضاً مثلنا نحن ضيفان نقضيَ فترة ** ثم نمض...
الجمعة، 29 يونيو 2012
الصمت الرئاسى بقلم إسعاد يونس ٢٩/ ٦/ ٢٠١٢ بالمصرى اليوم
الاثنين، 25 يونيو 2012
جاء وقت الحساب يا مرسى لوائل قنديل بالشروق
الفائز فى هذه الانتخابات العصيبة ليس محمد مرسى ولا الإخوان ولا الحرية والعدالة.. الفائز هو الميدان، المنتصر هم الشهداء، هم الجرحى والمصابون والمسحولات والمسحولون.
الفائز هو الشعب الرائع النبيل الشريف الطاهر الذى قاوم كل هذا القبح وكل هذا الفساد، وكل تلك الترسانة الفتاكة التى قصفت الثورة من كل اتجاه.
لقد انتصرت مصر وارتقى المصريون معارج المجد والشرف حين أثبتوا أنهم كائنات عصية على التشويه والمحو.. لقد قاوم المصريون السيناريو الرومانى واستبسلوا دفاعا عن ثورتهم وشهدائهم، وقهروا التاريخ ونظريته البائسة «التاريخ يعيد نفسه».
لقد نجت مصر من السقوط فى دنس الغواية، وحافظت على طهرها، وصمدت أمام شلالات أرادت أن تدفعها إلى الكفر بثورتها والارتداد إلى عصر الفساد والاستبداد، فقهرت كل أساليب التجويع والترويع.
«ارفع رأسك أنت مصرى» ولك أن تختال على الدنيا فخرا واعتزازا بأنك لفظت كل ما وضعوه فى جوفك من سخائم.
مبروك محمد مرسى، لكن قبل أن ترد التهنئة أذكرك بما قطعته على نفسك أمامى وعلى مدى سبع ساعات: لنا فى رقبتك رئيس حكومة من خارج الإخوان والحرية والعدالة وتشكيلة حكومية غالبيتها من خارج الإخوان.
لنا فى رقبتك نواب رئيس من خارج الإخوان.. لنا فى رقبتك إحداث التوازن المطلوب فى تأسيسية الدستور، وعدم الاقتراب من المادة الثانية من الدستور.
لنا عليك أن تفتح ذراعيك وتحتضن إخوتنا وشركاءنا فى الوطن أقباط مصر الرائعين، ونودع معا مقولة: «عنصرى الأمة» ولنكن جميعا عنصرا واحدا فى مصر الجديدة الجميلة.
كان أمس أطول أيام التاريخ المصرى الحديث، الدقيقة فيه بألف ساعة، والساعة بألف يوم، وكأن الزمن تجمد ولم يشأ التحرك فى اتجاه الثالثة عصر التى لم تأت فى موعدها، تماما كما كان مساء العاشر من فبراير 2011 طويلا وثقيلا ومؤرقا.
لقد عاشت مصر أسبوعا من غليان العقول والنفوس فوق مراجل الشائعات والتسريبات والتكهنات، فى واحدة من أعنف حروب الأعصاب.
وكله كوم والدقائق التسعون التى أعقبت الثالثة كوم آخر، ذلك أن اللجنة العليا تحولت إلى أعمال سفلية مارست من خلالها أقسى أنواع التعذيب النفسى على المصريين بإلقائهم فى أفران الترقب.
إن هذا السيناريو البائس فى إعلان النتيجة هو المسئول عن شحن الجماهير بكل عناصر الغضب والشك والريبة وكأن واضع السيناريو يستمتع بدور المدير لصراع الديوك، واضعا البلاد والعباد على حافة الحريق، منتشيا بنجاحه فى إثارة حرب الكل ضد الكل، غير مدرك ــ وربما يدرك ــ لأن هذه اللعبة الخطرة قد تأكل الأخضر واليابس.
ويبقى أن الحقيقة الناصعة هى أن الثورة المصرية لن تتنازل عن إتمام دورتها.
الجمعة، 22 يونيو 2012
هدهدة بقلم إسعاد يونس بالمصرى اليوم
|
الاثنين، 11 يونيو 2012
ظاهرة المواطن المستأنس! لعلاء الأسوانى بالمصرى اليوم

حدثت هذه الواقعة منذ عشرين عاما، كنت أعمل طبيبا للأسنان فى إحدى الهيئات الحكومية وذات صباح كنت أعالج أحد الموظفين فى الهيئة، كان مستلقيا على كرسى الأسنان وقد فتح فمه وقد قمت بتركيب إطار معدنى حول ضرسه حتى أتمكن من وضع الحشو. بينما أنا منهمك فى العمل انفتح باب العيادة ودخل مدير الأمن فى الهيئة وفوجئت به يقول لى:
- من فضلك اصرف المريض حالا. السيد رئيس الهيئة نازل يعالج أسنانه.
قلت له:
- أمامى نصف ساعة من العمل حتى أصرف المريض.
- بل يجب أن تصرفه حالا لأن السيد رئيس الهيئة فى طريقه للعيادة.
كان مدير الأمن يتحدث بلهجة آمرة مستفزة فقلت له:
- لا يمكن أن أترك المريض وضرسه مفتوح. كان الأولى بالسيد رئيس الهيئة أن يتصل بى عن طريق السكرتارية لتحديد موعد.
ابتسم مدير الأمن فى سخرية وقال:
- السيد رئيس الهيئة لا يحدد مواعيد. عندما يريد سيادته أن يعالج أسنانه يجب أن تكون مستعدا.
- أنا لا أعمل عند رئيس الهيئة، وإنما أعمل فى هيئة حكومية هو رئيسها.
قال مدير الأمن بلهجة قاطعة:
- لآخر مرة.. اصرف هذا المريض لأن السيد رئيس الهيئة قادم.
صحت فى وجهه:
- لن أصرف المريض قبل أن أتم علاجه.
كان المريض فاتحا فمه وقد عجز عن الكلام وفوجئت به يصدر أصواتا ويشير إلىَّ، فقمت بفك الإطار المعدنى من فمه. عندئذ قفز الموظف من الكرسى ووجه حديثه إلى مدير الأمن قائلا:
- أنا تحت أمر البك رئيس الهيئة. قل لسيادته يتفضل حالا وأنا أبقى أكمل علاجى فى وقت آخر.
لم يكتف الموظف بذلك، بل خرج بنفسه مع مدير الأمن ليكون فى استقبال رئيس الهيئة واصطحبه بنفسه إلى عيادة الأسنان، ولم ينصرف قبل أن يسأله:
- تأمرنى بحاجة يا سعادة البك؟!
أحسست بإحباط بالغ من موقف الموظف. لقد حاولت أن أدافع عن كرامته، لكنه خذلنى ورحب بالمعاملة المهينة من رئيس الهيئة.. لقد اتخذت الموقف الصحيح، لكن هذا الموظف تعود على المهانة. إن التمسك بالكرامة فى نظره نوع من الحماقة أو الجنون وهو لم يعد يرى أبعد من مصالحه المادية: أن التزلف إلى رئيس الهيئة سيدر عليه العلاوات والامتيازات، بينما الدفاع عن الحق سيكلفه ثمناً باهظاً لا يطيقه ولا يريده.
هذه الواقعة القديمة أستعيدها الآن وأنا أحاول فهم ما يحدث فى مصر.. لقد قام المصريون بثورة كبرى يعتبرها العديد من أساتذة التاريخ والعلوم السياسية من أعظم الثورات فى التاريخ. ملايين المصريين نزلوا إلى الشوارع، تحملوا الضرب والسحل والانتهاك والقتل والدهس بسيارات الشرطة وفقء العيون بالخرطوش. قدموا آلاف المصابين والشهداء من أجل استرداد الحرية والكرامة، وفى النهاية انتصروا وأجبروا الطاغية على التخلى عن السلطة. السؤال: كيف يحدث بعد هذه الثورة العظيمة أن يتقدم أحمد شفيق تابع الديكتاتور المخلوع وتلميذه المخلص للترشح للرئاسة؟!
الإجابة أن المجلس العسكرى قاوم التغيير وحافظ على نظام مبارك الذى نفذ بدوره مخططاً دقيقاً لإجهاض الثورة المصرية. تعمد تشويه سمعة الثوار والتنكيل بهم فى مذابح متلاحقة، ومن ناحية أخرى تم إنهاك الشعب بأزمات مفتعلة، وفى النهاية تم الدفع بأحمد شفيق ليكون رئيسا لمصر بأى طريقة وأى ثمن. لقد تم تعطيل قانون العزل وحماية شفيق من المحاكمة فى 35 قضية فساد تلاحقه وتم تزوير الانتخابات من أجله، وسوف يتم تزوير جولة الإعادة من أجله أيضا.
المجلس العسكرى يصر على الدفع بأحمد شفيق للرئاسة ليحمى مصالح العسكر ويعيد النظام القديم كما كان وغالبا أسوأ مما كان.. المجلس العسكرى هو المسؤول الأول عن تعطيل التغيير وتعثر الثورة. كل هذا صحيح لكنه غير كاف لتفسير ما يحدث. الانفلات الأمنى والأزمات المصطنعة وارتفاع الاسعار، كل هذه المشكلات لماذا دفعت بعض المصريين إلى كراهية الثورة، بينما الثوار الذين تعرضوا إلى مذابح متتالية على أيدى الشرطة والجيش لم تنكسر إرادتهم ولم يتزعزع إيمانهم بالثورة؟! لماذا يلعن أحد المصريين الثورة لأنه لا يجد البنزين لسيارته، بينما الدكتور أحمد حرارة الذى فقد عينيه الاثنتين فى الثورة يظل مبتسماً ولا تزيده تضحيته إلا إخلاصاً لمبادئه؟!
هنا يتبين لنا أن المصريين لا يقفون جميعاً على نفس المسافة من الثورة. إن الثورة المصرية - مثل كل الثورات - لم يشترك فيها الشعب كله. بعد الثورة انقسم الشعب إلى ثلاثة أقسام:
أولا: الثوريون. هؤلاء عازمون على استكمال الثورة مهما تكن التضحيات.
ثانيا: أتباع النظام الساقط «الفلول»، وهؤلاء سيقاتلون بشراسة من أجل استعادة النظام القديم حرصاً على مصالحهم وخوفاً من المحاكمة على جرائمهم إذا وصلت الثورة إلى الحكم.
ثالثا: المواطنون المستأنسون «مثل الموظف الذى كنت أعالجه».. هؤلاء استطاعوا التواؤم مع النظام الفاسد بطريقة ما وتوصلوا إلى طريقة لتسيير حياتهم ولم يكونوا مستعدين لدفع ثمن التغيير. إن الأغلبية العظمى من المصريين لا يزالون يدعمون الثورة، لكن علينا أن نعترف بأن المواطنين المستأنسين يشكلون فى مصر أقلية معتبرة. لقد فاجأتهم الثورة وأذهلتهم وهم لم يشتركوا فيها وإنما تفرجوا عليها فى التليفزيون، وكأنها مباراة كرة قدم، فلما تأكدوا من خلع مبارك نزلوا بأولادهم إلى الميادين ليلتقطوا الصور التذكارية.
المواطنون المستأنسون هم أكثر من تأثروا بالدعاية ضد الثورة وأكثر من أصابهم الحنق من توالى الأزمات المصطنعة وهم الآن يجاهرون بلعن الثورة والثوار. لماذا يلعن هؤلاء المستأنسون الثورة مع أنها لم تتول الحكم يوماً واحداً، ولماذا لا يوجهون غضبهم إلى المجلس العسكرى الذى قام بمهام رئيس الجمهورية وبالتالى يكون المسؤول الأول بعد خلع مبارك؟!.. قد يكون المواطنون المستأنسون مفتقرين إلى الوعى السياسى، لكننى أعتقد أنهم من البداية لم يحبوا الثورة قط.
لقد تواءموا وقاموا بتوفيق أوضاع حياتهم مع الفساد، تشوهت المعانى فى أذهانهم، فأصبحت الشجاعة حماقة والجبن حكمة والنفاق لباقة.. المواطنون المستأنسون لا يرتبطون بالضرورة بمصالح مباشرة مع نظام مبارك، لكنهم صنعوا شبكات الفساد الخاصة بهم التى مكنتهم من كسب الأموال بطريقة غير قانونية أو على الأقل غير أخلاقية.. الموظفون الصغار المرتشون المنتشرون فى الإدارات الحكومية. أطباء المستشفيات الحكومية الذين يرغمون المرضى الفقراء على الذهاب لعياداتهم الخاصة.. المدرسون الذين يبتزون التلاميذ من أجل إعطائهم دروساً خصوصية.. الإعلاميون المتعاملون مع أمن الدولة الذين يضللون الرأى العام وينشرون الأكاذيب دفاعاً عن النظام. هل نتوقع من أمثال هؤلاء أن يدعموا الثورة؟!
الطبيعى أن يكرهوا الثورة لأنها تكشفهم أمام أنفسهم. لقد انحرفوا بعد أن أقنعوا أنفسهم بأن التغيير مستحيل، وبأنهم لن يصلحوا الكون، وبالتالى عليهم أن يتخلوا عن مبادئهم ويتقبلوا الإذلال حتى يعيشوا ويربوا أولادهم. فجأة وجدوا مصريين آخرين يعانون من نفس ظروفهم يصرون على الحرية ويموتون من أجل كرامتهم.
إن المواطنين المستأنسين بقدر ما أصابهم التشوه الأخلاقى بتأثير نظام مبارك إلا أنهم يشكلون جمهور المشجعين للثورة المضادة، وهم على استعداد لتجاهل الحقائق من أجل انقضاء الثورة حتى يعود كل شىء كما كان. هؤلاء الذين رأوا بأعينهم بنات مصر يسحلن وتنتهك أعراضهن بواسطة أفراد الجيش، فما كان منهم إلا أن لاموا الضحية وتساءلوا بكل وقاحة: لماذا نزلت البنات إلى المظاهرة أساسا؟
هؤلاء الذين رأوا مدرعات الجيش تدهس المتظاهرين فى ماسبيرو فكذبوا أعينهم واتهموا الأقباط بمهاجمة الجيش.. وهم أنفسهم الذين يتجاهلون الآن أن ترشيح أحمد شفيق مخالف للمنطق والقانون وأنه مسؤول عن قتل الشهداء فى موقعة الجمل وتهريب أموال مبارك وأولاده. المستأنسون يدعمون شفيق ويقولون إنه سيستعيد الأمن وهم يقصدون بالأمن النظام القديم الذى أفسدهم وتواءموا معه ويتوقون إليه.
لقد وضعت الثورة المجتمع المصرى أمام المرآة فظهرت التشوهات الجسيمة التى تركها فينا نظام مبارك، وفى نفس الوقت فإن إصرار المجلس العسكرى على الدفع بشفيق إلى رئاسة الجمهورية كان بمثابة المشهد الأخير الكاشف حين تسقط الأقنعة عن الجميع.. بينما تدفق ملايين المصريين الثوريين إلى الشوارع يرفضون عودة نظام مبارك من جديد على يد شفيق فإن المواطنين المستأنسين قد كشفوا عن مدى انتهازيتهم وكراهيتهم للثورة، ما إن تبين أن شفيق هو رئيس مصر القادم - بالتزوير - حتى تغير موقف مثقفين معروفين من تأييد الثورة إلى تأييد شفيق طمعاً فى مناصب يحلمون بتوليها من زمان. بعض الصحفيين الذين طالما دعموا الثورة تحولوا إلى الترويج لأحمد شفيق فى شكل حوارات تليفزيونية كانت بمثابة إعلانات صريحة لا نعلم من قبض ثمنها. حتى القنوات التليفزيونية الخاصة التى انحازت للثورة تحولت الآن إلى الترويج لشفيق ومنعت أى نقد يوجه إليه، إذ إن أصحاب هذه القنوات رجال أعمال يعلمون أن رضا الرئيس القادم سيدر عليهم ذهبا.
هذه لحظة الحقيقة. بينما ضرب المصريون الثوريون نموذجاً للعالم كله فى الشجاعة والتضحية من أجل الحرية والكرامة، فإن المواطنين المستأنسين لم يفهموا الثورة ولم يكونوا بحاجة إليها وهم فى الواقع لا يستحقونها، إنهم مذعنون فاسدون كل ما يشغلهم غنائمهم الرخيصة ومصالحهم الضيقة.. الصراع الآن بين الثورة ونظام مبارك الذى استوعب الصدمة الأولى وأعاد تنظيم صفوفه وهو يشن هجوما ضاريا ليستعيد السلطة على يد شفيق.. على أن ذلك يجب ألا يدفعنا إلى التشاؤم لأن الثورة تغيير عميق ما إن يبدأ حتى يمتد حتماً فى النهاية إلى كل جوانب المجتمع.
إن الثورات قد تتعثر خطواتها لكنها لا تنهزم أبدا. الثورة سلوك إنسانى فريد إذا تحقق لابد أن يستمر. الثورة معناها أن يفضل الإنسان فى لحظة ما مبادئه على مصالحه، أن يكسر حاجز الخوف ويتقبل الموت من أجل الحرية.. الثورة ميلاد جديد للشعب يتطهر فيه من أدرانه وأخطائه جميعاً ليبدأ حياة نظيفة عادلة وحرة. إن الروح التى تبعثها الثورة فى الأمة لا تموت أبداً مهما كثرت المؤامرات وتعددت المذابح.. الثورة مستمرة بإذن الله حتى تنتصر وتحقق أهدافها.
الديمقراطية هى الحل.
الأربعاء، 6 يونيو 2012
خيمة أحمد شفيق فى التحرير لوائل قنديل بالشروق
الذى يستمع إلى أحمد شفيق وهو يتحدث بكل هذه الحميمية عن الثورة التى أسقطته، ويشاهد تعبيرات وجهه وهو يحاول أن يثبت أنه ابن ٢٥ يناير بينما الإخوان هم أبناء مبارك، يكاد يتصور أن الجنرال هو قائد الثورة وملهمها، بما لا تستبعد معه أن يفاجئك بأنه كان معتصما فى خيمة خفية بميدان التحرير طوال الثمانية عشرة يوما المجيدة.
وطالما نعيش عصر المعلومات والتسريبات وفتح الصندوق الأسود، يصبح متوقعا أن نصحو على وثيقة رسمية تقول إن شفيق الذى يتفرد عن باقى المصريين بأنه قتل وانقتل، ربما استشهد يوم جمعة الغضب ثم عاد إلى الحياة فى موقعة الجمل.
إن الجنرال مصمم على أنه لا ينتمى لنظام مبارك، الذى عمل فيه وزيرا ورئيسا للوزراء، وتشبع بقيم المخلوع حتى وصل به الأمر إلى اعتباره مثله الأعلى، ورغم ذلك تجده فى حملته الانتخابية ينهل من أرشيف مبارك والحزب الوطنى المنحل فى سبيل دغدغة مشاعر الناخبين وإغرائهم بالتصويت له، وليس وعده بمكافأة الذين بوروا الأرض الزراعية وبنوا فوقها إلا عينة من إنتاج الماكينات الانتخابية للحزب الوطنى منذ يوسف والى وحتى أحمد عز.
لقد وعد شفيق المعتدين على القانون بالبناء على أراض زراعية بأنهم لن يعاقبوا وهذا خروج صارخ وفاضح عن القانون وقواعد اللعبة إذ إنه وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية فإن الوعد بميزة أو عطية من جانب أحد المرشحين يعد جريمة يعاقب عليها بالحبس.
كما أن قانون الانتخابات الرئاسية فى المادة ٥١ ثانيا: كل من أعطى آخر أو عرض أو التزم بأن يعطيه أو يعطى غيره فائدة لكى يحمله على الإدلاء بصوته فى انتخابات رئيس الجمهورية على وجه معين أو الامتناع عنه وكل من قبل أو طلب فائدة من ذلك القبيل لنفسه أو لغيره يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين.
«قانون ١٧٤ لسنة 2005 لتنظيم الانتخابات الرئاسية المعدل بالمرسوم بقانون رقم ١٢ لسنة 2012».
ولقد كان الجنرال واضحا وهو يلتزم على الهواء مباشرة بعدم محاسبة مغتصبى الأراضى الزراعية.
لقد قامت ثورة يناير التى يدعى الجنرال أنه سيحافظ عليها ويحميها لإرساء قيم العدل واحترام القانون، ولذلك اعتبرها متابعون ثورة أخلاقية بالأساس تهدف إلى إرساء منظومة قيم جديدة تحترم المواطن، وتخضع الجميع للقانون، وليس لكى توقظ قيم الفهلوة والشطارة والرشوة على نحو مخجل.
الدور الريادي للمسيحية العربية بقلم: فهد الريماوي عميد الصحفيين الاردنيين ورئيس تحرير جريدة المجد الاسبوعية المستقلة

على اديم زمن ملتبس وخلافي افترق فيه المبنى عن المعنى، والعنوان عن المضمون، والفعل عن الفاعل، والمبتدأ عن الخبر، والنعت عن المنعوت، تجهد المسيحية العربية لاعادة تعريف نفسها، وتظهير خطابها السياسي، وبلورة فهمها للواقع العربي السائد، واسترجاع دورها الوطني والقومي القديم
وفيما تتقاطر بعض القيادات الاسلامية للتطبيع مع العدو الصهيوني بذريعة الصلاة في الاقصى الاسير، وتتدافع جماعات الاسلام السياسي على ابواب لندن وباريس وواشنطن لتقديم اوراق الاعتماد، وشهادات حسن السير والسلوك، وضمانات الحفاظ على معاهدات الصلح مع العدو·· تنأى القيادات المسيحية العربية بنفسها عن هذا العبث والتهافت والهرولة المقيتة، وتعلن موقفها الحازم في رفض اي صلح او سلام مع العدو قبل اقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وجلاء هذا العدو عن كل شبر عربي محتل
كم هو لافت للنظر، وباعث على التأمل، ذلك الفارق النوعي الهائل بين موقف البابا القبطي المرحوم شنودة الذي رفض، على امتداد اربعين عاماً، السماح للاقباط بزيارة الاماكن المسيحية في القدس المحتلة ما دامت محتلة، وبين موقف الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية، الذي اتخذ الصلاة المباركة في الاقصى وسيلة للتطبيع الشنيع مع الغاصب اليهودي الذي يتحين اقرب الفرص لتدمير هذا المسجد العتيق
كم هو لافت للنظر، وباعث على المقارنة، ذلك الفارق السياسي والاخلاقي الواسع بين موقف الشيخ يوسف القرضاوي الذي افتى بقتل امرئ مسلم اسمه معمر القذافي دون محاكمة، واحل الاستقواء بحلف الناتو لتدمير ليبيا وسوريا، وبين موقف البطريرك الماروني اللبناني، بشارة الراعي الذي ادان اي تدخل اجنبي في الشؤون الداخلية العربية، واشاد بالنهج الاصلاحي الذي باشرته القيادة السورية منذ اكثر من سنة
قبل عقد من الزمان، توقف الكثير من ابناء امتنا العربية امام مفارقة مثيرة للدهشة تمثلت في قيام خادم الحرمين الذي كان ولياً للعهد آنذاك، بطرح مبادرته السياسية المعروفة على مؤتمر قمة بيروت عام 2002 خلواً من حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ولكن الرئيس اللبناني الماروني، اميل لحود الذي ترأس تلك القمة، رأى في تلك المبادرة انحيازاً لاسرائيل، ورفض بكل اصرار بحثها او مناقشتها، قبل اضافة بند "حق العودة" الى مسودتها·· وهكذا كان
ربما يطول حديث المقارنة بين ثبات معظم القيادات الروحية والسياسية المسيحية، من امثال المطران هيلاريون كبوجي، والمطران عطا الله حنا، والعماد ميشال عون، وبين تنازلات بعض قادة الاسلام السياسي، من امثال راشد الغنوشي، وسعد الكتاتني، وعلي البيانوني، ومصطفى عبد الجليل الذين فاجأوا الرأي العام العربي بتنازلات للعدو الصهيوني، ومساومات مع دول الاستعمار الامريكي والاوروبي والعثماني لم تكن تخطر على بال، او ترد حتى ولو في الخيال
شتان بين خطاب المسيحية العربية المتفهم للظروف الراهنة، والمتصف بالروية والاعتدال وبعد النظر، والمحكوم بذهنية توفيقية وتنويرية وتقدمية، وبين خطاب جمع غفير من المنابر والاقلام والفضائيات المحسوبة على الاسلاميين التي تتبارى في التحريض والتحشيد والتصعيد والتكفير والتنابز بالمذاهب والطوائف والملل والنحل وكل ما يفرق ولا يوفق، ويبدد ولا يوحد، ويؤجج نيران الفتن بدل اطفاء بؤر التوتر، واصلاح ذات البين
وليس خافياً على احد ان هذا الشطط في خطاب جملة من الحركات والجماعات الاسلامية سوف يقود حتماً، ليس الى مباعدة اسلامية - مسيحية داخل الوطن العربي فحسب، بل ايضاً الى انقسامات وافتراقات متعددة داخل الصف الاسلامي ذاته، والى صراعات دامية وحامية وطويلة المدى بين السنة والشيعة بشكل خاص، وبين الاسلاميين المعتدلين والمتطرفين بشكل عام
ولعل الغريب العجيب في هذا الخصوص، ان الجماعات الاسلامية التي ابتلعت فريضة الجهاد ضد العدو الصهيوني، وتعهدت بين يدي واشنطن باحترام اتفاقيات الصلح والتطبيع مع هذا العدو، وشدت الرحال مراراً وتكراراً الى عواصم الاستعمار ومراكز حلف الناتو، قد قلبت ظهر المجن لايران وحزب الله والطائفة الشيعية عموماً، وحرضت على ممارسة الارهاب الاسود ضد القلعة السورية الصامدة في وجه سائر المخططات الصهيونية والمشاريع التصفوية والاستسلامية
وبدل ان تهتبل هذه الجماعات فرصة "الربيع العربي" الذي اوصل بعضها الى سدة الحكم العربي، لتطوير خطابها، وتجديد طروحاتها، واعتماد منطق التفاهم والتقاسم والمقاربة والمشاركة مع القوى والمذاهب والطوائف والتشكيلات الاخرى، لجأت الى عكس ذلك - بكل اسف - حيث عمدت بفعل الغرور الى احتكار السلطة، ومذهبة الخطاب، واستبعاد الآخرين، وحتى تخوينهم وتكفيرهم ومصادرة حقهم في المعارضة والانتقاد، بوصفهم يعارضون حكومات مؤمنة وسلطات مقدسة لا يأتيها الباطل من بين ايديها ولا من خلفها
ورغم ان هذه المنظمات والجماعات المصابة بدوار الغرور، لا تسمع الا صوتها، ولا تقنع الا من لدن حلفائها، الا اننا نود ان ننصح لها بالابتعاد عن فقه التشدد والتفرد، وفكر الاحتكار والاستئثار، ومنطق الاستعلاء والمغالبة وتجاهل الآخرين·· ولعل نظرة عاجلة على تضاريس التاريخ العربي المعاصر، سوف تثبت ان كل القوى والاحزاب والتنظيمات التي تفردت بالحكم، واستحوذت على الشارع، وتنكرت للآخرين، قد خذلت نفسها قبل خذلان غيرها، واخفقت في تطبيق مشاريعها وتحقيق اهداف امتها، وبقيت كالمُنبتّ الذي لا ارضاً قطع، ولا ظهراً ابقى
على مدى التاريخ الاسلامي، ظلت الاكثرية السنية تقود ركب التطور والتجديد، وتخرج الافذاذ من العلماء والفقهاء، وتحكم بالكثير من الوسطية والسماحة والعقلانية والاتزان، وتنفر من غوائل الشطط والغلو والتعالي والانتقاص من حقوق الاقليات·· وليس في صالحها اليوم ان تنقلب على تاريخها، او تفتئت على غيرها، او تستقوي بالاجنبي على ابناء دينها وامتها مهما كانت مذاهبهم ومشاربهم، بل مهما بلغت الخلافات السياسية والعقائدية بينها وبينهم
وعليه، وفي عود على بدء، يمكننا القول ان المسيحية العربية التي دقت نواقيس اليقظة القومية قبل اكثر من قرن، وقدمت الكثير من العناء على دروب التقدم والتحرر والاستنهاض، قد اثبتت مجدداً هذا الاوان عمق مشاعرها الوطنية، وصدق اصالتها العروبية، وسعة افقها السياسي، وقوة بصيرتها الاستشرافية، وصوابية رهانها على امتها المشرقية، وليس الرهان - كما يفعل بعض الاسلاميين - على المحافل الغربية والاجنبية
وليس من المستبعد ان تُلقى على عاتق المسيحية العربية جملة مهمات ريادية وتنويرية وتثقيفية بالغة الاهمية والجدية، ما دام الصف الاسلامي مشغولاً في الوقت الراهن باستحضار سيوف موقعة صفين، ومحاربة الفنون بمختلف انواعها، واخضاع العمل السياسي، ليس للابحاث والدراسات والنظريات العلمية والعصرية، بل للفتاوى الوهابية العجيبة التي تبيح ارضاع الكبير، ومضاجعة الزوجة الميتة، وتغطية وجوه التماثيل، ورفع الاذان في مجلس النواب، ومحالفة الناتو ضد الاخ العربي والمسلم، وممارسة التطبيع باسم الصلاة في الاقصى
وفيما تتقاطر بعض القيادات الاسلامية للتطبيع مع العدو الصهيوني بذريعة الصلاة في الاقصى الاسير، وتتدافع جماعات الاسلام السياسي على ابواب لندن وباريس وواشنطن لتقديم اوراق الاعتماد، وشهادات حسن السير والسلوك، وضمانات الحفاظ على معاهدات الصلح مع العدو·· تنأى القيادات المسيحية العربية بنفسها عن هذا العبث والتهافت والهرولة المقيتة، وتعلن موقفها الحازم في رفض اي صلح او سلام مع العدو قبل اقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وجلاء هذا العدو عن كل شبر عربي محتل
كم هو لافت للنظر، وباعث على التأمل، ذلك الفارق النوعي الهائل بين موقف البابا القبطي المرحوم شنودة الذي رفض، على امتداد اربعين عاماً، السماح للاقباط بزيارة الاماكن المسيحية في القدس المحتلة ما دامت محتلة، وبين موقف الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية، الذي اتخذ الصلاة المباركة في الاقصى وسيلة للتطبيع الشنيع مع الغاصب اليهودي الذي يتحين اقرب الفرص لتدمير هذا المسجد العتيق
كم هو لافت للنظر، وباعث على المقارنة، ذلك الفارق السياسي والاخلاقي الواسع بين موقف الشيخ يوسف القرضاوي الذي افتى بقتل امرئ مسلم اسمه معمر القذافي دون محاكمة، واحل الاستقواء بحلف الناتو لتدمير ليبيا وسوريا، وبين موقف البطريرك الماروني اللبناني، بشارة الراعي الذي ادان اي تدخل اجنبي في الشؤون الداخلية العربية، واشاد بالنهج الاصلاحي الذي باشرته القيادة السورية منذ اكثر من سنة
قبل عقد من الزمان، توقف الكثير من ابناء امتنا العربية امام مفارقة مثيرة للدهشة تمثلت في قيام خادم الحرمين الذي كان ولياً للعهد آنذاك، بطرح مبادرته السياسية المعروفة على مؤتمر قمة بيروت عام 2002 خلواً من حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ولكن الرئيس اللبناني الماروني، اميل لحود الذي ترأس تلك القمة، رأى في تلك المبادرة انحيازاً لاسرائيل، ورفض بكل اصرار بحثها او مناقشتها، قبل اضافة بند "حق العودة" الى مسودتها·· وهكذا كان
ربما يطول حديث المقارنة بين ثبات معظم القيادات الروحية والسياسية المسيحية، من امثال المطران هيلاريون كبوجي، والمطران عطا الله حنا، والعماد ميشال عون، وبين تنازلات بعض قادة الاسلام السياسي، من امثال راشد الغنوشي، وسعد الكتاتني، وعلي البيانوني، ومصطفى عبد الجليل الذين فاجأوا الرأي العام العربي بتنازلات للعدو الصهيوني، ومساومات مع دول الاستعمار الامريكي والاوروبي والعثماني لم تكن تخطر على بال، او ترد حتى ولو في الخيال
شتان بين خطاب المسيحية العربية المتفهم للظروف الراهنة، والمتصف بالروية والاعتدال وبعد النظر، والمحكوم بذهنية توفيقية وتنويرية وتقدمية، وبين خطاب جمع غفير من المنابر والاقلام والفضائيات المحسوبة على الاسلاميين التي تتبارى في التحريض والتحشيد والتصعيد والتكفير والتنابز بالمذاهب والطوائف والملل والنحل وكل ما يفرق ولا يوفق، ويبدد ولا يوحد، ويؤجج نيران الفتن بدل اطفاء بؤر التوتر، واصلاح ذات البين
وليس خافياً على احد ان هذا الشطط في خطاب جملة من الحركات والجماعات الاسلامية سوف يقود حتماً، ليس الى مباعدة اسلامية - مسيحية داخل الوطن العربي فحسب، بل ايضاً الى انقسامات وافتراقات متعددة داخل الصف الاسلامي ذاته، والى صراعات دامية وحامية وطويلة المدى بين السنة والشيعة بشكل خاص، وبين الاسلاميين المعتدلين والمتطرفين بشكل عام
ولعل الغريب العجيب في هذا الخصوص، ان الجماعات الاسلامية التي ابتلعت فريضة الجهاد ضد العدو الصهيوني، وتعهدت بين يدي واشنطن باحترام اتفاقيات الصلح والتطبيع مع هذا العدو، وشدت الرحال مراراً وتكراراً الى عواصم الاستعمار ومراكز حلف الناتو، قد قلبت ظهر المجن لايران وحزب الله والطائفة الشيعية عموماً، وحرضت على ممارسة الارهاب الاسود ضد القلعة السورية الصامدة في وجه سائر المخططات الصهيونية والمشاريع التصفوية والاستسلامية
وبدل ان تهتبل هذه الجماعات فرصة "الربيع العربي" الذي اوصل بعضها الى سدة الحكم العربي، لتطوير خطابها، وتجديد طروحاتها، واعتماد منطق التفاهم والتقاسم والمقاربة والمشاركة مع القوى والمذاهب والطوائف والتشكيلات الاخرى، لجأت الى عكس ذلك - بكل اسف - حيث عمدت بفعل الغرور الى احتكار السلطة، ومذهبة الخطاب، واستبعاد الآخرين، وحتى تخوينهم وتكفيرهم ومصادرة حقهم في المعارضة والانتقاد، بوصفهم يعارضون حكومات مؤمنة وسلطات مقدسة لا يأتيها الباطل من بين ايديها ولا من خلفها
ورغم ان هذه المنظمات والجماعات المصابة بدوار الغرور، لا تسمع الا صوتها، ولا تقنع الا من لدن حلفائها، الا اننا نود ان ننصح لها بالابتعاد عن فقه التشدد والتفرد، وفكر الاحتكار والاستئثار، ومنطق الاستعلاء والمغالبة وتجاهل الآخرين·· ولعل نظرة عاجلة على تضاريس التاريخ العربي المعاصر، سوف تثبت ان كل القوى والاحزاب والتنظيمات التي تفردت بالحكم، واستحوذت على الشارع، وتنكرت للآخرين، قد خذلت نفسها قبل خذلان غيرها، واخفقت في تطبيق مشاريعها وتحقيق اهداف امتها، وبقيت كالمُنبتّ الذي لا ارضاً قطع، ولا ظهراً ابقى
على مدى التاريخ الاسلامي، ظلت الاكثرية السنية تقود ركب التطور والتجديد، وتخرج الافذاذ من العلماء والفقهاء، وتحكم بالكثير من الوسطية والسماحة والعقلانية والاتزان، وتنفر من غوائل الشطط والغلو والتعالي والانتقاص من حقوق الاقليات·· وليس في صالحها اليوم ان تنقلب على تاريخها، او تفتئت على غيرها، او تستقوي بالاجنبي على ابناء دينها وامتها مهما كانت مذاهبهم ومشاربهم، بل مهما بلغت الخلافات السياسية والعقائدية بينها وبينهم
وعليه، وفي عود على بدء، يمكننا القول ان المسيحية العربية التي دقت نواقيس اليقظة القومية قبل اكثر من قرن، وقدمت الكثير من العناء على دروب التقدم والتحرر والاستنهاض، قد اثبتت مجدداً هذا الاوان عمق مشاعرها الوطنية، وصدق اصالتها العروبية، وسعة افقها السياسي، وقوة بصيرتها الاستشرافية، وصوابية رهانها على امتها المشرقية، وليس الرهان - كما يفعل بعض الاسلاميين - على المحافل الغربية والاجنبية
وليس من المستبعد ان تُلقى على عاتق المسيحية العربية جملة مهمات ريادية وتنويرية وتثقيفية بالغة الاهمية والجدية، ما دام الصف الاسلامي مشغولاً في الوقت الراهن باستحضار سيوف موقعة صفين، ومحاربة الفنون بمختلف انواعها، واخضاع العمل السياسي، ليس للابحاث والدراسات والنظريات العلمية والعصرية، بل للفتاوى الوهابية العجيبة التي تبيح ارضاع الكبير، ومضاجعة الزوجة الميتة، وتغطية وجوه التماثيل، ورفع الاذان في مجلس النواب، ومحالفة الناتو ضد الاخ العربي والمسلم، وممارسة التطبيع باسم الصلاة في الاقصى
الاثنين، 4 يونيو 2012
قبل أن تدلى بصوتك فى الإعادة بالمصرى اليوم

ماذا تفعل لو كنت تلعب فى فريق كرة قدم وأثناء المباراة وجدت الحكم منحازا بشكل فاضح للفريق المنافس؟!.. ماذا تفعل لو رأيت الحكم يلغى أهدافا صحيحة لصالح فريقك، بينما يفعل كل شىء حتى يفوز الفريق المنافس بلا وجه حق؟! .. هل تكمل المباراة وأنت تعلم أن الحكم لن يسمح لك بالفوز أبدا وأنه سيمنح الفوز لمنافسك بالتزوير، أم تعلن احتجاجك على هذا الحكم الظالم وتنسحب من المباراة؟!
هذا هو الاختيار الذى يواجه الثورة المصرية اليوم.. لقد وثقت الثورة فى المجلس العسكرى وعهدت إليه بإدارة المرحلة الانتقالية حتى يحقق أهداف الثورة ويُعد البلاد لديمقراطية حقيقية، لكن المجلس العسكرى حافظ على نظام مبارك ودعمه بكل قوة حتى يقضى على الثورة. وقد نفذ نظام مبارك مخططاً دقيقاً لإجهاض الثورة وإعادة عصابات مبارك إلى السلطة: بدءاً من تشويه الثوار واتهامهم بالعمالة، ثم استهداف شباب مصر بمذابح بشعة تم خلالها قتل مئات المواطنين وفقء عيونهم بالخرطوش وهتك أعراض بنات مصر.. إلى اصطناع انفلات أمنى وأزمات مفتعلة تضغط على المواطنين حتى يكرهوا الثورة، وانتهى الأمر بدفع أحمد شفيق إلى الرئاسة ليعيد كل شىء إلى ما كان عليه قبل الثورة، ثم كانت آخر ضربة وجهها نظام مبارك إلى الثورة عندما حكم القاضى أحمد رفعت بانقضاء الدعوى ضد جمال وعلاء مبارك وبراءة جميع مساعدى وزير الداخلية العادلى المسؤولين عن قتل وإصابة آلاف المصريين.. الآن وقد تم تنفيذ المخطط بدقة نجد أنفسنا أمام جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية بين اختيارين: إما أحمد شفيق، رجل مبارك المخلص، أو محمد مرسى، مرشح الإخوان المسلمين.. فى وسط هذا المشهد الضبابى عزيزى القارئ وقبل أن تدلى بصوتك فى انتخابات الإعادة علينا أن نتذكر بعض الحقائق:
أولاً: إن المادة 28 تمنح اللجنة العليا للانتخابات الحصانة، فتحرم المواطن من حقه فى التقاضى والاعتراض على قراراتها. هذه المادة من تراث الاستبداد، كما وصفتها محكمة القضاء الإدارى، كما أنها مخالفة للمنطق والقانون، بل هى مخالفة للإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى الذى يمنع تحصين القرارات الادارية ضد الطعن مهما تكن الأسباب.. يقول ترزية القوانين الذين يعملون فى خدمة المجلس العسكرى إن المادة 28 تم الاستفتاء عليها ولا يجوز إلغاؤها إلا باستفتاء، وهذا القول مردود عليه بأن المصريين قد صوتوا فى الاستفتاء الشهير على 9 تعديلات فى دستور 1971، ثم قام المجلس العسكرى بإهدار نتيجة الاستفتاء وأصدر إعلانا دستوريا من 63 مادة فرضه على المصريين بغير أن يستشيرهم. كما أنه مد حالة الطوارئ دون عمل استفتاء عليها كما جاء فى التعديلات الدستورية. المجلس العسكرى يستعد الآن لإصدار إعلان دستورى مكمل سيفرضه على المصريين. المجلس العسكرى خالف القانون مراراً وتكراراً حتى ينفذ ما يريد، ولو أنه أراد إلغاء المادة 28 لفعل، لكنه يريد الإبقاء على هذه المادة حتى يستطيع فى ظلها أن يدفع بأحمد شفيق إلى رئاسة الجمهورية.
ثانياً: وفقا لما أعلنه المستشار زكريا عبدالعزيز، نائب رئيس محكمة النقض، فقد ارتكبت اللجنة العليا خطأ قانونياً جسيماً عندما سمحت لأحمد شفيق بالترشح للرئاسة. لقد كان واجبها أن تطبق على «شفيق» قانون العزل الذى أقره البرلمان، لكنها امتنعت بغير وجه حق عن تنفيذ قانون العزل وأحالته إلى المحكمة الدستورية لتبت فيه، وسمحت فى الوقت نفسه لـ«شفيق» بالترشح.. وهنا نكتشف أن الأخطاء القانونية تحيط باللجنة العليا من كل جانب.. لأنها بالرغم من تشكيلها من قضاة فإنها لجنة إدارية ليس من حقها إحالة القوانين إلى المحكمة الدستورية إطلاقا.. وإذا افترضنا - جدلا - أن اللجنة العليا للانتخابات لجنة قضائية فقد ارتكبت خطأ قانونيا جسيماً آخر: فقد كان من واجبها أن توقف الانتخابات حتى تبت المحكمة الدستورية فى قانون العزل. لكنها سمحت لـ«شفيق» بالاستمرار فى الترشح للرئاسة، بينما وضعه القانونى مهدد بقرار من المحكمة الدستورية.. هذا الخطأ جعل منصب رئيس الجمهورية فى مهب الريح.. فلو فاز شفيق بالرئاسة وأقرت المحكمة الدستورية قانون العزل سيتحتم عندئذ خلع شفيق من منصبه وإعادة الانتخابات. ولو خسر شفيق فى الإعادة وفاز محمد مرسى ثم تم إقرار قانون العزل فسوف يتحتم أيضا عزل مرسى من منصب الرئيس وإعادة الانتخابات، لأن الأصوات التى حصل عليها شفيق أثناء ترشحه غير القانونى كان من الممكن أن تذهب لمنافسيه مما يحتم إعادة انتخابات الرئاسة. من هنا يطالب المستشار زكريا عبدالعزيز بإلغاء الانتخابات برمتها لأن نتيجتها ستكون غير شرعية ولا دستورية فى كل الأحوال.
ثالثاً: لأول مرة فى تاريخ مصر يترشح مواطن لمنصب رئيس الجمهورية، بينما تلاحقه بلاغات فساد بلغ عددها 35 بلاغاً لم يحقق فيها أحد وظلت تتأرجح بين مكتب النائب العام والقضاء العسكرى لمدة عام ونصف العام، وفى النهاية تم تجاهلها حماية لـ«شفيق» وإصراراً من المجلس العسكرى على الدفع به للرئاسة. إن اتهاما واحدا بالفساد فى الدول الديمقراطية كفيل بالإطاحة برئيس الجمهورية، أما فى مصر فإن 35 اتهاما بالفساد تم دفنها تحقيقاً لرغبة المجلس العسكرى فى تنصيب أحمد شفيق رئيسا لمصر.. السؤال الآن: ماذا يحدث لو فاز شفيق بالرئاسة ثم تمت ادانته فى قضايا الفساد وحكم عليه بالسجن؟ هل سيمارس مهامه كرئيس للجمهورية من محبسه أم سننتظر حتى تنتهى فترة ولايته كرئيس ليخرج من القصر الجمهورى إلى السجن مباشرة؟! هذه المهزلة وحدها كفيلة بنزع الشرعية عن أى انتخابات فى أى دولة.
رابعاًَ: الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة شابتها مخالفات جسيمة ووقائع تزوير فاحش. أرجو هنا ألا نعول كثيرا على المراقبين الدوليين لأن كثيرين منهم يعملون وفقا لمصالح الدول الكبرى. قبل الانتخابات بأيام دعانى الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر إلى لقائه مع مجموعة من المثقفين هم: الأستاذ الدكتور جلال أمين والأستاذة راجية عمران والدكتور خالد فهمى.. تحاورنا معه حول نشاط المنظمة التى يرأسها فى مراقبة الانتخابات، خلال هذا اللقاء ترسخ عندى انطباع بأن السيد «كارتر» قد جاء إلى مصر لا ليراقب الانتخابات وإنما لكى يشهد بنزاهتها. أذكر أننى قلت له إن بعض مرشحى الرئاسة يشترون أصوات الفقراء بالمال والزيت والسكر وإن وقائع شراء الأصوات بهذه الطريقة موثقة فى تسجيلات فيديو موجودة على الإنترنت.. هنا ابتسم السيد «كارتر» وقال:
- أنا أعتبر هذه طريقة لمساعدة الفقراء، وهى تحدث فى بلاد كثيرة.
بعد هذا الكلام أنا لا أعتبر شهادة كارتر على الانتخابات المصرية ملزمة لى ولا أعتد بها أبدا.. إن الانتخابات الرئاسية شابتها وقائع تزوير عديدة كلها مسجلة وموثقة بدءا من تصويت المتوفين إلى تصويت العسكريين لصالح شفيق بالمخالفة للقانون الذى يمنعهم من التصويت، إلى ترك صناديق الانتخابات ليلة كاملة وحدها، ومنع مندوبى المرشحين من حراستها، إلى ترك صناديق الانتخابات التى تحمل أصوات المصريين فى الخارج لمدة أسبوع كامل فى القنصليات دون رقابة ولا حراسة. أستدعى هنا شهادة المستشار وليد شرابى «عضو جمعية قضاة من أجل مصر» الذى أكد أن أعداد الناخبين قد تم التلاعب فيها بشكل فاضح من أجل تسهيل التزوير.. فقد تمت زيادة عدد الناخبين المصريين منذ الاستفتاء فى مارس 2011 وحتى الانتخابات الرئاسية بواقع 5 ملايين و874 ألفاً و525 ناخبا، تمت إضافتهم خلال 14 شهراً فقط.. الأمر الذى لا يمكن تفسيره بطريقة طبيعية، حيث إن المواطنين الذين بلغوا سن الانتخاب «18 عاما» هذا العام عددهم أقل من مليون مواطن، مما يؤكد أن الإضافة لهذا العدد الكبير من الناخبين جاءت فى سياق تزوير متعمد للانتخابات، الأمر الذى جعل المستشار وليد شرابى يدعو المصريين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، لأنها باطلة ومزورة، ويطالب بإلغائها بالكامل وإعادتها بعد تغيير أعضاء اللجنة العليا للانتخابات.
إن أكبر خطأ يقع فيه المصريون أن يعتبروا جولة الإعادة انتخابات حقيقية بين مرشح «الإخوان» محمد مرسى ومرشح «العسكرى» أحمد شفيق. إن الإعادة إذا جرت فى ظل هذا العوار فسوف تدفع بـ«شفيق» إلى الرئاسة حتماً وبلا أى احتمال آخر. لو ارتفع الإخوان المسلمون إلى مستوى المسؤولية الوطنية لكان لزاماً عليهم أن يطالبوا هم أنفسهم بإلغاء الانتخابات وإعادتها بعد عزل شفيق ومحاكمته. لكن للأسف فإن الإخوان يكررون أخطاءهم بحذافيرها، وما إن تلوح أمامهم فرصة لتولى السلطة حتى تعميهم عن أى اعتبار آخر مهما تكن أهميته.
إن انتخابات الإعادة غير شرعية وسوف يتم تزويرها، كما تم تزوير الجولة الأولى، من أجل تولى شفيق الرئاسة.. وإذا اعترض المصريون على التزوير بعد أن يتولى شفيق الرئاسة فسوف يتم قمعهم بشدة. هكذا أكد المجلس العسكرى فى صفحته الخاصة على «فيس بوك» عندما كتب: «من يعترض على نتيجة الإعادة سوف نقطع يده، لأنه يريد أن يفسد عرس الديمقراطية».. هذا التهديد ذاته كرره أحمد شفيق فى لقاء مع أعضاء غرفة التجارة الأمريكية نقلت وقائعه جريدة «نيويورك تايمز» فى عدد 27 مايو .. قال شفيق بالحرف:
« إذا توليت الرئاسة سأستعيد الأمن فى شهر واحد وسأستعمل القوة الوحشية والإعدامات».. لعلها المرة الأولى فى التاريخ التى يهدد فيها مرشح للرئاسة مواطنيه بإعدامهم ثم يطلب منهم انتخابه فى الوقت نفسه.
عزيزى القارئ.. إذا ذهبت لتدلى بصوتك فى الإعادة فأنت تمنح شفيق رئاسة مصر، لا شرعية لانتخابات الإعادة إلا بعد تطبيق قانون العزل على شفيق ومحاكمته على قضايا الفساد والتحقيق فى وقائع التزوير وإلغاء المادة 28، ثم إعادة الانتخابات.
إذا لم تتحقق هذه المطالب المشروعة فلن أشترك فى مسرحية الإعادة. سأذهب يوم الانتخابات وأبطل صوتى، وإذا أبطل عدد كبير من الناخبين أصواتهم ستكون تلك رسالة قوية لتأكيد عدم شرعية الانتخابات.. أى شرعية لرئيس جاء إلى منصبه عبر كل هذه المخالفات الجسيمة، وأى شرعية لرئيس سيكون عدد الأصوات الباطلة أكثر من أصوات مؤيديه؟!.. الثورة مستمرة حتى نضغط على المجلس العسكرى من أجل إجراء انتخابات عادلة سليمة تستحقها مصر بعد الثورة.
الديمقراطية هى الحل.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)